الْوزر الْكَائِن فِي الْجَاهِلِيَّة من ترك الْأَفْضَل والذهاب إِلَى الْفَاضِل، وَعَن الْحُسَيْن بن الْفضل: يَعْنِي الْخَطَأ والسهو، وَقيل: ذنُوب أمتك فأضافها إِلَيْهِ لاشتغال قلبه بهَا واهتمامه لَهَا.
أنْقَضَ أثْقَلَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وزرك الَّذِي أنقض ظهرك} (الشَّرْح: ٢، ٣) وَفَسرهُ بقوله: (أثقل) بالثاء الْمُثَلَّثَة وَالْقَاف وَاللَّام، وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن جرير: أخبرنَا ابْن عبد الْأَعْلَى حَدثنَا ابْن ثَوْر عَن معمر عَن قَتَادَة، وَقَالَ عِيَاض: كَذَا فِي جَمِيع النّسخ: اتقن، بمثناة وقاف وَنون وَهُوَ وهم، وَالصَّوَاب: أثقل، مثل مَا ضبطناه، تَقول الْعَرَب أنقض الْجمل ظهر النَّاقة إِذا أثقلها وَعَن الْفراء: كسر ظهرك حَتَّى سمع نقيضه وَهُوَ صَوته.
{مَعَ العُسْرِ يُسْرا} (الشَّرْح: ٥، ٦) قَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ أيْ مَعَ العُسْرِ يُسْرا آخَرَ كَقَوْلِهِ: {هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إلَاّ إحْدَى الحُسْنَيَيْنِ وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَينِ} .
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَإِن مَعَ الْعسر يسرا إِن مَعَ الْعسر يسر} وَابْن عُيَيْنَة هُوَ سُفْيَان، وَقد فسر قَوْله: (مَعَ الْعسر يسرا) بقوله: إِن مَعَ ذَلِك الْعسر يسرا آخر، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى قَول النُّحَاة: إِن الْمعرفَة إِذا أُعِيدَت معرفَة تكون الثَّانِيَة عين الأولى، والنكرة إِذا أُعِيدَت نكرَة تكون غَيرهَا. قَوْله: (كَقَوْلِه: هَل تربصون بِنَا إلَاّ إِحْدَى الحسنيين) وَجه التَّشْبِيه أَنه كَمَا ثَبت للْمُؤْمِنين تعدد الْحسنى كَذَا ثَبت لَهُم تعدد الْيُسْر، قَوْله: (وَلنْ يغلب عسر يسرين) وَقَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا حَدِيث أَو أثر، وعَلى كلا التَّقْدِيرَيْنِ لَا يَصح عطفه على مقوله قلت: يبين أَنه حَدِيث وَأثر، بل تردد فِيهِ، وَقد رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعا مَوْصُولا ومرسلاً وَرُوِيَ مَوْقُوفا أما الْمَرْفُوع فقد أخرجه ابْن مرْدَوَيْه من حَدِيث جَابر بِإِسْنَاد ضَعِيف، وَلَفظه: أوحى إِلَى أَن مَعَ الْعسر يسرا وَلنْ يغلب عسر يسرين، وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد الرَّزَّاق من حَدِيث ابْن مَسْعُود. قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَو كَانَ الْعسر فِي جُحر لدخل الْيُسْر حَتَّى يُخرجهُ، وَلنْ يغلب عسر يسرين. وَقَالَ (إِن مَعَ الْعسر يسرا) وَإِسْنَاده ضَعِيف، وَأما الْمُرْسل فَأخْرجهُ عبد بن حميد من طَرِيق قَتَادَة. قَالَ: ذكر لنا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بشر أَصْحَابه بِهَذِهِ الْآيَة. وَقَالَ: (لن يغلب عسر يسرين) إِن شَاءَ الله، وَأما الْمَوْقُوف فَأخْرجهُ مَالك عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه كتب إِلَى أبي عُبَيْدَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يَقُول: مهما تنزل بأَمْري شدَّة يَجْعَل الله لَهُ بعْدهَا فرجا، وَإنَّهُ لن يغلب عسر يسرين، وَقَالَ الْحَاكِم: صَحَّ ذَلِك عَن عمر وَعلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَهُوَ فِي (الْمُوَطَّأ) عَن عمر لكنه مُنْقَطع.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: فَانْصَبْ فِي حَاجَتَكَ إلَى رَبِّكَ
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِذا فرغت فانصب} (الشَّرْح: ٧) يَعْنِي: انصب فِي حَاجَتك يَعْنِي: إِذا فرغت عَن الْعِبَادَة فاجتهد فِي الدُّعَاء فِي قَضَاء الْحَوَائِج، وروى أَبُو جَعْفَر عَن مُحَمَّد بن عمر وَحدثنَا أَبُو عَاصِم حَدثنَا عِيسَى عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد بِلَفْظ: إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فانصب فِي حَاجَتك إِلَى رَبك، وَعَن ابْن عَبَّاس: إِذا فرغت مِمَّا فرض الله عَلَيْك من الصَّلَاة فسل الله وارغب إِلَيْهِ وانصب لَهُ، وَقَالَ قَتَادَة: أمره إِذا فرغ من صلَاته أَن يُبَالغ فِي دُعَائِهِ، وَقَوله: فانصب من النصب وَهُوَ التَّعَب فِي الْعَمَل، وَهُوَ من نصب ينصب من بَاب علم يعلم.
وَيُذْكَرُ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ: {ألَمْ نَشْرَحَ لَكَ صَدْرَكَ} (الشَّرْح: ١) شَرَحَ الله صَدْرَهُ لِلإسْلامِ
رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، وَفِي إِسْنَاده راو ضَعِيف، وَعَن الْحسن: ملأناه حلما وعلما. قَالَ مقَاتل: وسعناه بعد ضيقه.
٥٩ - (سُورَةُ: {وَالتِّينِ} )
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة والتين، وَهِي مَكِّيَّة، وَقيل: مَدَنِيَّة، وَهِي مائَة وَخَمْسُونَ حرفا، وَأَرْبع وَثَلَاثُونَ كلمة، وثمان آيَات.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ هُوَ التِّينُ وَالزَّيْتُونُ الَّذِي يَأْكُلُ النَّاسُ
رَوَاهُ عَنهُ عَن شَبابَة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح، عَنهُ قَالَ: التِّين وَالزَّيْتُون الْفَاكِهَة الَّتِي يَأْكُل النَّاس، وَعَن قَتَادَة: التِّين الْجَبَل