بِخَيْبَر، فَأرْسل إِلَيْهَا يعملها بمكانه فَخرجت إِلَيْنَا بجراب مَمْلُوء تَمرا لينًا وخبزاً، ثمَّ قَالَ لَهَا: يَا أُمَّاهُ! أما لَو أمسينا لبتنا عنْدك فأدخلينا خَيْبَر، فَقَالَت: وَكَيف تطِيق خَيْبَر وفيهَا أَرْبَعَة آلَاف مقَاتل؟ وَمن تُرِيدُ فِيهَا؟ قَالَ: أَبَا رَافع. قَالَت: لَا تقدر عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَت: إدخلوا عَليّ لَيْلًا لما نَام أهل خَيْبَر فِي حمر النَّاس، وأعلمتهم أَن أهل خَيْبَر لَا يغلقوا عَلَيْهِم أَبْوَابهم فرقا أنم يتطرقهم ضيف، فَلَمَّا هدأت الرِّجل، قَالَت: انْطَلقُوا حَتَّى تستفتحوا على أبي رَافع، فَقولُوا: إِنَّا جِئْنَا لَهُ بهدية، فانهم سيفتحون لكم، فَلَمَّا انْتَهوا إِلَيْهِ استهموا عَلَيْهِ، فَخرج سهم ابْن أنيس.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فِيهِ: جَوَاز الاغتيال على من أعَان على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيد أَو مَال أَو رَأْي، وَكَانَ أَبُو رَافع يعادي رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويؤلب النَّاس عَلَيْهِ. وَفِيه: جوز التَّجَسُّس على الْمُشْركين وَطلب غرتهم. وَفِيه: الاغتيال بِالْحَرْبِ وَالْإِيهَام بالْقَوْل. وَفِيه: الْأَخْذ بالشدة فِي الْحَرْب والتعرض لعدد كثير من الْمُشْركين. وَفِيه: الْإِلْقَاء إِلَى التَّهْلُكَة بِالْيَدِ فِي سَبِيل الله، وَأما الَّذِي نهى عَنهُ من ذَلِك فَهُوَ فِي الْإِنْفَاق فِي سَبِيل الله لِئَلَّا تخلى يَده من المَال فَيَمُوت جوعا وضياعاً. وَفِيه: الحكم بِالدَّلِيلِ الْمَعْرُوف والعلامة الْمَعْرُوفَة على الشَّيْء، كَحكم هَذَا الرجل بالناعية.
٣٢٠٣ - حدَّثني عبدُ الله بن مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى بنُ آدَمَ قَالَ حدَّثنا يَحْيَى بنُ أبِي زائِدَةَ عنْ أبِيهِ عنْ إسْحَاقَ عنِ البَرَاءِ بنِ عازِبٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ بعَثَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رهْطاً مِنَ الأنْصَارِ إِلَى أبي رَافِعٍ فدَخَلَ علَيْهِ عَبْدُ الله بنُ عَتِيكٍ بَيْتَهُ لَيْلاً فقَتَلَهُ وهْوَ نَائِمٌ..
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن عبد الله بن مُحَمَّد المسندي عَن يحيى بن آدم بن سُلَيْمَان الْقرشِي المَخْزُومِي الْكُوفِي صَاحب الثَّوْريّ عَن يحيى بن أبي زَائِدَة. وَفِيه التصرحي بِأَن ابْن عتِيك هُوَ الَّذِي قتل أَبَا رَافع، وَأَنه قَتله وَهُوَ نَائِم، وَلَا تطلب الْمُطَابقَة بَين الحَدِيث والترجمة أَكثر من هَذَا. قَوْله: (بَيته) ، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، يَعْنِي: منزله، ويروى: بَيته، بتَشْديد الْيَاء من التبييت، وَهُوَ فِي مَحل النصب على الْحَال بِتَقْدِير: قد، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أوجاؤكم حصرت صُدُورهمْ} (النِّسَاء: ٠٩) .
٦٥١ - (بابٌ لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ لَا تَتَمَنَّوْا لِقَاء الْعَدو اللِّقَاء الملاقاة.
٤٢٠٣ - حدَّثنا يُوسُفُ بنُ مُوسى قَالَ حدَّثنا عاصِمُ بنُ يُوسُفَ اليَرْبُوعِيُّ قَالَ حدَّثنا أبُو إسحَاقَ الفَزَارِيُّ عنْ مُوسَى بنِ عُقْبَةَ قَالَ حدَّثني سالِمٌ أَبُو النَّضْرِ قَالَ كُنْتُ كاتِباً لِعُمَرَ بنِ عُبَيْدِ الله فأتاهُ كِتابُ عَبْدِ الله بنِ أبِي أوْفَى رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تَمَنَّوْا لِقاءَ العَدُوِّ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، فَأن التَّرْجَمَة هِيَ متن الحَدِيث، ويوسف بن مُوسَى بن عِيسَى أَبُو يَعْقُوب الْمروزِي وَأَبُو إِسْحَاق هُوَ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْفَزارِيّ، بِفَتْح الْفَاء. والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْجِهَاد فِي: بَاب كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا لم يُقَاتل أول النَّهَار، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بأتم مِنْهُ عَن عبد الله بن مُحَمَّد عَن مُعَاوِيَة بن عَمْرو عَن أبي إِسْحَاق عَن مُوسَى بن عقبَة ... إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
٦٢٠٣ - وقَالَ أبُو عامِرٍ حدَّثنا مُغِيرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبِي الزِّنادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَا تَمَنَّوْا لِقاءَ العَدُوِّ فإذَا لَقِيتُمُوهُمْ فاصْبِرُوا.
أَبُو عَامر هُوَ عبد الْملك بن عَمْرو بن قيس الْبَصْرِيّ الْعَقدي، بِفتْحَتَيْنِ: بِنِسْبَة إِلَى العقد، قوم من قيس وهم صنف من الأزد، وَقد ظن الْكرْمَانِي أَن أَبَا عَامر هَذَا هُوَ عبد الله بن براد، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الرَّاء وَفِي آخِره دَال مُهْملَة، وَلَيْسَ كَذَلِك، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رِوَايَة عَن مُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن، وَأَبُو الزِّنَاد، بالزاي وَالنُّون: عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج