كَانَت مُتَقَدّمَة فيزول الْإِشْكَال بِهَذَا الْوَجْه فَافْهَم وَفِي الحَدِيث جَوَاز اسْتِخْدَام الْيَتِيم بِغَيْر أُجْرَة لِأَن أنسا كَانَ يَخْدمه من غير اشْتِرَاط أُجْرَة وَلَا نَفَقَة فَجَائِز على الْيَتِيم أَن تسلمه أمه أَو وَصِيّه وشبههما فِي الصِّنَاعَة والمهنة وَهُوَ لَازم لَهُ ومنعقد عَلَيْهِ وَفِي التَّوْضِيح وَفِيه جَوَاز اسْتِخْدَام الْيَتَامَى بشبعهم وكسوتهم وَجَوَاز الِاسْتِخْدَام لَهُم بِغَيْر نَفَقَة وَلَا كسْوَة إِذا كَانَ فِي خدمَة عَالم أَو إِمَام فِي الدّين لِأَنَّهُ لم يذكر فِي حَدِيث أنس أَن لَهُ أجر الْخدمَة وَإِن كَانَ قد يجوز أَن تكون نَفَقَته من عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِيه جَوَاز حمل الصّبيان فِي الْغَزْو كَمَا بوب لَهُ وَالله أعلم -
٤٧ - (بابُ مَنْ غَزَا بِصَبِيٍّ لِلْخِدْمَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَشْرُوعِيَّة خُرُوج من غزا بصبي لأجل الْخدمَة بطرِيق التّبعِيَّة، وَإِن كَانَ لَا يُخَاطب بِالْجِهَادِ.
٥٧ - (بابُ ركوبِ البَحْرِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ركُوب الْبَحْر، وَلكنه أطلق وَذكره فِي أَبْوَاب الْجِهَاد، يُشِير إِلَى تَخْصِيصه بالغزو للرِّجَال وَالنِّسَاء، فَإِذا جَازَ ركُوبه للْجِهَاد فللحج أجوز، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ فِي الْأَظْهر، وَكره مَالك للْمَرْأَة الْحَج فِي الْبَحْر لِأَنَّهَا لَا تكَاد تستتر من الرِّجَال، وَمِنْهُم من منع ركُوب الْبَحْر مُطلقًا، لِأَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كَانَ يمْنَع النَّاس من ركُوب الْبَحْر فَلم يركبه أحد طول حَيَاته، وَلَا حجَّة فِي ذَلِك، لِأَن السّنة أباحته للرِّجَال وَالنِّسَاء فِي الْجِهَاد، وَهُوَ حَدِيث الْبَاب، وَغَيره. وَأخرج أَبُو عُبَيْدَة فِي (غَرِيب الحَدِيث) من حَدِيث عمرَان الْجونِي: عَن زُهَيْر بن عبد الله يرفعهُ: من ركب الْبَحْر إِذا ارتج فقد بَرِئت مِنْهُ الذِّمَّة، وَفِي رِوَايَة: يَلُومن إلَاّ نَفسه، وَزُهَيْر مُخْتَلف فِي صحبته. وَقد أخرج البُخَارِيّ حَدِيثه فِي (تَارِيخه) فَقَالَ فِي رِوَايَته: عَن زُهَيْر عَن رجل من الصَّحَابَة، وَإِسْنَاده حسن، وَفِيه تَقْيِيد الْمَنْع بالارتجاج، وَمَفْهُومه الْجَوَاز عِنْد عَدمه وَهُوَ الْمَشْهُور من أَقْوَال الْعلمَاء، فَإِذا غلبت السَّلامَة فالبر وَالْبَحْر سَوَاء، قَالَ الله تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يسيركم فِي الْبر وَالْبَحْر} (يُونُس: ٢٢) . وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وأكبر ظَنِّي أَنه قَالَ: التج، باللَاّمِ، فَدلَّ على أَن ركُوبه مُبَاح فِي غير هَذَا الْوَقْت فِي كل شَيْء، فِي التِّجَارَة وَغَيرهَا.
٥٩٨٢ - حدَّثنا أبُو النُّعْمَانِ قَالَ حدَّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عنْ يَحْيَى عنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بن حبَّانَ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ حدَّثَتْنِي أُمُّ حَرَامٍ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ يَوْمَاً فِي بَيتِهَا فاسْتَيْقَظَ وهْوَ يَضْحَكُ قالَتْ يَا رسولَ الله مَا يُضْحِكُكَ قَالَ عَجِبّتُ مِنْ قَوْمٍ مِنّ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ البَحْرَ كالمُلُوكِ علَى الأسِرِّةِ فَقُلْتُ يَا رسولَ الله ادْعُ الله أنُ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ أنتِ مَعَهُمْ ثُمَّ نامَ فاسْتَيْقَظَ وهْو يَضْحَكُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلاثاً قُلْتُ يَا رسولَ الله ادْعُ الله أنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَيقولُ أنْتِ مِنَ الأوَّلِينَ فتزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ بنُ الصَّامِتِ فخَرَجَ بِهَا إِلَى الغَزْوِ فلَمَّا رَجَعَتْ قُرِّبَتْ دَابَّةٌ لَتَرْكَبَهَا فوَقَعَتْ فانْدَقَّتْ عُنُقُها.
(انْظُر الْحَدِيثين ٨٨٧٢ و ٩٨٧٢ وطرافهما) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْأنْصَارِيّ الْقطَّان، وَمُحَمّد بن يحيى بن حبَان، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة، وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن منقذ الْأنْصَارِيّ الْمدنِي. والْحَدِيث قد مضى عَن قريب فِي: بَاب غَزْو الْمَرْأَة فِي الْبَحْر، وَمضى أَيْضا فِي: بَاب من يصرع فِي سَبِيل الله، وَفِي: بَاب الدُّعَاء فِي الْجِهَاد. قَوْله: (قَالَ يَوْمًا) من القيلولة، وَقد مر الْكَلَام فِي هَذِه الْأَبْوَاب مستقصىً.
٦٧ - (بابُ مَنِ اسْتَعَانَ بالضُّعَفَاءِ والصَّالِحِينَ فِي الحَرْبِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من اسْتَعَانَ ... إِلَى آخِره، يَعْنِي: ببركتهم ودعائهم.
وقالَ ابنُ عَبَّاسٍ أخبرَنِي أبُو سُفْيَانَ قَالَ قَالَ لِي قَيْصَرُ سألْتُكَ أشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أمْ ضُعَفَاؤُهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute