اسْتعَار مِنْهُ أدرعاً يَوْم حنين، فَقَالَ: أغصباً يَا مُحَمَّد؟ قَالَ:(لَا بل عَارِية مَضْمُونَة) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ. وَمِنْهَا: حَدِيث يعلى بن أُميَّة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ عَنهُ. قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِذا أتتك رُسُلِي فادفع إِلَيْهِم ثَلَاثِينَ درعاً، فَقلت: يَا رَسُول الله إِعَارَة مَضْمُونَة أم عَارِية مُؤَدَّاة؟ . وَمِنْهَا: حَدِيث سَمُرَة، رَوَاهُ الْأَرْبَعَة عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (على الْيَد مَا أخذت حَتَّى تُؤَدِّيه) ، وَحسنه التِّرْمِذِيّ، وَقَالَ الْحَاكِم: صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ. وَحجَّة الَّذين ينفون الضَّمَان إلَاّ بِالتَّعَدِّي مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، ثمَّ الْبَيْهَقِيّ فِي (سنَنَيْهِمَا) عَن عَمْرو بن عبد الْجَبَّار عَن عُبَيْدَة بن حسان عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (لَيْسَ على الْمُسْتَوْدع غير الْمغل ضَمَان، وَلَا على الْمُسْتَعِير غير الْمغل ضَمَان) . وروى ابْن مَاجَه فِي (سنَنه) : عَن الْمثنى بن صباح عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (من أودع وَدِيعَة فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ) .
فَإِن قلت: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: عَمْرو بن عبد الْجَبَّار وَعبيدَة ضعيفان، وَإِنَّمَا يرْوى هَذَا من قَول شُرَيْح، غير مَرْفُوع. قلت: قيل: الْجرْح الْمُبْهم لَا يقبل مَا لم يتَبَيَّن سَببه، وَرِوَايَة من وَقفه لَا تقدح فِي رِوَايَة من رَفعه، وَقيل: عُبَيْدَة هَذَا لم يُضعفهُ أحد من أهل هَذَا الشَّأْن، وَذكره البُخَارِيّ فِي (تَارِيخه) وَلم يذكر فِيهِ جرحا، وَكَذَا عَمْرو بن عبد الْجَبَّار لم يُضعفهُ أحد غير أَن ابْن عدي لما ذكره لم يزدْ على قَوْله: لَهُ مَنَاكِير، وَقد اعْترض بَعضهم على الْقَائِل الْمَذْكُور: بِأَن عُبَيْدَة قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ: إِنَّه مُنكر الحَدِيث، وَقَالَ ابْن حبَان: يروي الموضوعات عَن الثِّقَات، ورد عَلَيْهِمَا بِأَنَّهُمَا لم يبينا سَبَب الْجرْح، وَالْجرْح الْمُجَرّد لَا يقبل، على أَن البُخَارِيّ لما ذكره فِي (تَارِيخه) لم يتَعَرَّض إِلَيْهِ بِشَيْء. وَالْجَوَاب عَن حَدِيث أبي أُمَامَة أَنه لَيْسَ فِيهِ دلَالَة على التَّضْمِين، لِأَن الله تَعَالَى قَالَ:{إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا}(النِّسَاء: ٨٥) . فَإِذا تلفت الْأَمَانَة لم يلْزمه ردهَا. .