للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: {وَقَالَ رجل مُؤمن من آل فِرْعَوْن يكتم إيمَانه أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول رَبِّي الله وَقد جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ من ربكُم وَإِن يَك كَاذِبًا فَعَلَيهِ كذبه وَإِن يَك صَادِقا يصبكم بعض الَّذِي يَعدكُم إِن الله لَا يهدي من هُوَ مُسْرِف كَذَّاب} (غَافِر: ٨٢) . وَقعت هَذِه التَّرْجَمَة هَكَذَا بِغَيْر حَدِيث فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَن يذكر فِيهَا حَدِيثا وَلم يظفر بِهِ على شَرطه فَبَقيت كَذَا وَالله أعلم. قَوْله: (وَقَالَ رجل مُؤمن) فِي اسْمه سِتَّة أَقْوَال: الأول: شمعان، بالشين الْمُعْجَمَة، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لَا يعرف شمعان بِالْمُعْجَمَةِ إِلَّا مُؤمن آل فِرْعَوْن. الثَّانِي: يُوشَع بن نون، وَبِه جزم ابْن التِّين، وَهُوَ بعيد لِأَن يُوشَع من ذُرِّيَّة يُوسُف، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَلم يكن من آل فِرْعَوْن. الثَّالِث: حزقيل بن برحايا، وَعَلِيهِ أَكثر الْعلمَاء. الرَّابِع: حابوت، وَهُوَ الَّذِي التقطه إِذْ كَانَ فِي التابوت. الْخَامِس: حبيب ابْن عَم فِرْعَوْن، قَالَه ابْن إِسْحَاق. السَّادِس: حيزور قَالَه الطَّبَرِيّ، وَقَالَ مقَاتل: كَانَ قبطياً يكتم إيمَانه مائَة سنة من فِرْعَوْن، وَكَانَ لَهُ الْملك بعد فِرْعَوْن، وَكَانَ على بَقِيَّة من دين إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ ابْن خالويه فِي (كتاب لَيْسَ) : لم يُؤمن من أهل مصر إلَاّ أَرْبَعَة: آسِيَة، وحزقيل مُؤمن آل فِرْعَوْن، وَمَرْيَم بنت لابوس الْملك الَّتِي دلّت على عِظَام يُوسُف، والماشطة. قَوْله: (أَتقْتلونَ) الْهمزَة فِيهِ للاستفهام الإنكاري. قَوْله: (أَن يَقُول) أَي: لِأَن يَقُول، وَهَذَا إِنْكَار مِنْهُ عَظِيم وتبكيت شَدِيد، وَهَذَا كَانَ مِنْهُ نصح عَظِيم لَهُم وَلم يقْتَصر على بَيِّنَة وَاحِدَة وَهِي قَوْله: رَبِّي الله، حَتَّى قَالَ: {وَقد جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ من ربكُم} (غَافِر: ٨٢) . وَحكى الله تَعَالَى عَنهُ: ثمَّ أَخذهم بالاحتجاج على طَريقَة التَّقْسِيم، فَقَالَ: لَا يَخْلُو من أَن يكون كَاذِبًا أَو صَادِقا {فَإِن يَك كَاذِبًا فَعَلَيهِ كذبه} (غَافِر: ٨٢) . أَي: يعود عَلَيْهِ كذبه وَلَا يتخطاه ضَرَره. {وَإِن يَك صَادِقا يصبكم بعض الَّذِي يَعدكُم} (غَافِر: ٨٢) . إِن تعرضتم. قَوْله: (مُسْرِف) أَي: مُشْرك، قَالَ السّديّ: أَي الْكذَّاب على الله، وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.

٦٢ - (بابُ قَوْلِ الله عزَّ وَجَلَّ {وهَلْ أتاكَ حِديثُ مُوسَى} (طه: ٩ ٠١) . {وكلَّمَ الله مُوسَى تَكْلِيماً} (النِّسَاء: ٤٦١) .)

