وَقَوْلِ الله تَعَالَى: {وَهُزِّي إلَيْكَ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تَسَّاقَطْ عَلَيْكَ رُطبا جَنِيا (مَرْيَم: ٢٥) [/ ح.
قَوْله: {هزي} خطاب لِمَرْيَم أم عِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام أَي: حركي جذع النَّخْلَة، وَكَانَت لَيْسَ لَهَا سعف وَلَا كرانيف وَلَا عذوق وَكَانَت فِي مَوضِع يُقَال لَهُ: بَيت لحم. وَهِي قَرْيَة قريبَة من بَيت الْمُقَدّس على ثَلَاثَة أَمْيَال، وَكَانَت لما حملت بِعِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، خَافت على نَفسهَا من قَومهَا فَخرجت مَعَ ابْن عَمها يُوسُف طالبة أَرض مصر، فَلَمَّا وصلت إِلَى النَّخْلَة وأدركها النّفاس احتضنتها النَّخْلَة وَأَحْدَقَتْ بهَا الْمَلَائِكَة فنوديت {أَن لَا تحزني قد جعل رَبك تَحْتك سريا} أَي: نَهرا وَلم يكن هُنَاكَ نهر وَلَا عين، وَقيل: المُرَاد بالسري عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، وعَلى الأول الْجُمْهُور، وَقَالَ مقَاتل: لما سقط عِيسَى على الأَرْض ضرب بِرجلِهِ فنبع المَاء واطلعت النَّخْلَة وأورقت وأثمرت، وَقيل لَهَا: (وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة) أَي: حركيه {تساقط عَلَيْك رطبا جنيا} أَي: غضا طريا، وَقَالَ الرّبيع بن خَيْثَم: مَا للنفساء عِنْدِي خير من الرطب، وَلَا للْمَرِيض من الْعَسَل، ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة رَوَاهُ عبد بن حميد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو يعلى الْموصِلِي من حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَفعه قَالَ: أطعموا نفساءكم الْوَلَد الرطب، فَإِن لم يكن رطب فتمر وَلَيْسَ من الشّجر شَجَرَة أكْرم على الله تَعَالَى من شَجَرَة نزلت تحتهَا مَرْيَم، عَلَيْهَا السَّلَام، وَقِرَاءَة الْجُمْهُور: تساقط، بتَشْديد السِّين وَأَصله: تتساقط، فأبدلت من إِحْدَى التَّاءَيْنِ سين وأدغمت السِّين فِي السِّين، وَقِرَاءَة حَمْزَة بِالتَّخْفِيفِ، وَهِي رِوَايَة عَن أبي عمر، وعَلى حذف إِحْدَى التَّاءَيْنِ وفيهَا قراآت شَاذَّة.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورِ بنِ صَفِيَّةَ: حَدَّثَتْنِي أُُمِّي عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنْها. قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَدْ شَبِعْنا مِنَ الأسْوَدَيْنِ: التَّمْرِ وَالمَاءِ.
مطابقته هَذَا التَّعْلِيق عَن مُحَمَّد بن يُوسُف شيخ البُخَارِيّ للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. .
وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَمَنْصُور بن صَفِيَّة، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَكسر الْفَاء وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: بنت شيبَة بن عُثْمَان من بني عبد الداربن قصي، ذكرت فِي الصحابيات، روى عَنْهَا ابْنهَا مَنْصُور بن عبد الرَّحْمَن بن طَلْحَة بن الْحَارِث بن طَلْحَة بن أبي طَلْحَة الحَجبي.
والْحَدِيث قد مر عَن قريب فِي: بَاب من أكل حَتَّى شبع، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَإِطْلَاق الْأسود على المَاء من بَاب التغليب، وَكَذَلِكَ الشِّبَع مَكَان الرّيّ.
٤١ - (بَابُ: {الرُّطَبِ وَالتَّمْرِ} )
أَي: هَذَا بَاب فِي الرطب وَالتَّمْر، وَرُبمَا أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن التَّمْر لَهُ فضل على غَيره من الأقوات فَلذَلِك ذكر. قَوْله: {وهزي إِلَيْك} (مَرْيَم: ٢٥) الْآيَة على مَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَقد روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: بَيت لَا تمر فِيهِ جِيَاع أَهله، وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب، وَالرّطب وَالتَّمْر من طيب مَا خلق الله عز وَجل وأباحه للعباد، وَهُوَ طَعَام أهل الْحجاز وعمدة أقواتهم، وَقد دَعَا إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، لتمر مَكَّة بِالْبركَةِ ودعا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لتمر الْمَدِينَة بِمثل مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَلَا تزَال الْبركَة فِي تمرهم وثمارهم إِلَى السَّاعَة. وَقد وَقع فِي كتاب ابْن بطال: بَاب الرطب بِالتَّمْرِ بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَلَيْسَ فِي حَدِيث الْبَاب مثل لذَلِك.
وَقَوْلِ الله تَعَالَى: {وَهُزِّي إلَيْكَ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تَسَّاقَطْ عَلَيْكَ رُطبا جَنِيا (مَرْيَم: ٢٥) [/ ح.
