وَالجَمْعُ مِنَ المُذَكَّرِ وَالمُؤَنَثِ يُقالُ فِيهِ بَرَاءٌ لأنَّهُ مَصْدَرٌ وَلَوْ قَالَ بَرِيءٌ لَقِيلَ فِي الاثْنَيْنِ بَرِيَآنِ وَفِي الجَمَعِ بَرِيؤُنَ: وَقَرَأَ عَبْدُ الله إنَّنِي بَرِيءٌ بِالْيَاءِ.
أَي: وَقَالَ غير مُجَاهِد لِأَن مَا قبله قَوْله مُجَاهِد، وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ لفظ، وَقَالَ غَيره: قَوْله: (إِنَّنِي برَاء) ، وأوله: {وَإِذ قَالَ إِبْرَاهِيم لِأَبِيهِ وَقَومه إِنَّنِي برَاء} (الزخرف: ٦٢) يَعْنِي: وَاذْكُر يَا مُحَمَّد إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيم إِلَى آخِره، وَهَذَا كُله ظَاهر. قَوْله: (يُقَال فِيهِ برَاء) ، لِأَنَّهُ مصدر وضع مَوضِع النَّعْت. يُقَال: بَرِئت مِنْك وَمن الدُّيُون والعيوب بَرَاءَة، وبرئت من الْمَرَض برَاء بِالضَّمِّ، وَأهل الْحجاز يَقُولُونَ: ابرأت من الْمَرَض برَاء بِالْفَتْح. قَوْله: (وَفِي الْجمع: بريئون) ، وَيُقَال أَيْضا: بُرَآء مثل فَقِيه وفقهاء، وبراء أَيْضا بِكَسْر الْبَاء مثل: كريم وكرام، وأبراء مثل شرِيف وأشراف، وأبرياء مثل نصيب وأنصباء، وَفِي الْمُؤَنَّث، يُقَال: امْرَأَة بريئة وهما بريئتان وَهن بريئات وبرايا، وَهَذِه لُغَة أهل نجد، وَالْأولَى لُغَة أهل الْحجاز. قَوْله: (وَقَرَأَ عبد الله) ، أَي: ابْن مَسْعُود، ذكره الْفضل بن شَاذان فِي كتاب (الْقرَاءَات) بِإِسْنَادِهِ عَن طَلْحَة بن مصرف عَن يحيى بن وثاب عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله.
وَالزُّخْرُفُ الذَّهَبُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ولبيوتهم أبوابا وسررا عَلَيْهَا يتكؤون وزخرفا} (الزخرف: ٤٣، ٥٣) وَفَسرهُ بِالذَّهَب، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ فِي أول الْبَاب.
مَلائِكَةٌ يَخْلُفونَ يَخْلُفُ بَعْضُهُمْ بَعْضا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَلَو نشَاء لجعلنا مِنْكُم مَلَائِكَة فِي الأَرْض يخلفون} وَفسّر (يخلفون) بقوله: (يخلف بَعضهم بَعْضًا) وَأخرجه عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن قَتَادَة، وَزَاد فِي آخِره مَكَان ابْن آدم.
١ - (بابٌ قَوْلِهِ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} (الزخرف: ٧٧) الآيَةَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {وَنَادَوْا} أَي: الْكفَّار فِي النَّار ينادون لمَالِك خَازِن النَّار {ليق علينا رَبك} أَي: ليمتنا فنستريح، فَيُجِيبهُمْ مَالك بعد ألف سنة: إِنَّكُم مَاكِثُونَ فِي الْعَذَاب، وَفِي تَفْسِير الْجَوْزِيّ: ينادون مَالِكًا أَرْبَعِينَ سنة فَيُجِيبهُمْ بعْدهَا إِنَّكُم مَاكِثُونَ. ثمَّ ينادون رب الْعِزَّة رَبنَا أخرجنَا مِنْهَا فَلَا يُجِيبهُمْ مثل عمر الدُّنْيَا، ثمَّ يَقُول: اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تكَلمُون.
٩١٨٤ - حدَّثنا حَجَّاجُ بنُ مِنْهالٍ حدَّثنا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْروٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ ابنِ يَعْلَى عَنْ أبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقْرَأُ عَلَى المِنْبَرَ: {وَنَادُوا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار، وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح ويعلى بن أُميَّة والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب بَدْء الدُّنْيَا فِي بَاب صفة النَّار فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن قُتَيْبَة بن سعيد عَن سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار إِلَى آخِره.
وَقَالَ قَتادَةُ مَثَلاً لِلآخِرِينَ عِظَةَ لِمَنْ بَعْدَهُ
أَي: قَالَ قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى: {فجعلناهم سلفا ومثلاً للآخرين} (الزخرف: ٦٥) أَي: عظة لمن يَأْتِي بعدهمْ، والعظة الموعظة أَصْلهَا وعظة، حذفت الْوَاو تبعا للحذف فِي فعلهَا.
وَقَالَ غَيْرُهُ مُقْرِنِينَ ضَابِطِينَ يُقالُ فُلانٌ مُقْرِنٌ لِفُلانٍ ضَابِطٌ لَهُ
أَي: قَالَ غير قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين} وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.
وَالأكْوَابُ الأبَارِيقُ الَّتِي لَا خَرَاطِيمَ لَهَا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يُطَاف عَلَيْهِم بصحاف من ذهب وأكواب} الْآيَة. وَهُوَ جمع كوبة. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: الكوب الْكوز بِلَا عُرْوَة.