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول الله عز وَجل، وَهُوَ قَوْله: {وَهل أَتَاك حَدِيث مُوسَى إِذْ رأى نَارا فَقَالَ لأَهله امكثوا إِنِّي آنست نَارا لعَلي آتيكم مِنْهَا بقبس أَو أجد على النَّار هدى} (طه: ٩ ٠١) . وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب قبل الْبَاب الَّذِي قبله. قَوْله: {وكل الله مُوسَى تكليماً} (النِّسَاء: ٤٦١) . وَقَبله:} ورسلاً قد قصصناهم عَلَيْك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عَلَيْك وكلم الله مُوسَى تكليماً} (النِّسَاء: ٤٦١) . وَقَبله: قَوْله: (ورسلاً) مَنْصُوب على تَقْدِير: قَصَصنَا رسلًا. وَقَوله: {قد قصصناهم} مُفَسّر لَهُ فَحذف الناصب حَتَّى لَا يجمع بَين المفسِر والمفسَر. قَوْله: (من قبل) ، أَي: من قبل هَذِه الْآيَة يَعْنِي فِي السُّور المكية وَغَيرهَا. قَوْله: (ورسلاً لم نقصصهم عَلَيْك) ، أَي: لم نسمهم لَك. قَوْله: (وكلم الله مُوسَى تلكيماً) ، قَالَ ابْن عَبَّاس: لما بَين الله لمُحَمد، صلى الله عَلَيْهِ وسلمد أَمر النَّبِيين وَلم يبين أَمر مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، شكوا فِي نبوته، فَأنْزل الله تَعَالَى: {مِنْهُم من كلم الله} (الْبَقَرَة: ٣٥٢) . وكلم الله مُوسَى حَقِيقَة لَا كَمَا زعمت الْقَدَرِيَّة: أَن الله تَعَالَى خلق كلَاما فِي شَجَرَة فَسَمعهُ مُوسَى، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لِأَنَّهُ لَا يكون ذَلِك كَلَام الله، وَلَو كَانَ من غير التَّأْكِيد لاحتمل مَا قَالُوا، لِأَن أَفعَال الْمجَاز لَا تؤكد بِذكر المصادر، لَا يُقَال: أَرَادَ الْجِدَار أَن يسْقط إِرَادَة، وَعلم مُوسَى أَنه كَلَام الله لِأَنَّهُ كَلَام يعجز الْخلق أَن يَأْتُوا بِمثلِهِ، قَالَ ابْن مرْدَوَيْه، بِإِسْنَادِهِ عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس: إِن الله ناجى مُوسَى بِمِائَة ألف كلة وَأَرْبَعين ألف كلمة فِي ثَلَاثَة أَيَّام، كلهَا وَصَايَا فَلَمَّا سمع مُوسَى كَلَام الْآدَمِيّين مقتهم مِمَّا وَقع فِي مسامعه من كَلَام الرب، وجويبر ضَعِيف. وَالضَّحَّاك لم يدْرك ابْن عَبَّاس.

٤٩٣٣ - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى أخْبَرَنَا هِشامُ بنُ يُوسُفَ أخبرَنا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلةَ أسْرِيَ بِي رأيْتُ مُوسَى وإذَا هُوَ رَجُلً ضَرْبٌ رَجِلٌ كأنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَة ورَأيْتُ عِيسَى فإذَا هُوَ رَجُلٌ رَبْعَة أحْمَرُ كأنَّمَا خَرَجَ مِنْ دِيمَاسَ وَأَنا أشْبَهُ ولَدِ إبْرَاهِيمَ بِهِ ثُمَّ أُتِيتُ بإنَاءَيْنِ فِي أحَدِهِمَا لَبَنٌ وَفِي الآخَرِ خَمْرٌ فَقَالَ اشْرَبْ

<<  <  ج: ص:  >  >>