للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم يكن للمهاجرين الْأَوَّلين أَن يقيموا بِمَكَّة إلَاّ ثَلَاثَة أَيَّام بعد الصَّدْر فَدَعَا لَهُم بالثبات على ذَلِك. قَوْله: قَوْله: (لَكِن البائس) بِالْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ من أَصَابَهُ الْبُؤْس أَي: الْفقر وَسُوء الْحَال. وَقَالَ الْكرْمَانِي: البائس شَدِيد الْحَاجة وَهُوَ مَنْصُوب بقوله: قَوْله: (لَكِن) إِن كَانَت مُشَدّدَة هُوَ وَخَبره. قَوْله: (سعد بن خَوْلَة) وَإِن كَانَت مُخَفّفَة يكون البائس مُبْتَدأ وَخَبره سعد بن خَوْلَة، وَهُوَ من بني عَامر بن لؤَي من أنفسهم عِنْد الْبَعْض وحليف لَهُم عِنْد آخَرين، وَكَانَ من مهاجرة الْحَبَشَة الْهِجْرَة الثَّانِيَة فِي قَول الْوَاقِدِيّ، وَإِنَّمَا رثي لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لكَونه مَاتَ بِمَكَّة وَهِي الأَرْض الَّتِي هَاجر مِنْهَا. وَفِي (التَّوْضِيح) : وَإِنَّمَا رثى لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ قَالَ: كل من هَاجر من بَلَده يكون لَهُ ثَوَاب الْهِجْرَة من الأَرْض الَّتِي هَاجر مِنْهَا إِلَى الأَرْض الَّتِي هَاجر إِلَيْهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، فَحرم ذَلِك لما مَاتَ بِمَكَّة، وَقيل: رَجَعَ إِلَى مَكَّة بعد شُهُوده بَدْرًا وَقد أَطَالَ الْمقَام بهَا بِغَيْر عذر وَلَو كَانَ لَهُ عذر، لم يَأْثَم وَكَانَ مَوته فِي حجَّة الْوَدَاع. وَقد قَالَ ابْن مزين من الْمَالِكِيَّة: إِنَّمَا رثى لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ أسلم وَأقَام بِمَكَّة وَلم يُهَاجر، وأنكروا ذَلِك عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْدُود من الْبَدْرِيِّينَ عِنْد أهل الصَّحِيح كَمَا ذكره البُخَارِيّ وَغَيره.

وَقَوله: (قَالَ سعد) أَي: سعد بن أبي وَقاص: رثى لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يرد قَول من زعم أَن فِي الحَدِيث إدارجاً وَأَن قَوْله: رثى لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من قَول الزُّهْرِيّ. فَإِن قلت: ورد فِي بعض طرقه: وَفِيه قَالَ الزُّهْرِيّ ... إِلَى آخِره قلت، هَذَا يرجع إِلَى اخْتِلَاف الروَاة عَن الزُّهْرِيّ هَل وصل هَذَا الْقدر عَن سعد أَو قَالَ من قبل نَفسه؟ وَالْحكم للوصل لِأَنَّهُ مَعَ رَاوِيه زِيَادَة علم وَهُوَ حَافظ. قَوْله: (رثى لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، أَي: ترحم عَلَيْهِ ورق لَهُ من جِهَة وَفَاته بِمَكَّة وَهُوَ معنى قَوْله: قَوْله: (من أَن توفّي بِمَكَّة) أَي: من أجل أَنه مَاتَ بِمَكَّة الَّتِي هَاجر مِنْهَا وَكَانَ يتَمَنَّى أَن يَمُوت بغَيْرهَا فَلم يُعْط متمناه.

٥٤ - (بابُ الِاسْتِعَاذَة من أرذل العُمُرِوِ ومنْ فِتْنَةِ الدُّنْيا وفِتْنَةِ النَّارِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الِاسْتِعَاذَة من أرذل الْعُمر وَقد مر تَفْسِيره غير مرّة. قَوْله: وَمن فتْنَة الدُّنْيَا، قد ذكرنَا أَن المُرَاد بِهِ الدَّجَّال. قَوْله: وَمن فتْنَة النَّار، رَأْي من عَذَاب النَّار، وَفِي بعض النّسخ كَذَلِك: وَمن عَذَاب النَّار.

٤٧٣٦ - حدّثنا إسْحَاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ أخبرنَا الحُسَيْنُ عنْ زائِدَةَ عنْ عَبْدِ المَلِكِ عنْ مُصْعَبٍ عنْ أبِيهِ قَالَ: تَعَوَّذُوا بِكَلِماتٍ كَانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَتَعَوَّذ بِهِنَّ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وأعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وأعُوذُ بِك مِنْ أنْ أُرَدَّ إِلَى أرْذَلِ العُمُرِ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ فتْنَةِ الدُّنْيا وعَذَابِ القَبْرِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن نصر السَّعْدِيّ البُخَارِيّ، وَقيل: إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه، وَالْحُسَيْن هُوَ ابْن عَليّ بن الْوَلِيد الْجعْفِيّ الْكُوفِي، وزائدة هُوَ ابْن قُدامة أَبُو الصَّلْت الْكُوفِي، وَعبد الْملك هُوَ ابْن عُمَيْر، وَمصْعَب هُوَ ابْن سعد يروي عَن أَبِيه سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بَاب التَّعَوُّذ من الْبُخْل، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

٥٧٣٦ - حدّثنا يَحْيَى بنُ مُوسَى حَدثنَا وَكِيعٌ حدّثنا هِشامُ بنُ عُروةَ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِن الكَسَلِ والهَرَمِ والمَغْرَمِ والمَأْثَمِ، اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذ بِكَ من عذَابِ النَّارِ وفِتْنةِ النَّار وَفِتْنَةِ القَبْرِ وعَذَابِ القَبْرِ وشَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى وشَرِّ فِتْنَةِ الفَقْرِ ومِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ إغْسِلْ خَطَاياي بماءِ الثلْجِ والبَرَدِ ونَقِّ قَلْبِي مِنَ الخَطايا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، وباعِدْ بَيْنِي وبَيْنَ خطايايَ كَمَا باعَدْتَ بَيْنَ المَشرقِ والمَغْرِبِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (والهرم) لِأَنَّهُ فسر بأرذل الْعُمر. والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الدَّعْوَات أَيْضا عَن أبي كريب. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَليّ بن مُحَمَّد، وَقد مضى شَرحه.

<<  <  ج: ص:  >  >>