٤٨ - (بابُ صَوْمِ المَرْأةِ بإذْنِ زَوْجِها تَطَوُّعا)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم صَوْم الْمَرْأَة حَال كَونهَا ملتبسة بِإِذن زَوجهَا فِي صَومهَا. قَوْله: (تَطَوّعا) يجوز أَن يكون بِمَعْنى متطوعة فَيكون نصبا على الْحَال وَيجوز أَن يكون صفة لمصدر مَحْذُوف أَي: صوما تَطَوّعا، وَإِنَّمَا قيد بِإِذن الزَّوْج لِأَنَّهَا لَا تَصُوم التَّطَوُّع إلَاّ بِإِذْنِهِ لِأَن حَقه مقدم على صَوْم التَّطَوُّع، بِخِلَاف رَمَضَان فَإِنَّهُ لَا يحْتَاج فِيهِ إِلَى الْإِذْن لِأَنَّهُ أَيْضا صَائِم، وَالْخلاف فِي صَوْم قَضَاء رَمَضَان فَمنهمْ من قَالَ: لَيْسَ لَهَا ذَلِك بل تؤخره إِلَى شعْبَان، وَمِنْهُم من قَالَ: لَهَا ذَلِك.
٢٩١٥ - حدّثنا مُحَمَّد بن مُقاتِلٍ أخبرنَا عبْدُ الله أخبرنَا مَعْمَرٌ عَن هَمَّامِ بن مْنَبِّهٍ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: لَا تصُومُ المَرْأةُ وبَعْلِها شاهِدٌ إلَاّ بإذْنه.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يوضحها لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا الحكم بِالْجَوَازِ وبعدم الْجَوَاز.
وَمُحَمّد بن مقَاتل الْمروزِي وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وَمعمر بِفَتْح الميمين ابْن رَاشد، وَهَمَّام بتَشْديد الْمِيم الأولى ابْن مُنَبّه على صِيغَة اسْم الْفَاعِل من التَّنْبِيه.
قَوْله: (لَا يَصُوم) وَالنَّفْي لَا يجْزم وَزعم ابْن التِّين، أَن الصوب: لَا تصم، لِأَنَّهُ نهي وَهُوَ مجزوم وَقَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : وَاتفقَ الْعلمَاء مثل مَا بوب البُخَارِيّ.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا، وَفِي لفظ لَا يحل للْمَرْأَة أَن تَصُوم مَكَان لَا تَصُوم، وَفِي لفظ أبي دَاوُد لَا تصومن امْرَأَة يَوْمًا سوى شهر رَمَضَان وَزوجهَا شَاهد إلَاّ بِإِذْنِهِ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا وَلَفظه: لَا تَصُوم الْمَرْأَة وَزوجهَا شَاهد يَوْمًا من غير شهر رَمَضَان إلَاّ بِإِذْنِهِ. وَقَالَ: حَدِيث أبي هُرَيْرَة حَدِيث حسن. وَأخرجه ابْن حبَان وَصَححهُ.
قَوْله: (وبعلها) أَي: زَوجهَا: (شَاهد) أَي: حَاضر، يَعْنِي مُقيم فِي الْبَلَد إِذْ لَو كَانَ مُسَافِرًا فلهَا الصَّوْم لِأَنَّهُ لَا يتأتي مِنْهُ الِاسْتِمْتَاع بهَا. وَقَالَ الْكرْمَانِي: قَالَ أَصْحَابنَا: النَّهْي للتَّحْرِيم. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي (شرح الْمُهَذّب) : وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا: يكره فَلَو صَامت بِغَيْر إِذْنه صَحَّ وأثمت. وَقَالَ الْمُهلب: النَّهْي على التَّنْزِيه لَا للإلزام.
٥٨ - (بابُ إِذا باتَتِ المَرْأةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِها)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم مَا إِذا باتت الْمَرْأَة مهاجرة أَي: تاركة فرَاش زَوجهَا ومعرضة عَنهُ، وَلم يذكر جَوَاب إِذا الَّذِي هُوَ الحكم اعْتِمَادًا على مَا يفهم من حَدِيث الْبَاب وَهُوَ عدم الْجَوَاز لِأَن فِيهِ اسْتِحْقَاقهَا اللَّعْنَة من الْمَلَائِكَة فَلَا تسْتَحقّ ذَلِك إِلَّا بِمُبَاشَرَة أَمر مَحْظُور.
٣٩١٥ - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بشّار حَدثنَا ابنُ أبي عدِيٍّ عنْ شُعْبَةَ عنْ سُلَيْمانَ عنْ أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَةَ، رَضِي الله عنهُ، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إِذا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأتهُ إِلَى فِرَاشِهِ فأبَتْ أنْ تَجِيءَ لَعَنَتْهَا المَلائِكةُ حتّى تُصْبِحَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا فِي تَرْجَمَة الْبَاب الَّذِي قبله قَوْله: (مُحَمَّد بن بشار) هُوَ بنْدَار، وَذكر أَبُو عَليّ الجياني أَنه وَقع فِي بعض النّسخ مُحَمَّد بن سِنَان بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون الأولى وَهُوَ غلط، وَابْن عدي، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الدَّال الْمُهْملَة، وَسليمَان هُوَ الْأَعْمَش، وَأَبُو حَازِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالزاي: هُوَ سُلَيْمَان الْأَشْجَعِيّ مولى عزة الأشجعية.
والْحَدِيث قد مر فِي بَدْء الْخلق فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسَدّد عَن أبي عوَانَة عَن الْأَعْمَش إِلَى آخِره.
قَوْله: (إِذا دَعَا الرجل امْرَأَته إِلَى فرَاشه) ، كِنَايَة عَن الْجِمَاع. قَوْله: (فَأَبت) أَي: امنتعت. قَوْله: (أَن تَجِيء) كلمة: أَن مَصْدَرِيَّة أَي: عَن الْمَجِيء قَوْله: (حَتَّى تصبح) ، ظَاهره اخْتِصَاص اللَّعْن بِمَا إِذا وَقع ذَلِك مِنْهَا لَيْلًا وَلَيْسَ ذَلِك بِقَيْد، وَإِنَّمَا ذكر ذَلِك لِأَن مَظَنَّة ذَلِك غَالِبا بِاللَّيْلِ وَإِلَّا فَهُوَ عَام فِي اللَّيْل وَالنَّهَار، يُوضح ذَلِك وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث يزِيد بن كيسَان عَن أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: (وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، مَا من رجل يَدْعُو امْرَأَته إِلَى فراشها فتأبى عَلَيْهِ إلَاّ كَانَ الَّذِي فِي السَّمَاء ساخطا عَلَيْهَا حَتَّى يرضى عَنْهَا، وَمَا رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان من حَدِيث جَابر رَفعه: (ثَلَاثَة لَا تقبل لَهُم صَلَاة وَلَا يصعد لَهُم إِلَى السَّمَاء حَسَنَة: العَبْد الْآبِق حَتَّى يرجع، والسكران حَتَّى يصحو، وَالْمَرْأَة الساخط