ابتلعته، وَالْحكمَة فِيهِ: أَن الله حماه من قطع شَيْء من جسده، وَمَا حماه من الْقَتْل، إِذا الْقَتْل مُوجب للشَّهَادَة، وَلَا ثَوَاب فِي الْقطع مَعَ مَا فِيهِ من هتك حرمته.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِي نزُول خبيب وَصَاحبه جَوَاز أَن يستأسر الرجل، قَالَ الْمُهلب: إِذا أَرَادَ أَن يَأْخُذ بِالرُّخْصَةِ فِي إحْيَاء نَفسه فعل كَفعل هَؤُلَاءِ، وَعَن الْحسن: لَا بَأْس أَن يستأسر الرجل إِذا خَافَ أَن يغلب. وَقَالَ الثَّوْريّ: أكره للأسير الْمُسلم أَن يُمكن من نَفسه إلَاّ مجبوراً، وَعَن الْأَوْزَاعِيّ: لَا بَأْس للأسير الْمُسلم أَن يَأْبَى أَن يُمكن من نَفسه، بل يَأْخُذ بالشدة والإباء من الْأسر والأنفة من أَن يجْرِي عَلَيْهِ ملك كَافِر، كَمَا فعل عَاصِم. وَفِيه: استيثار الاستحداد لمن أسر وَلمن يقتل، والتنظيف لمن يصنع بعد الْقَتْل لِئَلَّا يطلع مِنْهُ على قبح عَورَة. وَفِيه: أَدَاء الْأَمَانَة إِلَى الْمُشرك وَغَيره. وَفِيه: التورع من قتل أَطْفَال الْمُشْركين رَجَاء أَن يَكُونُوا مُؤمنين. وَفِيه: الامتداح بالشعر حِين ينزل بِالْمَرْءِ هُوَ أَن فِي دين أَو ذلة الْقَتْل يرغم بذلك أنف عدوه ويحدد فِي نَفسه صبرا وأنفة. وَفِيه: كَرَامَة كَبِيرَة لخبيب فِي أكله من قطف عِنَب فِي غير أَوَانه، وَقَالَ ابْن بطال: هَذَا مُمكن أَن يكون آيَة لله على الْكفَّار وتصحيحاً لرسالة نبيه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عِنْد الْكفَّار من أجل مَا كَانُوا عَلَيْهِ من تَكْذِيب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَفِيه: عَلامَة من عَلَامَات نبوته بإجابة دَعْوَة عَاصِم بِأَن أخبر الله نبيه مُحَمَّدًا، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بالْخبر قبل بُلُوغه على أَلْسِنَة المخلوقين.