فَجَذَذْتُ مِنْهَا مَا قَضَيْتُهُ وَفَضَلَ مِثْلُهُ فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَبَشَّرْتُهُ. فَقَالَ: أشْهَدُ أنِّي رَسُولُ الله.
مطابقته للجزء الأول من التَّرْجَمَة فِي ذكر الرطب فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وَأَبُو غَسَّان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة وبالنون اسْمه مُحَمَّد بن مطرف، وَأَبُو حَازِم سَلمَة بن دِينَار، وَإِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي، وَاسم أبي ربيعَة عَمْرو، وَيُقَال: حُذَيْفَة، وَكَانَ يلقب ذَا الرمحين، وَهُوَ من مسلمة الْفَتْح وَولى الْجند من بِلَاد الْيمن لعمر ابْن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. فَلم يزل بهَا حَتَّى جَاءَ لسنة حصر عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لِيَنْصُرهُ فَسقط عَن رَاحِلَته فَمَاتَ ولإبراهيم عَنهُ رِوَايَة فِي النَّسَائِيّ قَالَ أَبُو حَاتِم: إِنَّهَا مُرْسلَة وَلَيْسَ لإِبْرَاهِيم فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث وَأمه أم كُلْثُوم بنت أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَله رِوَايَة عَن أمه وخالته عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَهَذَا من أَفْرَاده، وَرَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْقَاسِم: حَدثنَا يحيى بن صاعد حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور وَسَعِيد بن أبي مَرْيَم بِهِ سَوَاء، ثمَّ قَالَ: هَذِه الْقِصَّة رَوَاهَا المعروفون فِيمَا كَانَ على أبي جَابر، وَالسَّلَف إِلَى الْجذاذ مِمَّا لَا يُجِيزهُ البُخَارِيّ وَغَيره فَفِي هَذَا الْإِسْنَاد نظر، وَكَذَا قَالَ ابْن التِّين: الَّذِي فِي أَكثر الْأَحَادِيث أَن الدّين كَانَ على وَالِد جَابر، وَأجِيب بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْإِسْنَاد من ينظر فِي حَاله سوى إِبْرَاهِيم، وَقد ذكره ابْن حبَان فِي (ثِقَات التَّابِعين) وروى عَنهُ أَيْضا وَلَده إِسْمَاعِيل وَالزهْرِيّ. قلت: قَالَ ابْن الْقطَّان: لَا يعرف حَاله وَأجِيب: عَن قَوْله: وَالسَّلَف إِلَى الْجذاذ مِمَّا لَا يُجِيزهُ البُخَارِيّ بِأَنَّهُ يُعَارضهُ الْأَمر بالسلم إِلَى أجل مَعْلُوم فَيحمل على أَنه وَقع فِي الِاقْتِصَار على الْجذاذ اختصارا وَأَن الْوَقْت كَانَ فِي الأَصْل معينا. وَمن قَوْله: هَذِه الْقِصَّة رَوَاهَا المعروفون فِيهَا كَانَ على أبي جَابر، بِأَن الْقِصَّة مُتعَدِّدَة فَفعل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّخل الْمُخْتَص بجابر فِيمَا كَانَ عَلَيْهِ من الدّين كَمَا فعل فِيمَا كَانَ على وَالِده من الدّين، وَالله أعلم.
قَوْله: (يسلفني) ، بِضَم الْيَاء، من الإسلاف. قَوْله: (إِلَى الْجذاذ) ، بِكَسْر الْجِيم وَيجوز فتحهَا وبالذال الْمُعْجَمَة وَيجوز أهمالها أَي: زمن قطع ثَمَر النّخل وَهُوَ الصرام. قَوْله: (وَكَانَت لجَابِر الأَرْض الَّتِي بطرِيق رومة) ، فِيهِ الْتِفَات من الحضرة إِلَى الْغَيْبَة، وَكَانَ الْقيَاس أَن يُقَال: وَكَانَت لي الأَرْض الَّتِي بطرِيق رومة. فَإِن قلت: هَل يجوز أَن يكون مدرجا من كَلَام الرَّاوِي؟ قلت: يمنعهُ مَا رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي (الْمُسْتَخْرج) من طَرِيق الرَّمَادِي عَن سعيد بن أبي مَرْيَم شيخ البُخَارِيّ فِيهِ: وَكَانَت الأَرْض لي بطرِيق رومة، بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْوَاو، وَهِي الْبِئْر الَّتِي اشْتَرَاهَا عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وسبلها، وَهِي فِي نفس الْمَدِينَة. وَقيل: إِن رومة رجل من بني غفار كَانَت لَهُ الْبِئْر قبل أَن يَشْتَرِيهَا عُثْمَان فنسبت إِلَيْهِ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: رومة بِضَم الرَّاء مَوضِع، وَفِي بَعْضهَا بِضَم الدَّال الْمُهْملَة بدل الرَّاء ولعلها دومة الجندل، وَقَالَ بَعضهم وَنقل الْكرْمَانِي: أَن فِي بعض الرِّوَايَات دومة بدال بدل الرَّاء ولعلها دومة الجندل قَالَ: وَهَذَا بَاطِل، لِأَن دومة الجندل إِذْ ذَاك لم تكن فتحت حَتَّى يُمكن أَن يكون لجَابِر فِيهَا أَرض انْتهى. قلت: هَذَا الَّذِي قَالَه بَاطِل لِأَن الَّذِي فِي الحَدِيث بطرِيق رومة، وَهَذَا ظَاهر، وَأما رِوَايَة الدَّال فمعناها: كَانَت لجَابِر أَرض كائنة بِالطَّرِيقِ الَّتِي يُسَافر مِنْهَا إِلَى دومة: الجندل، وَلَيْسَ مَعْنَاهَا الَّتِي بدومة الجندل حَتَّى يُقَال: لِأَن دومة الجندل إِذْ ذَاك لم تكن فتحت، ودومة الجندل على عشر مراحل من الْمَدِينَة. قَوْله: (فَجَلَست) ، كَذَا هُوَ بِالْجِيم وَاللَّام فِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ وَأبي ذَر، وَعَلِيهِ أَكثر الروَاة، وَالضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى الأَرْض أَي: فَجَلَست الأَرْض من الأثمار نخلا بالنُّون وَالْخَاء الْمُعْجَمَة أَي: من جِهَة النّخل قَالَ عِيَاض: وَكَانَ أَبُو مَرْوَان من سراج يصوب هَذِه الرِّوَايَة إلَاّ أَنه يضبطها على صِيغَة الْمُتَكَلّم بِضَم التَّاء ويفسره أَي: تَأَخَّرت عَن الْقَضَاء، وَيَقُول: فَخَلا، بِالْفَاءِ وَالْخَاء الْمُعْجَمَة وَاللَّام الْمُشَدّدَة من التَّخْلِيَة. أَي: تَأَخّر السّلف عَاما. وَقَالَ: وَوَقع للأصيلي: فحبست، بحاء مُهْملَة ثمَّ بَاء مُوَحدَة على صِيغَة الْمَجْهُول، وَفِي رِوَايَة أبي الْهَيْثَم فخاست، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَبعد الْألف سين مُهْملَة يَعْنِي: خَالَفت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute