للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَلَا يسْتَرقونَ) وحصين بِضَم الْحَاء وَفتح الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ وبنون ابْن نمير مصغر نمر الْحَيَوَان الْمَشْهُور الوَاسِطِيّ الضَّرِير، وَمَا لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث، وحصين كَذَلِك ابْن عبد الرَّحْمَن الْكُوفِي.

والْحَدِيث قد مر فِي: بَاب من اكتوى، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (وَمَعَهُ الرجل) ، هَذِه الْكَلِمَة فِي هَذِه الْمَوَاضِع جَاءَت بِالْوَاو وبدونها.

٤٣ - (بابُ الطِّيَرَةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الطَّيرَة بِكَسْر الطَّاء وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَقد تسكن وَهُوَ التشاؤم بالشَّيْء، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: وَهُوَ مصدر تطير يُقَال تطير طيرة وتخير خيرة، وَلم يَجِيء من المصادر هَكَذَا غير هذَيْن. قلت: قد ذكر هُوَ أَيْضا طيبَة بِكَسْر الطَّاء وَفتح الْيَاء فعلة من الطّيب، وَلَكِن الظَّاهِر أَنه اسْم لَا مصدر كالتولة بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة وَفتح الْوَاو، وَجَاء فِي الحَدِيث التولة من الشّرك، وَهُوَ مَا يحبب الْمَرْأَة إِلَى زَوجهَا من السحر وَغَيره، وَجعله من الشّرك لاعتقادهم أَن ذَلِك يُؤثر وَيفْعل خلاف مَا قدره الله تَعَالَى.

٥٧٥٣ - حدّثني عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حَدثنَا عُثْمانُ بنُ عُمَرَ حَدثنَا يُونُسُ عنِ الزُّهْرِيِّ عَن سالِمٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ والشُّؤْمُ فِي ثلاثٍ. فِي المَرْأةِ والدارِ والدَّابَّةِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَلَا طيرة) وَعبد الله بن مُحَمَّد الْجعْفِيّ المسندي، وَعُثْمَان بن عمر بن فَارس الْبَصْرِيّ، وَيُونُس بن يزِيد، وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله بن عمر.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي عشرَة النِّسَاء عَن مُحَمَّد بن الْمثنى.

قَوْله: (لَا عدوى) أَي: لَا تَعديَة للمرض من صَاحبه إِلَى غَيره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب قَوْله: (وَلَا طيرة) قد فسرناها الْآن. قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: اخْتلفُوا فِي تَأْوِيل قَوْله: (لَا طيرة) فَمنهمْ من قَالَ مَعْنَاهُ الْأَخْبَار عَمَّا يَعْتَقِدهُ الْجَاهِلِيَّة، وَقيل: مَعْنَاهُ الْإِخْبَار عَن حكم الله الثَّابِت فِي الدَّار وَالْمَرْأَة وَالْفرس بِأَن الشؤم فِيهَا عَادَة، أجراها الله تَعَالَى وقضاه أنفذه يوجده حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا مَتى شَاءَ، وَالْأول سَاقِط لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يبْعَث ليخبر عَن النَّاس مَا كَانُوا يعتقدونه، وَإِنَّمَا بعث ليعلم النَّاس مَا يلْزمهُم أَن يعملوه ويعتقدوه، وأصل الطَّيرَة أَنهم كَانُوا ينفرون الظباء والطيور فَإِن أخذت ذَات الْيَمين تبركوا بِهِ ومضوا فِي حوائجهم، وَإِن أخذت ذَات الشمَال رجعُوا عَن ذَلِك وتشاءموا بهَا، فأبطله الشَّرْع، وَأخْبر بِأَنَّهُ لَا تَأْثِير لَهُ فِي نفع أَو ضَرَر. وَيُقَال: إِنَّهُم كَانُوا يعتمدون فِي الْجَاهِلِيَّة على الطير فَإِذا كَانَ لأَحَدهم أَمر، فَإِن رأى الطير طَار يمنة تيمن بِهِ وَاسْتمرّ، وَإِن رَآهُ طَار يسرة تشاءم بِهِ وَرجع، وَكَانُوا يسمونه: السانح والبارح، فالسانح بسين مُهْملَة ثمَّ نون مَكْسُورَة وبحاء مُهْملَة وَهُوَ مَا والاك ميامنة بِأَن يمر عَن يسارك إِلَى يَمِينك، والبارح بباء مُوَحدَة وَرَاء مَكْسُورَة ثمَّ حاء مُهْملَة هُوَ بعكس ذَلِك. قَوْله: (والشؤم فِي ثَلَاث) أَي: فِي ثَلَاثَة أَشْيَاء، هَذَا معَارض فِي الظَّاهِر لقَوْله: (لَا طيرة) وَدفع الْخطابِيّ هَذِه الْمُعَارضَة حَيْثُ قَالَ: هَذَا عَام مَخْصُوص إِذْ هُوَ فِي معنى الِاسْتِثْنَاء من الطَّيرَة، أَي: الطَّيرَة مَنْهِيّ عَنْهَا إلَاّ أَن يكون لَهُ دَار يكره سكناهَا، أَو امْرَأَة يكره صحبتهَا، أَو فرس كَذَلِك فليفارقهن، وَقيل: شُؤْم الدَّار ضيقها وَسُوء جارها، وشؤم الْمَرْأَة سلاطة لسانها وَعدم وِلَادَتهَا، وشؤم الْفرس أَن لَا يغزى عَلَيْهَا. وَقَالَ مَالك: هُوَ على ظَاهره، فَإِن الدَّار قد يَجْعَل الله سكناهَا سَببا للضَّرَر، وَكَذَا الْمَرْأَة الْمعينَة أَو الْفرس قد يحصل الضَّرَر عِنْده بِقَضَاء الله تَعَالَى، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ. قَوْله: (الشؤم فِي ثَلَاث) وَلم يقل فِيهِ إِن وَفِي رِوَايَة أُخرى: إِن كَانَ الشؤم فِي شَيْء، وَفِي أُخرى: إِن كَانَ فِي شَيْء فَفِي كَذَا وَكَذَا، فَكيف يجمع بَين هَذِه وَبَين قَوْله: (لَا طيرة؟) الْجَواب: إِن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قد غلظت على من روى هَذَا الحَدِيث، وَقَالَت: إِنَّمَا كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَقُولُونَ: الطَّيرَة فِي الْمَرْأَة وَالدَّار وَالدَّابَّة. قَالَ: وَهَذَا رد لصريح خبر رُوَاته ثِقَات، وَالصَّحِيح أَن الْمَعْنى إِن خيف من شَيْء أَن يكون سَببا لما يخَاف شَره ويتشاءم بِهِ فَهَذِهِ الْأَشْيَاء لَا على السَّبِيل الَّذِي يَظُنهَا أهل الْجَاهِلِيَّة من الطَّيرَة والعدوى. وَقَالَ الْخطابِيّ: لما كَانَ الْإِنْسَان لَا يَسْتَغْنِي عَن هَذِه الْأَشْيَاء: الدَّار وَالْفرس وَالزَّوْجَة، وَكن لَا يسلمن من عَارض مَكْرُوه، فأضيف إِلَيْهَا الشؤم إِضَافَة مَحل، وَقَالَ ابْن التِّين: الشؤم مَهْمُوز وَيُسمى كل مَحْذُور ومكروه شؤماً ومشامة والشومى الْجِهَة الْيُسْرَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>