بَيَان استنباط الْأَحْكَام فِيهِ: اسْتِحْبَاب التَّطَيُّب للمغتسلة من الْحيض وَالنّفاس على جَمِيع الْمَوَاضِع الَّتِي أَصَابَهَا الدَّم من بدها قَالَ المحالي: لِأَنَّهُ أسْرع إِلَى الْعلُوق وأدفع للرائحة الكريهة، وَاخْتلف فِي وَقت اسْتِعْمَالهَا لذَلِك: فَقَالَ بَعضهم: بعد الْغسْل، وَقَالَ آخرونه قبله. وَفِيه: أَنه لَا عَار على من سَأَلَ عَن أَمر دينه. وَفِيه: اسْتِحْبَاب تطييب فرج الْمَرْأَة يَأْخُذ قِطْعَة من صوف وَنَحْوهَا، وَتجْعَل عَلَيْهَا مسكاً أَو نَحوه وَتدْخلهَا فِي فرجهَا بعد الْغسْل، وَالنُّفَسَاء مثلهَا. وَفِيه: التَّسْبِيح عِنْد التَّعَجُّب. وَفِيه: اسْتِحْبَاب الْكِنَايَات بِمَا يتَعَلَّق بالعورات. وَفِيه: سُؤال الْمَرْأَة الْعَالم عَن أحوالها الَّتِي تحتشم مِنْهَا وَلِهَذَا قَالَت عَائِشَة فِي نسَاء الْأَنْصَار: (لم يمنعهن الحاير أَن يتفقهن فِي الدّين) وَفِيه الِاكْتِفَاء بالتعريض وَالْإِشَارَة فِي الْأُمُور المستهجنة. وَفِيه: تَكْرِير الْجَواب لإفهام السَّائِل. وَفِيه: تَفْسِير كَلَام الْعَالم بِحَضْرَتِهِ لمن خَفِي عَلَيْهِ إِذا عرف أَن ذَلِك يُعجبهُ. وَفِيه: أَن السَّائِل إِذا لم يفهم فهمه بعض من فِي مجْلِس الْعَالم والعالم يسمع، وَأَن ذَلِك سَماع من الْعَالم يجوز أَن يَقُول فِيهِ: حَدثنِي وَأَخْبرنِي. وَفِيه: الْأَخْذ عَن الْمَفْضُول مَعَ وجود الْفَاضِل وحضرته. وَفِيه: صِحَة الْعرض على الْمُحدث إِذا أقره، وَلَو لم يقل عَقِيبه نعم. وَفِيه: أَنه لَا يشْتَرط فهم السَّامع لجَمِيع مَا يسمعهُ. وَفِيه: الرِّفْق بالمتعلم وَإِقَامَة الغذر لمن لَا يفهم. وَفِيه: أَن الْمَرْء مَطْلُوب بستر عيوبه. وَفِيه: دلَالَة على حسن خلقه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
١٤ - (بابُ غُسْلِ المَحِيضِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْغسْل من الْحيض، وَغسل الْمَرْأَة من الْحيض كغسلها من الْجَنَابَة سَوَاء، غير أَنَّهَا تزيد على ذَلِك اسْتِعْمَال الطّيب، وَهَذَا الْبَاب فِي الْحَقِيقَة لَا فَائِدَة فِي ذكره، لِأَن الحَدِيث الَّذِي فِيهِ هُوَ الحَدِيث الْمَذْكُور فِي الْبَاب الَّذِي قبله، غير أَن ذَلِك عَن يحيى عَن ابْن عُيَيْنَة عَن مَنْصُور، وَهَذَا عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن وهيب بن خَالِد عَن مَنْصُور.
٣١٥ - حدّثنا مُسْلِمٌ قالَ حدّثنا وُهَيْبٌ حدّثنا مَنْصُورٌ عَنْ أُمَّهِ عَنْ عائِشَةَ أنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ قالَتْ ل لنَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَيْفَ اغْتَسِلُ مِنَ المَحيضِ قالَ خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةٌ فَتَوَضَئِي ثَلَاثًا ثُمَّ أنَّ النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتَحْيَا فاعْرِضَ بِوَجْهِهِ أَو قالَ تَوَضَئِي بِهَا فَاخَذْتُهَا فَجَذِبْتَها فأخْبَرْتُها بِمَا يُرِيدُ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
(انْظُر الحَدِيث ٣١٤ وطرفه) [/ ح.
قيل: التَّرْجَمَة لغسل الْمَحِيض، والْحَدِيث لم يدل عَلَيْهَا فَلَا مُطَابقَة. قلت: إِن كَانَ لفظ الْغسْل فِي التَّرْجَمَة بِفَتْح الْغَيْن، والمحيض اسْم مَكَان، فَالْمَعْنى ظَاهر، وَإِن كَانَ بِضَم الْغَيْن والمحيض مصدر فالإضافة بِمَعْنى اللَّام الاختصاصية، فَلهَذَا ذكر خَاصَّة هَذَا الْغسْل وَمَا بِهِ يمتاز عَن سَائِر الِاغْتِسَال.
الْكَلَام فِيمَا يتَعَلَّق بِهِ قد مضى فِي الْبَاب الَّذِي قبله. قَوْله: (وتوضئي ثَلَاثًا) وَفِي بَعْضهَا: فتوضئي. قَوْله: (ثَلَاثًا) يتَعَلَّق: يُقَال، أَي: يُقَال ثَلَاث مَرَّات لَا تتوضئي، وَيحْتَمل تعلقه بقالت أَيْضا بِدَلِيل الحَدِيث الْمُتَقَدّم. قَوْله: (أَو قَالَ) شكّ من عَائِشَة، وَالْفرق بَين الرِّوَايَتَيْنِ زِيَادَة لَفظه بهَا يَعْنِي: تطهري بالفرصة، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن عَسَاكِر بِالْوَاو من غير شكّ. قَوْله: (مِمَّا يُرِيد) أَي: يتتبع أثر الدَّم وَإِزَالَة الرَّائِحَة الكريهة من الْفرج.
١٥ - (بابُ امْتِشاطِ المَرْأَةِ عِنْدَ غُسْلِها مِنَ المَحِيضِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان امتشاط الْمَرْأَة، وَهُوَ تَسْرِيح رَأسهَا عِنْد غسلهَا من الْمَحِيض أَي: الْحيض.
وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن فِي كل مِنْهُمَا مَا يشْعر بِزِيَادَة التَّنْظِيف والنقاء، وَلَا يحفى ذَلِك على المتأمل.
٣١٦ - حدّثنا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ قالَ حدّثنا إبْرَاهِيمُ قالَ حدّثنا ابْنُ شِهابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَن عائِشَةَ قالَتْ أهْلْلتُ مَعَ رسولِ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ فَكُنْتُ مِمَّنْ تَمَتَّعَ وَلَمْ يَسُقِ الهَدْيَ فَزَعَمَتْ أنَّها حاضَتْ وَلَمْ تَطْهُرْ حَتَّى دَخَلَتْ لَيْلَةُ عَرَفَةَ فقالَتْ يَا رسولَ اللَّهِ هاذِهِ لَيْلَةُ عَرَفَةَ وَإنَّما كُنْتُ تَمَتَّعْتُ فَقَالَ لَها رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي