للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَتَغَيَظَ فِيهِ رسولُ الله ثُمَّ قَالَ: لِيُراجِعْها ثُمَّ لِيُمْسكْها، حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحيضَ فَتَطْهُرَ، فإنْ بَدا لَهُ أنْ يُطَلِّقَها فَلْيُطَلِّقْها

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَاسم أبي يَعْقُوب إِسْحَاق الْكرْمَانِي نسبته إِلَى كرمان، قَالَ الْكرْمَانِي: الْمَشْهُور عِنْد الْمُحدثين فتح الْكَاف لَكِن أَهلهَا يَقُولُونَ بِالْكَسْرِ وَأهل مَكَّة أعرف بشعابها وَهُوَ بلد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، وَلَا يكَاد يُوجد فِيهَا شَيْء من العقائد الْفَاسِدَة وَهِي مولدِي وَأول أَرض مس جلدي ترابها، وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي، وَمُحَمّد هُوَ الزُّهْرِيّ.

قَوْله: فتغيظ فِيهِ وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فتغيظ عَلَيْهِ، وَالضَّمِير فِي: فِيهِ، يرجع إِلَى الْفِعْل الْمَذْكُور وَهُوَ الطَّلَاق الْمَوْصُوف، وَفِي: عَلَيْهِ، للْفَاعِل وَهُوَ ابْن عمر.

والْحَدِيث مضى فِي الطَّلَاق فِي مَوَاضِع فِي أَوَائِله.

١٤ - (بابُ مَنْ رَأى لِلْقاضِي أنْ يَحْكُمْ بِعِلْمِهِ فِي أمْرِ النَّاسِ إِذا لَمْ يَخَفِ الظُّنُونَ والتُّهَمَةَ، كَمَا قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِهِنْدٍ: (خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالمَعْرُوفِ) وذالِكَ إِذا كَانَ أمْرٌ مَشْهُورٌ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من رأى من الْفُقَهَاء أَن للْقَاضِي، ويروي: للْحَاكِم أَن يحكم بِعِلْمِهِ فِي أَمر النَّاس، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى قَول الإِمَام أبي حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَإِن مذْهبه أَن للْقَاضِي أَن يحكم بِعِلْمِهِ فِي حُقُوق النَّاس، وَقيد بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَن يقْضِي بِعِلْمِهِ فِي حُقُوق الله كالحدود.

قَوْله: إِذا لم يخف أَي: القَاضِي الظنون والتهمة بِفَتْح الْهَاء، وَشرط شرطين فِي جَوَاز ذَلِك: أَحدهمَا: عدم التُّهْمَة. وَالْآخر: وجود شهرة الْقَضِيَّة، أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: إِذا كَانَ أَمر مَشْهُور قَوْله: كَمَا قَالَ النَّبِي إِلَى آخِره، ذكره فِي معرض الِاحْتِجَاج لمن رأى أَن للْقَاضِي أَن يحكم بِعِلْمِهِ، فَإِن النَّبِي قضى لهِنْد بنفقتها وَنَفَقَة وَلَدهَا على أبي سُفْيَان لعلمه بِوُجُوب ذَلِك، وَهِنْد هِيَ بنت عتبَة بن ربيعَة بن عبد شمس بن عبد منَاف أم مُعَاوِيَة زَوْجَة أبي سُفْيَان بن حَرْب أسلمت عَام الْفَتْح بعد إِسْلَام زَوجهَا. وَهَذَا وَصله البُخَارِيّ فِي النَّفَقَات.

ثمَّ هَذِه الْمَسْأَلَة فِيهَا أَقْوَال للْعُلَمَاء، فَقَالَ الشَّافِعِي: يجوز للْقَاضِي ذَلِك فِي حُقُوق النَّاس سَوَاء علم ذَلِك قبل الْقَضَاء أَو بعده، وَبِه قَالَ أَبُو ثَوْر، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: مَا علمه قبل الْقَضَاء من حُقُوق النَّاس لَا يحكم فِيهِ بِعِلْمِهِ وَيحكم فِيمَا إِذا علمه بعد الْقَضَاء. وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد يحكم فِيمَا علمه قبل الْقَضَاء، وَقَالَ شُرَيْح وَالشعْبِيّ وَمَالك فِي الْمَشْهُور عَنهُ، وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو عبيد: لَا يقْضِي بِعِلْمِهِ أصلا. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: مَا أقرّ بِهِ الخصمان عِنْده أخذهما بِهِ وأنفذه عَلَيْهِمَا إلَاّ الْحَد. وَقَالَ عبد الْملك: يحكم بِعِلْمِهِ فِيمَا كَانَ فِي مجْلِس حكمه، وَقَالَ الْكَرَابِيسِي: الَّذِي عِنْدِي أَن شَرط جَوَاز الحكم بِالْعلمِ أَن يكون الْحَاكِم مَشْهُورا بالصلاح والعفاف والصدق، وَلم يعرف بِكَثِير زلَّة وَلم يُوجد عَلَيْهِ جريمة بِحَيْثُ تكون أَسبَاب التقى فِيهِ مَوْجُودَة، وَأَسْبَاب التهم فِيهِ مفقودة، فَهَذَا الَّذِي يجوز لَهُ أَن يحكم بِعِلْمِهِ مُطلقًا.

٧١٦١ - حدّثنا أبُو اليَمانِ، أخبرنَا شُعَيْبٌ، عنِ الزُّهْرِيِّ، حدّثني عُرْوَةُ أنَّ عائِشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: جاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ فقالَتْ: يَا رسولَ الله وَالله مَا كَانَ عَلى ظَهْرِ الأرْضِ أهْلُ خِباءٍ أحَبَّ إلَيَّ أنْ يَذِلُّوا مِنْ أهْلِ خِبائِكَ، وَمَا أصْبَحَ اليَوْمَ عَلى ظَهْرِ الأرْضِ أهْلُ خِباءٍ أحَبَّ إلَيَّ أنْ يَعِزُّوا مِنْ أهْلِ خِبائِكَ، ثُمَّ قالَتْ: إنَّ أَبَا سُفْيانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ فَهَلْ عَلَيَّ مِنْ حَرَجٍ أنْ أُطْعِمَ الّذِي لهُ عِيالَنا؟ قَالَ لَها: لَا حَرَجَ عَليْكِ أنْ تُطْعِمِيهِمْ مِنْ مَعْرُوف.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من آخر الحَدِيث فَإِن فِيهِ قَضَاء النَّبِي بِعِلْمِهِ، كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب.

وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَقد مَضَت فِي كتاب النَّفَقَات قَضِيَّة هِنْد حَيْثُ قَالَ البُخَارِيّ: بَاب إِذا لم ينْفق الرجل فللمرأة أَن تَأْخُذ ... إِلَى آخِره.

وَأخرجه عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن يحيى عَن هِشَام عَن أَبِيه ... إِلَى آخِره، وَهنا من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، وَفِيه زِيَادَة على ذَلِك قَوْله: خبائك بِالْمدِّ هِيَ الْخَيْمَة، قيل: أَرَادَت بقولِهَا أهل خبائك نَفسه وَكنت عَنهُ بِأَهْل الخباء إجلالاً لَهُ، وَيحْتَمل أَنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>