قَوْله: {هزي} خطاب لِمَرْيَم أم عِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام أَي: حركي جذع النَّخْلَة، وَكَانَت لَيْسَ لَهَا سعف وَلَا كرانيف وَلَا عذوق وَكَانَت فِي مَوضِع يُقَال لَهُ: بَيت لحم. وَهِي قَرْيَة قريبَة من بَيت الْمُقَدّس على ثَلَاثَة أَمْيَال، وَكَانَت لما حملت بِعِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، خَافت على نَفسهَا من قَومهَا فَخرجت مَعَ ابْن عَمها يُوسُف طالبة أَرض مصر، فَلَمَّا وصلت إِلَى النَّخْلَة وأدركها النّفاس احتضنتها النَّخْلَة وَأَحْدَقَتْ بهَا الْمَلَائِكَة فنوديت {أَن لَا تحزني قد جعل رَبك تَحْتك سريا} أَي: نَهرا وَلم يكن هُنَاكَ نهر وَلَا عين، وَقيل: المُرَاد بالسري عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، وعَلى الأول الْجُمْهُور، وَقَالَ مقَاتل: لما سقط عِيسَى على الأَرْض ضرب بِرجلِهِ فنبع المَاء واطلعت النَّخْلَة وأورقت وأثمرت، وَقيل لَهَا: (وهزي إِلَيْك بجذع النَّخْلَة) أَي: حركيه {تساقط عَلَيْك رطبا جنيا} أَي: غضا طريا، وَقَالَ الرّبيع بن خَيْثَم: مَا للنفساء عِنْدِي خير من الرطب، وَلَا للْمَرِيض من الْعَسَل، ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة رَوَاهُ عبد بن حميد وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَأَبُو يعلى الْموصِلِي من حَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَفعه قَالَ: أطعموا نفساءكم الْوَلَد الرطب، فَإِن لم يكن رطب فتمر وَلَيْسَ من الشّجر شَجَرَة أكْرم على الله تَعَالَى من شَجَرَة نزلت تحتهَا مَرْيَم، عَلَيْهَا السَّلَام، وَقِرَاءَة الْجُمْهُور: تساقط، بتَشْديد السِّين وَأَصله: تتساقط، فأبدلت من إِحْدَى التَّاءَيْنِ سين وأدغمت السِّين فِي السِّين، وَقِرَاءَة حَمْزَة بِالتَّخْفِيفِ، وَهِي رِوَايَة عَن أبي عمر، وعَلى حذف إِحْدَى التَّاءَيْنِ وفيهَا قراآت شَاذَّة.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورِ بنِ صَفِيَّةَ: حَدَّثَتْنِي أُُمِّي عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنْها. قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَدْ شَبِعْنا مِنَ الأسْوَدَيْنِ: التَّمْرِ وَالمَاءِ.
مطابقته هَذَا التَّعْلِيق عَن مُحَمَّد بن يُوسُف شيخ البُخَارِيّ للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. .
وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَمَنْصُور بن صَفِيَّة، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَكسر الْفَاء وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: بنت شيبَة بن عُثْمَان من بني عبد الداربن قصي، ذكرت فِي الصحابيات، روى عَنْهَا ابْنهَا مَنْصُور بن عبد الرَّحْمَن بن طَلْحَة بن الْحَارِث بن طَلْحَة بن أبي طَلْحَة الحَجبي.
والْحَدِيث قد مر عَن قريب فِي: بَاب من أكل حَتَّى شبع، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَإِطْلَاق الْأسود على المَاء من بَاب التغليب، وَكَذَلِكَ الشِّبَع مَكَان الرّيّ.
٥٤٤٣ - حدَّثنا سَعِيدُ بنُ أبِي مَرْيَمَ حدَّثنا أبُو غَسَّانَ. قَالَ: حدَّثني أبُو حَازِمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ عَبْدِ الله بنِ أبِي رَبِيعَةَ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ الله رَضِيَ الله عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ بِالمَدِينَةِ يَهُودِي وَكَانَ يُسْلِفُنِي فِي تَمْرِي إلَى الجِذَاذِ، وَكَانَتْ لِجَابِرٍ الأرْضُ الَّتِي بِطَرِيقِ رُومَةَ، فَجَلَسَتْ نَخْلاً عَاما فَجَاءَنِي اليَهُودِيُّ عِنْدَ الجِذَاذِ وَلَمْ أجُذَّ مِنْهَا شَيْئا، فَجَعَلْتُ أسْتَنْظِرُهُ إلَى قَابِلٍ فَيَأْتِي، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ لأصْحَابِهِ: امْشوا نَسْتَنْظِر لِجابِرٍ مِنَ اليَهُودِيِّ فَجَاؤُنِي فِي نَخْلِي، فَجَعَلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يِكَلِّمُ اليَهُودِيَّ فَيَقُولُ: أبَا القَاسِمِ لَا أُنْظِرُهُ! فَلَمَّا رَآهُ النبيُّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَامَ فَطَافَ فِي النَّخْلِ ثُمَّ جَاءَهُ فَكَلَّمَهُ فَأبَى. فَقُمْتُ فَجِئْتُ بِقَلِيلٍ رُطِبٍ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَي النبيِّ، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأكَلَ ثُمَّ قَالَ: أيْنَ عَرِيشُكَ يَا جَابِرُ؟ فَأخْبَرْتُهُ فَقَالَ: افْرُشْ لِي فِيهِ فَفَرَشْتُهُ فَدَخَلَ فَرَقَدَ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، فَجِئْتُهُ بِقَبْضَةٍ أُخْرَى فَأكَلَ مِنْها ثُمَّ قَامَ فَكَلَمَ اليَهُودِيُّ فَأبَى عَلَيْهِ فَقَامَ فِي الرِّطابِ فِي النَّخْلِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ قَالَ: يَا جَابِرُ خُذُّ وَاقْضِ فَوَقَفَ فِي الجَذَاذِ