للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقد ذكرنَا وَجه الْمُطَابقَة للتَّرْجَمَة. قَوْله: (قَالَ أَبُو عبد الله) هُوَ البُخَارِيّ نَفسه. قَوْله: (وَزَادَنِي مُحَمَّد) أَي: فِي الحَدِيث الْمَذْكُور، وَقد اخْتلف فِي مُحَمَّد هَذَا، فَزعم الجياني أَن مُحَمَّدًا هَذَا هُوَ الذهلي، وَاقْتصر عَلَيْهِ الْمزي فِي تهذيبه) فَقَالَ: يُقَال: الذهلي وَوَقع فِي رِوَايَة أبي عَليّ بن السكن: مُحَمَّد بن سَلام. ومحاضر، بِضَم الْمِيم على وزن اسْم الْفَاعِل من المحاضرة من الْحُضُور ضد الْغَيْبَة: ابْن الْمُوَرِّع، بِضَم الْمِيم وَفتح الْوَاو وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة وَفِي آخِره عين مُهْملَة: الْهَمدَانِي اليامي، مَاتَ سنة سِتّ وَمِائَتَيْنِ، اسْتشْهد بِهِ البُخَارِيّ، وَأخرج لَهُ مُسلم فَرد حَدِيث (من يدعوني فأستجيب لَهُ؟) الحَدِيث، وَهُوَ صَدُوق مُغفل، قَالَ أَحْمد: كَانَ مغفلاً جدا. وَقيل: لم يخرج البُخَارِيّ عَنهُ إلَاّ تَعْلِيقا، لَكِن ظَاهر هَذَا الْموضع الْوَصْل.

قَوْله: (مَا أَرَاهَا) أَي: مَا أرى صَفِيَّة إلَاّ حابستكم عَن النَّفر. قَوْله: (كنت طفت؟) أَصله: أَكنت طفت بالاستفهام عَن طوافها يَوْم النَّحْر. قَوْله: (فاعتمري) أَي: قَالَ لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فاعتمري، وَإِنَّمَا أمرهَا بالاعتمار لتطييب قَلبهَا حِين أَرَادَت أَن تكون لَهَا عمْرَة مُنْفَرِدَة مُسْتَقلَّة كَمَا لسَائِر أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ، وَإِنَّمَا خص التَّنْعِيم بِالذكر مَعَ أَن جَمِيع جِهَات الْحل سَوَاء فِيهِ وَالْإِحْرَام من التَّنْعِيم غير وَاجِب أما لِأَنَّهُ كَانَ أسهل عَلَيْهَا، وَأما لغَرَض آخر. وَقَالَ القَاضِي عِيَاض بِوُجُوب الْإِحْرَام مِنْهُ، قَالَ: وَهُوَ مِيقَات الْمُعْتَمِر من مَكَّة. قَوْله: (فَخرج مَعهَا أَخُوهَا) ، أَي: فَخرج مَعَ عَائِشَة خوها عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، قَوْله: (فلقيناه) أَي: لَقينَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَائِل هَذَا هُوَ عَائِشَة أَرَادَت أَنَّهَا وأخاها لقيا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مدلجا أَي: حَال كَونه مدلجا، أَي سائرا من آخر اللَّيْل فَإِنَّهُمَا لما رجعا إِلَى الْمنزل بعد أَن قَضَت عَائِشَة الْعمرَة صادفا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُتَوَجها إِلَى طواف الْوَدَاع، وَقد ذكرنَا أَن مدلجا بتَشْديد الدَّال وَهُوَ السّير من آخر اللَّيْل، وَأما الإدلاج بِسُكُون الدَّال فَهُوَ السّير من أول اللَّيْل، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب. قَوْله: (فَقَالَ موعدك) أَي: قَالَ النَّبِي لعَائِشَة: موعدك، وَأَرَادَ بِهِ مَوضِع الْمنزلَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: الْموعد هُوَ مَوضِع تكلم بِهَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووعدها الِاجْتِمَاع لمَكَان كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّهُ مَكَان وَفَاء الْعَهْد. قلت: الْموعد مصدر ميمي بِمَعْنى الْمَوْعُود وَالْمَكَان مُقَدرا، والوعد الَّذِي فِي ضمن اسْم الْمَكَان هُوَ بِمَعْنى الْمَوْعُود. انْتهى. قلت: فِيهِ تعسف لَا يخفى، وَالْحَاصِل أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما لقيهمَا قَالَ لعَائِشَة: مَوضِع الْمنزلَة كَذَا وَكَذَا، يَعْنِي تكون الملاقاة هُنَاكَ حَتَّى إِذا عَاد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من طَوَافه للوداع يجْتَمع بهَا هُنَاكَ للرحيل، وَالله تَعَالَى أعلم.

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

٦٢ - (أبوابُ العُمْرَةِ)

١ - (وجوبُ العُمْرَةِ وفَضْلُهَا)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان أَحْكَام الْعمرَة، وَلَيْسَت الْبَسْمَلَة مَذْكُورَة فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَإِنَّمَا التَّرْجَمَة هَكَذَا فِي رِوَايَته عَن الْمُسْتَمْلِي: أَبْوَاب الْعمرَة، بَاب وجوب الْعمرَة وفضلها، وَعند الْمُسْتَمْلِي فِي رِوَايَته غير أبي ذَر سقط. قَوْله: (أَبْوَاب الْعمرَة) وَفِي كتاب أبي نعيم فِي الْمُسْتَخْرج) : كتاب الْعمرَة، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وكريمة، بَاب الْعمرَة وفضلها، فَقَط أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان الْعمرَة وَفِي بَيَان فَضلهَا.

وَالْعمْرَة فِي اللُّغَة: الزِّيَارَة، يُقَال اعْتَمر فَهُوَ مُعْتَمر أَي زار وَقصد، وَقيل: إِنَّهَا مُشْتَقَّة من عمَارَة الْمَسْجِد الْحَرَام، وَفِي الشَّرْع الْعمرَة: زِيَارَة الْبَيْت الْحَرَام بِشُرُوط مَخْصُوصَة، ذكرت فِي كتب الْفِقْه.

وَقَالَ ابنُ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا لَيْسَ أحَدٌ إلَاّ وعَلَيْهِ حَجَّةٌ وعُمْرَةٌ

لما كَانَت التَّرْجَمَة مُشْتَمِلَة على بَيَان وجوب الْعمرَة وَبَيَان فَضلهَا قدم بَيَان وُجُوبهَا أَولا، وَاسْتدلَّ عَلَيْهِ بِهَذَا التَّعْلِيق الَّذِي ذكره عَن عبد الله بن عمر، وَوَصله ابْن أبي شيبَة عَن أبي خَالِد الْأَحْمَر عَن ابْن جريج عَن نَافِع: أَن ابْن عمر كَانَ يَقُول: (لَيْسَ من خلق الله تَعَالَى أحد إلَاّ وَعَلِيهِ حجَّة وَعمرَة واجبتان) ، وَرَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِم من طَرِيق ابْن جريج عَن نَافِع عَنهُ مثله بِزِيَادَة: (من اسْتَطَاعَ إِلَى ذَلِك سَبِيلا، فَمن زَاد على هَذَا فَهُوَ تطوع وَخير) . وَقَالَ سعيد بن أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>