مَا يُبرِّي ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وأنْزَلَ عَلَيْهِ والَّذِينَ يَرْمُونَ أزْواجَهُمْ فَقَرَأ حَتَّى بَلَغَ إنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ فانْصَرَفَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأرْسَلَ إلَيْها فَجاءَ هِلَالٌ فَشَهِدَ والنبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقولُ إنَّ الله يَعْلَمُ أنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ فَهَلْ مِنْكُما تائِبٌ ثُمَّ قامَتْ فَشَهِدَتْ فَلَمّا كانَتْ عِنْدَ الخَامِسَةِ وقّفُوها وقالُوا إنّها مُوجِبَةٌ. قَالَ ابنُ عَبّاسٍ فَتَلَكّأتْ ونَكَصَتْ حَتّى ظَنَنّا أنّها تَرْجِعُ ثُمَّ قالَتْ لَا أفْضَحُ قَوْمِي سائرَ اليَوْمِ فَمَضَتْ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبْصِرُوها فإِنْ جاءَتْ بِهِ أكْحَلَ العَيْنَيْنِ سابِغَ الألْيَتَيْنِ خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ فَهْوَ لِشَرِيكِ بنِ سَحْماءَ فَجَاءَتْ بِهِ كَذالِكَ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتابِ الله لَكانَ لِي ولَها شَأْنٌ.
(انْظُر الحَدِيث ١٧٦٢ وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من الْآيَة وَهِي: {وَالَّذين يرْمونَ} (النُّور: ٦) وَابْن عدي مُحَمَّد، وَاسم أبي عدي إِبْرَاهِيم الْبَصْرِيّ. والْحَدِيث بِعَيْنِه إِسْنَادًا ومتناً قد مر فِي كتاب الشَّهَادَة فِي: بَاب إِذا ادّعى أَو قذف فَلهُ أَن يلْتَمس الْبَيِّنَة، وَلَكِن إِلَى قَوْله: أوحد فِي ظهرك، فَذكر حَدِيث اللّعان، ولنذكر هُنَا تَفْسِير بعض شَيْء لبعد الْمسَافَة، ولنذكر أَيْضا بعض مَعَاني مَا زَاد على مَا هُنَالك.
فَقَوله: (أَن هِلَال بن أُميَّة) ، بِضَم الْهمزَة وَفتح الْمِيم وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: الوَاقِفِي، بِكَسْر الْقَاف وبالفاء: الْأنْصَارِيّ، وَهُوَ أحد الثَّلَاثَة الَّذين تخلفوا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزْوَة تَبُوك وتيب عَلَيْهِم. قَوْله: (بِشريك ابْن سَحْمَاء) ، وَهُوَ إسم أمه، وَأما أَبوهُ فَهُوَ عَبدة ضد الْحرَّة الْعجْلَاني وَهُوَ ابْن عَاصِم بن عدي، وَامْرَأَته وَامْرَأَة هِلَال خَوْلَة بنت عَاصِم. قَوْله: (الْبَيِّنَة) ، بِالنّصب وَالرَّفْع، أما النصب فعلى تَقْدِير: أحضر الْبَيِّنَة، وَأما الرّفْع فعلى تَقْدِير: إِمَّا الْبَيِّنَة وَإِمَّا حد، وَقيل: التَّقْدِير. وَإِن لم يحضر الْبَيِّنَة فجزاؤك حد فِي ظهرك، وَمثل هَذَا الْحَذف لم يذكرهُ النُّحَاة إلَاّ فِي ضَرُورَة الشّعْر، وَيرد عَلَيْهِم مَا رُوِيَ فِي هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح. قَوْله: (مَا يبرىء) ، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الرَّاء الْمَكْسُورَة وَهِي فِي مَحل النصب على المفعولية. قَوْله: (فَشهد) ، أَي: بالشهادات اللعانية. أَي: لَاعن الزَّوْج. قَوْله: (وَشهِدت) ، أَي: الْمَرْأَة أَربع شَهَادَات. قَوْله: (عِنْد الْخَامِسَة) ، أَي: الْمرة الْخَامِسَة. قَوْله: (إِنَّهَا مُوجبَة) أَي: للعذاب الْأَلِيم إِن كَانَت كَاذِبَة. قَوْله: (فتلكأت) ، على وزن: تفعلت، يُقَال: تلكأ الرجل عَن الْأَمر أَي تبطأ عَنهُ وَتوقف، ومادته: لَام وكاف وهمزة. قَوْله: (وَنَكَصت) ، من النكوص وَهُوَ الإحجام عَن الشَّيْء. قَوْله: (فمضت) ، أَي: فِي تَمام اللّعان. قَوْله: (أكحل الْعَينَيْنِ) هُوَ أَن يَعْلُو جفون الْعين سَواد مثل الْكحل من غير اكتحال. قَوْله: (سابغ الأليتين) السابغ التَّام الضخم. قَوْله: (خَدلج السَّاقَيْن) أَي: عظيمهما، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب. قَوْله: (شَأْن) ، يُرِيد بِهِ الرَّجْم أَي: لَوْلَا أَن الشَّرْع أسقط الرَّجْم عَنْهَا لحكمت بِمُقْتَضى المشابهة ولرجمتها، وَبَقِيَّة الْكَلَام من الْأَحْكَام وَالسُّؤَال وَالْجَوَاب قد مَضَت عَن قريب، وَالله أعلم.
٤ - (بابُ قَوْلِهِ: {والخامسَةُ أنَّ غَضَبَ الله عَلَيْها إنْ كانَ منَ الصَّادِقِينَ} (النُّور: ٩)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالْخَامِسَة} أَي: الشَّهَادَة الْخَامِسَة، وَالْكَلَام فِيهِ قد مر فِي قَوْله: {وَالْخَامِسَة أَن لعنة الله} (النُّور: ٧) .
٨٤٧٤ - حدَّثنا مُقَدَّمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى حَدثنَا عَمِّي القاسِمُ بنُ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ الله وقَدْ سَمِعَ مِنْهُ عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا أنَّ رجُلاً رَمَى امْرَأتَهُ فانْتَفَى مِنْ وَلَدِها فِي زَمانِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأمَرَ بِهِما رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَتَلَاعَنَا كَما قَالَ الله ثمَّ قَضي بالوَلَدِ لِلْمَرْأةِ وفَرَّقَ بَيْنَ المُتلَاعِنَيْنِ..
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فَتَلَاعَنا) ، كَمَا قَالَ الله ومقدم، بِضَم الْمِيم وَفتح الْقَاف وَتَشْديد الدَّال الْمَفْتُوحَة وبالميم: ابْن مُحَمَّد بن يحيى الْهِلَالِي الوَاسِطِيّ، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا وَآخر فِي التَّوْحِيد، يروي عَن عَمه الْقَاسِم بن يحيى وَهُوَ ثِقَة وَلَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute