للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَرَادَت بِهِ أهل بَيته أَو صحابته، وَقيل: الدَّار يُسمى خباء والقبيل يُسمى خباء، وَهَذَا من الِاسْتِعَارَة وَالْمجَاز. قَوْله: أَن يذلوا كلمة: أَن، مَصْدَرِيَّة أَي: ذلتهم، وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي: أَن يعزوا قَوْله: مسيك بِكَسْر الْمِيم وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة صِيغَة مُبَالغَة فِي مسك الْيَد يَعْنِي بخيل جدا، وَيجوز فتح الْمِيم وَكسر السِّين المخففة. قَوْله: من حرج أَي: من إِثْم. قَوْله: إِن أطْعم أَي: بِأَن أطْعم وعيالنا مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول: أطْعم. قَوْله: لَا حرج عَلَيْك أَي: لَا إِثْم عَلَيْك وَلَا منع من أَن تطعميهم من مَعْرُوف يَعْنِي: لايكون فِيهِ إِسْرَاف وَنَحْوه. فَإِن قلت: كَيفَ يَصح الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الحَدِيث على جَوَاز حكم القَاضِي بِعِلْمِهِ لِأَنَّهُ خرج مخرج الْفتيا؟ . قلت: الْأَغْلَب من أَحْوَال النَّبِي الحكم والإلزام.

١٥ - (بابُ الشَّهادَةِ عَلى الخَطِّ المَخْتُومِ وَمَا يَجُوزُ مِنْ ذالِكَ وَمَا يَضيقُ عَلَيْهِمْوكِتابِ الحاكمِ إِلَى عامِلهِ، والقاضِي إِلَى القاضِي)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الشَّهَادَة على الْخط الْمَخْتُوم بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: الْمَحْكُوم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْكَاف، وَلَيْسَت هَذِه اللَّفْظَة بموجودة عِنْد ابْن بطال، وَمَعْنَاهُ: هَل تصح الشَّهَادَة على خطّ بِأَنَّهُ خطّ فلَان؟ وَقيد: بالمختوم، لِأَنَّهُ أقرب إِلَى عدم التزوير على الْخط. قَوْله: وَمَا يجوز من ذَلِك أَي: من الشَّهَادَة على الْخط. قَوْله: وَمَا يضيق أَي: وَمَا لَا يجوز من ذَلِك، وَحَاصِل الْمَعْنى أَن القَوْل بِجَوَاز الشَّهَادَة على الْخط لَيْسَ على الْعُمُوم نفيا وإثباتاً لِأَنَّهُ لَو منع مُطلقًا تضيع الْحُقُوق وَلَا يعْمل بِهِ مُطلقًا، لِأَنَّهُ لَا يُؤمن فِيهِ التزوير، فحينئذٍ يجوز ذَلِك بِشُرُوط، قَوْله: وَكتاب الْحَاكِم إِلَى عماله عطف على قَوْله: بَاب الشَّهَادَة، أَي: وَفِي بَيَان جَوَاز كتاب الْحَاكِم إِلَى عماله، بِضَم الْعين وَتَشْديد الْمِيم جمع عَامل. قَوْله: وَكتاب القَاضِي إِلَى القَاضِي أَي: وَفِي بَيَان جَوَاز كتاب القَاضِي إِلَى القَاضِي، وَهَذِه التَّرْجَمَة مُشْتَمِلَة على ثَلَاثَة أَحْكَام كَمَا رَأَيْتهَا وَيَجِيء الْآن بَيَان حكم كل مِنْهَا مَعَ بَيَان الْخلاف فِيهَا.

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: كِتابُ الحاكِمِ جائِزٌ إِلَّا فِي الحُدُودِ، ثمَّ قَالَ: إنْ كانَ القتْلُ خَطَأً فَهْوَ جائِزٌ لأنَّ هاذَا مالٌ بِزَعْمِهِ، وإنَّما صارَ مَالا بَعْدَ أنْ ثَبَتَ القَتْلُ، فالخَطَأُ والعَمْدُ واحِدٌ.

أَرَادَ بِبَعْض النَّاس الْحَنَفِيَّة، وَلَيْسَ غَرَضه من ذكر هَذَا وَنَحْوه مِمَّا مضى إلَاّ التشنيع على الْحَنَفِيَّة لأمر جرى بَينه وَبينهمْ، وَحَاصِل غَرَض البُخَارِيّ من هَذَا الْكَلَام إِثْبَات المناقضة فِيمَا قَالَه الْحَنَفِيَّة، فَإِنَّهُم قَالُوا: كتاب القَاضِي إِلَى القَاضِي جَائِز إلَاّ فِي الْحُدُود، ثمَّ قَالُوا: إِن كَانَ الْقَتْل خطأ يجوز فِيهِ كتاب القَاضِي إِلَى القَاضِي، لِأَن قتل الْخَطَأ فِي نفس الْأَمر مَال لعدم الْقصاص، فَيلْحق بِسَائِر الْأَمْوَال فِي هَذَا الحكم، وَقَوله: وَإِنَّمَا صَار مَالا إِلَى آخِره بَيَان وَجه المناقضة فِي كَلَام الْحَنَفِيَّة حَاصله إِنَّمَا يصير قتل الْخَطَأ مَالا بعد ثُبُوته عِنْد الْحَاكِم، وَالْخَطَأ والعمد وَاحِد يَعْنِي فِي أول الْأَمر حكمهمَا وَاحِد لَا تفَاوت فِي كَونهمَا حدا، وَالْجَوَاب عَن هَذَا أَن يُقَال: لَا نسلم أَن الْخَطَأ والعمد وَاحِد، وَكَيف يَكُونَا وَاحِدًا وَمُقْتَضى الْعمد الْقصاص، وَمُقْتَضى الْخَطَأ عدم الْقصاص وَوُجُوب المَال لِئَلَّا يكون دم الْمَقْتُول خطأ هدرا، وَسَوَاء كَانَ هَذَا قبل الثُّبُوت أَو بعده.

وقَدْ كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عامِلِهِ فِي الحُدُودِ.

أَي: كتب عمر بن الْخطاب إِلَى عَامله فِي الْحُدُود، وغرضه من إِيرَاد هَذَا، الردُّ على الْحَنَفِيَّة أَيْضا فِي عدم رُؤْيَتهمْ جَوَاز كتاب القَاضِي إِلَى القَاضِي فِي الْحُدُود، وَلَا يرد على مَا نذكرهُ، وَذكر هَذَا الْأَثر عَن عمر للرَّدّ عَلَيْهِم فِيمَا قَالُوهُ. قَوْله: فِي الْحُدُود، رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والكشميهني: فِي الْجَارُود، بِالْجِيم وبالراء المضمومة وَفِي آخِره دَال مُهْملَة وَهُوَ الْجَارُود بن الْمُعَلَّى يكنى أَبَا غياث كَانَ سيداً فِي عبد الْقَيْس رَئِيسا، قَالَ ابْن إِسْحَاق: قدم على رَسُول الله فِي سنة عشر فِي وَفد عبد الْقَيْس وَكَانَ نَصْرَانِيّا فَأسلم وَحسن إِسْلَامه، وَيُقَال: إِن اسْمه بشر بن عَمْرو، وَإِنَّمَا قيل لَهُ: الْجَارُود، لِأَنَّهُ أغار فِي الْجَاهِلِيَّة على بكر بن وَائِل وَمن مَعَه فَأَصَابَهُمْ وجردهم وَسكن الْبَصْرَة إِلَى أَن مَاتَ وَقيل: بِأَرْض فَارس،

<<  <  ج: ص:  >  >>