مطابقته لما قبله ظَاهِرَة. وغندر بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون هُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَعبد الْملك هُوَ ابْن عُمَيْر وَصرح بِهِ فِي رِوَايَة مُسلم، وَفِي رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة: لَا يزَال أَمر النَّاس مَاضِيا مَا وليهم اثْنَا عشر رجلا، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: لَا يزَال هَذَا الدّين عَزِيزًا إِلَى اثْنَي عشر خَليفَة. وَقَالَ الْمُهلب: لم ألق أحدا يقطع فِي هَذَا الحَدِيث بِمَعْنى، فقوم يَقُولُونَ: يكون اثْنَا عشر أَمِيرا بعد الْخلَافَة الْمَعْلُومَة مرضيين، وَقوم يَقُولُونَ: يكونُونَ متواليين إمارتهم، وَقوم يَقُولُونَ: يكونُونَ فِي زمن وَاحِد كلهم من قُرَيْش يَدعِي الْإِمَارَة، فَالَّذِي يغلب عَلَيْهِ الظَّن أَنه إِنَّمَا أَرَادَ أَن يخبر بأعاجيب مَا يكون بعده من الْفِتَن حَتَّى يفْتَرق النَّاس فِي وَقت وَاحِد على اثْنَي عشر أَمِيرا وَمَا زَاد على الاثْنَي عشر فَهُوَ زِيَادَة فِي التَّعَجُّب، كَأَنَّهُ أنذر بِشَرْط من الشُّرُوط وَبَعضه يَقع، وَلَو أَرَادَ، غير هَذَا لقَالَ يكون اثْنَا عشر أَمِيرا يَفْعَلُونَ كَذَا ويصنعون كَذَا، فَلَمَّا أعراهم من الْخَبَر علمنَا أَنه أَرَادَ أَن يخبر بكونهم فِي زمن وَاحِد.
قيل: هَذَا الحَدِيث لَهُ طرق غير الرِّوَايَة الَّتِي ذكرهَا البُخَارِيّ مختصرة. وَأخرج أَبُو دَاوُد هَذَا الحَدِيث من طَرِيق إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن أَبِيه عَن جَابر بن سَمُرَة بِلَفْظ: لَا يزَال هَذَا الدّين قَائِما حَتَّى يكون عَلَيْكُم اثْنَا عشر خَليفَة كلهم تَجْتَمِع عَلَيْهِ الْأمة. وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ من وَجه آخر عَن الْأسود بن سعيد عَن جَابر بن سَمُرَة بِلَفْظ: لَا يضرهم عَدَاوَة من عاداهم.
وَقيل: فِي هَذَا الْعدَد سؤالان. أَحدهمَا: أَنه يُعَارضهُ ظَاهر قَوْله فِي حَدِيث سفينة الَّذِي أخرجه أَصْحَاب السّنَن الْأَرْبَعَة وَصَححهُ ابْن حبَان وَغَيره: الْخلَافَة بعدِي ثَلَاثُونَ سنة ثمَّ تكون ملكا، لِأَن الثَّلَاثِينَ لم يكن فِيهَا إلَاّ الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة، وَأَيَّام الْحسن بن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. وَالثَّانِي: أَنه ولي الْخلَافَة أَكثر من هَذَا الْعدَد.