وَفِيه ترَتّب الحكم على رُؤْيا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام وَفِيه تَقْدِيم الْخطْبَة على التَّعْلِيم وتقريب الْبعيد فِي الطَّاعَة وتسهيل الْمَشَقَّة فِيهَا بِحسن التلطف والتدريج إِلَيْهَا -
٣ - (بابُ تَحَرِّي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي الوِتْرِ مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان طلب لَيْلَة الْقدر بِالِاجْتِهَادِ فِي الْوتر من الْعشْر الْأَوَاخِر، مثل: الْحَادِي وَالْعِشْرين، وَالثَّالِث وَالْعِشْرين، وَالْخَامِس وَالْعِشْرين، وَالسَّابِع وَالْعِشْرين وَالتسع وَالْعِشْرين. وَأَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى أَن لَيْلَة الْقدر منحصرة فِي الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان، لَا فِي لَيْلَة مِنْهُ بِعَينهَا، وروى مُسلم وَالنَّسَائِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (أريت لَيْلَة الْقدر ثمَّ أيقظني بعض أَهلِي فنسيتها، فالتمسوها فِي الْعشْر الغوابر) . وروى الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من رِوَايَة عَاصِم بن كُلَيْب عَن أَبِيه أَن خَاله الفلتان بن عَاصِم أخبرهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أما لَيْلَة الْقدر فالتمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر) . وروى النَّسَائِيّ من حَدِيث طَوِيل لأبي ذَر، وَفِيه: (فِي السَّبع الْأَوَاخِر) ، وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي بكرَة: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: (التمسوها فِي تسع يبْقين، أَو خمس يبْقين، أَو ثَلَاث تبقين، أَو آخر لَيْلَة) . وَقَالَ: حَدِيث حسن صَحِيح، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضا وَالْحَاكِم، وَقَالَ: صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ. وروى ابْن أبي عَاصِم بِسَنَد صَالح عَن معَاذ ابْن جبل، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (سُئِلَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن لَيْلَة الْقدر؟ فَقَالَ: فِي الْعشْر الْأَوَاخِر) . فِي الْخَامِسَة أَو السَّابِعَة) . وَعَن أبي الدَّرْدَاء بِسَنَد فِيهِ ضعف، قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان، فَإِن الله تَعَالَى يفرق فِيهَا كل أَمر حَكِيم، وفيهَا أنزلت التَّوْرَاة وَالزَّبُور وصحف مُوسَى وَالْقُرْآن الْعَظِيم، وفيهَا غرس الله الْجنَّة وجبل طِينَة آدم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
وَقد ورد لليلة الْقدر عَلَامَات: مِنْهَا: فِي (صَحِيح مُسلم) : عَن أبي بن كَعْب: (أَن الشَّمْس تطلع فِي صبيحتها لَا شُعَاع لَهَا) وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ الْبَزَّار فِي (مُسْنده) من حَدِيث جَابر بن سَمُرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (التمسوا لَيْلَة الْقدر فِي الْعشْر الْأَوَاخِر، فَإِنِّي قد رَأَيْتهَا فنسيتها، وَهِي لَيْلَة مطر وريح، أَو قَالَ: قطر وريح) . وَقَالَ أَبُو عمر فِي (الاستذكار) : هَذَا يدل على أَنه أَرَادَ فِي ذَلِك الْعَام. وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِنِّي كنت أريت لَيْلَة الْقدر ثمَّ نسيتهَا، وَهِي فِي الْعشْر الْأَوَاخِر، وَهِي طَلْقَة بلجة لَا جَارة وَلَا بَارِدَة، كَأَن فِيهَا قمرا يفصح كواكبها، لَا يخرج شيطانها حَتَّى يضيء فجرها. وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ أَحْمد من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت مَرْفُوعا. (أَنَّهَا صَافِيَة بلجة كَأَن فِيهَا قمرا ساطعا، سَاكِنة ضاحية لَا حر فِيهَا وَلَا برد، وَلَا يحل لكوكب يَرْمِي بِهِ فِيهَا، وَأَن من أمارتها أَن الشَّمْس فِي صبيحتها تخرج مستوية لَيْسَ لَهَا شُعَاع، مثل الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر، لَا يحل للشَّيْطَان أَن يخرج مَعهَا يَوْمئِذٍ) . وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ لبن أبي شيبَة من حَدِيث ابْن مَسْعُود (إِن الشَّمْس تطلع كل يَوْم بَين قَرْني شَيْطَان إِلَّا صبحية لَيْلَة الْقدر) وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: (أَن الْمَلَائِكَة تِلْكَ اللَّيْلَة أَكثر فِي الأَرْض من عدد الْحَصَى) . وَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق مُجَاهِد: (لَا يُرْسل فِيهَا شَيْطَان وَلَا يحدث دَاء) ، وَمن طَرِيق الضَّحَّاك: (يقبل الله التَّوْبَة فِيهَا من كل تائب، وتفتح فِيهَا أَبْوَاب السَّمَاء، وَهِي من غرُوب الشَّمْس إِلَى طُلُوعهَا) . وَذكر الطَّبَرِيّ عَن قوم أَن الْأَشْجَار فِي تِلْكَ اللَّيْلَة تسْقط إِلَى الأَرْض، ثمَّ تعود إِلَى منابتها، وَأَن كل شَيْء يسْجد فِيهَا. وروى الْبَيْهَقِيّ فِي فَضَائِل الْأَوْقَات من طَرِيق الْأَوْزَاعِيّ عَن عَبدة بن أبي لبَابَة أَنه سَمعه يَقُول: (إِن الْمِيَاه المالحة تعذب تِلْكَ اللَّيْلَة) . وروى أَبُو عمر من طَرِيق زهرَة بن معبد نَحوه.
فِيهِ عِبَادَةُ
أَي: فِي هَذَا الْبَاب حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَيَجِيء فِي الْبَاب الَّذِي يَلِيهِ، ويروى: فِيهِ عَن عبَادَة.
٧١٠٢ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ جَعْفَرٍ قَالَ حدَّثنا أبُو سُهَيْلٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الَعَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْ رَمَضانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute