للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابتلعته، وَالْحكمَة فِيهِ: أَن الله حماه من قطع شَيْء من جسده، وَمَا حماه من الْقَتْل، إِذا الْقَتْل مُوجب للشَّهَادَة، وَلَا ثَوَاب فِي الْقطع مَعَ مَا فِيهِ من هتك حرمته.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِي نزُول خبيب وَصَاحبه جَوَاز أَن يستأسر الرجل، قَالَ الْمُهلب: إِذا أَرَادَ أَن يَأْخُذ بِالرُّخْصَةِ فِي إحْيَاء نَفسه فعل كَفعل هَؤُلَاءِ، وَعَن الْحسن: لَا بَأْس أَن يستأسر الرجل إِذا خَافَ أَن يغلب. وَقَالَ الثَّوْريّ: أكره للأسير الْمُسلم أَن يُمكن من نَفسه إلَاّ مجبوراً، وَعَن الْأَوْزَاعِيّ: لَا بَأْس للأسير الْمُسلم أَن يَأْبَى أَن يُمكن من نَفسه، بل يَأْخُذ بالشدة والإباء من الْأسر والأنفة من أَن يجْرِي عَلَيْهِ ملك كَافِر، كَمَا فعل عَاصِم. وَفِيه: استيثار الاستحداد لمن أسر وَلمن يقتل، والتنظيف لمن يصنع بعد الْقَتْل لِئَلَّا يطلع مِنْهُ على قبح عَورَة. وَفِيه: أَدَاء الْأَمَانَة إِلَى الْمُشرك وَغَيره. وَفِيه: التورع من قتل أَطْفَال الْمُشْركين رَجَاء أَن يَكُونُوا مُؤمنين. وَفِيه: الامتداح بالشعر حِين ينزل بِالْمَرْءِ هُوَ أَن فِي دين أَو ذلة الْقَتْل يرغم بذلك أنف عدوه ويحدد فِي نَفسه صبرا وأنفة. وَفِيه: كَرَامَة كَبِيرَة لخبيب فِي أكله من قطف عِنَب فِي غير أَوَانه، وَقَالَ ابْن بطال: هَذَا مُمكن أَن يكون آيَة لله على الْكفَّار وتصحيحاً لرسالة نبيه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عِنْد الْكفَّار من أجل مَا كَانُوا عَلَيْهِ من تَكْذِيب رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَفِيه: عَلامَة من عَلَامَات نبوته بإجابة دَعْوَة عَاصِم بِأَن أخبر الله نبيه مُحَمَّدًا، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بالْخبر قبل بُلُوغه على أَلْسِنَة المخلوقين.

٢٦١ - (بابُ فَكاكِ الأسِيرِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان وجوب فكاك الْأَسير من أَيدي الْعَدو بِمَال أَو غَيره، والفكاك، بِفَتْح الْفَاء أَي التخليص، وَيجوز بِالْكَسْرِ.

فِيهِ عنْ أبِي مُوسَى عنِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

أَي: فِي الْبَاب: روى عَن أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ. وَأخرج البُخَارِيّ حَدِيثه هُنَا عَن قُتَيْبَة، وَفِي الْأَطْعِمَة وَفِي النِّكَاح وَفِي الْأَحْكَام: عَن مُسَدّد، وَفِي الطِّبّ: عَن قُتَيْبَة أَيْضا. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجَنَائِز عَن مُحَمَّد بن كثير. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي السّير وَفِي الطِّبّ عَن قُتَيْبَة وَفِي الطِّبّ أَيْضا عَن مَحْمُود بن غيلَان.

٦٤٠٣ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ قَالَ حدَّثنا جَرِيرٌ عنْ مَنْصُورٍ عنْ أبِي وَائِلٍ عنْ أبِي مُوسَى رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فُكُّوا العَانِيَّ يَعْنِي الأسِيرَ وأطْعِمُوا الجَائِعَ وعُودُوا المَرِيضَ..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فكوا العاني) وَهُوَ: الْأَسير، وَجَرِير بن عبد الحميد، وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة.

قَوْله: (العاني) ، بِالْعينِ الْمُهْملَة وبالنون: مثل القَاضِي، من: عَنَّا يعنو فَهُوَ عانٍ، وَالْجمع: عناة، وَالْمَرْأَة عانية، وَالْجمع: عوان، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: والعاني الْأَسير وكل من ذل واستكان وخضع فقد عَنَّا، وَقد فسره، إِمَّا قُتَيْبَة أَو جرير، بقوله: يَعْنِي الْأَسير، وفكاك الْأَسير فرض على الْكِفَايَة، قَالَ ابْن بطال: على هَذَا كَافَّة الْعلمَاء، وَعَن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فكاك أسرى الْمُسلمين من بَيت المَال، وَبِه قَالَ إِسْحَاق، وَعَن الْحسن بن عَليّ: هُوَ على أهل الأَرْض الَّتِي يُقَاتل عَلَيْهَا، وَعَن أَحْمد يفادون بالرؤوس، وَأما بِالْمَالِ فَلَا أعرفهُ. والْحَدِيث عَام، فَلَا معنى لقَوْل أَحْمد: وَقد قَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز، إِذا خرج الذِّمِّيّ بالأسير من الْمُسلمين فَلَا يحل للْمُسلمين أَن يردوه إِلَى الْكفْر فيفادوه بِمَا اسْتَطَاعُوا. قَوْله: (وأطعموا الجائع) ، عَام يتَنَاوَل كل جَائِع من بني آدم وَغَيرهم، وإطعام الجائع فرض على الْكِفَايَة، فَلَو أَن رجلا يَمُوت جوعا وَعند آخر مَا يحييه بِهِ بِحَيْثُ لَا يكون فِي ذَلِك الْموضع أحد غَيره، فَفرض عَلَيْهِ إحْيَاء نَفسه وَإِذا ارْتَفَعت حَالَة الضَّرُورَة كَانَ ذَلِك ندبا. قَوْله: (وعودوا الْمَرِيض) ، و: عودوا، أَمر من العيادة، وعيادة الْمَرِيض فرض كِفَايَة أَيْضا، وَقيل: سنة مُؤَكدَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>