للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ قَالَ لَيْسَ كَما تَقُولُونَ لَمْ يَلْبِسُوا إيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ بِشَرْكٍ أوَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لإِبنِهِ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّه إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ. .

اعْترض الْإِسْمَاعِيلِيّ فَقَالَ: لَا أعلم فِي الحَدِيث شَيْئا من قصَّة إِبْرَاهِيم، وَقَالَ بَعضهم نصْرَة للْبُخَارِيّ: وخفي عَلَيْهِ أَنه حِكَايَة عَن قَول إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لما فرغ من حِكَايَة قَول إِبْرَاهِيم فِي الْكَوْكَب وَالْقَمَر وَالشَّمْس، ذكر مُحَاجَّة قومه لَهُ، ثمَّ حكى أَنه قَالَ لَهُم: وَكَيف أَخَاف مَا أشركتم وَلَا تخافون أَنكُمْ أشركتم بِاللَّه مَا لم ينزل بِهِ عَلَيْكُم سُلْطَانا؟ فَأَي الْفَرِيقَيْنِ أَحَق بالأمن؟ فَهَذَا كُله عَن إِبْرَاهِيم. انْتهى. قلت: قد سبق صَاحب (التَّوْضِيح) بِهَذَا الْجَواب، وَقَالَ الْكرْمَانِي: مُنَاسبَة هَذَا الحَدِيث بِقصَّة إِبْرَاهِيم اتِّصَال هَذِه الْآيَة بقوله: {وَتلك حجتنا آتيناها إِبْرَاهِيم على قومه} (الْأَنْعَام: ٣٨) . وكل هَذَا لَا يجدي شَيْئا، وَالْكَلَام فِي مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة، والترجمة هِيَ قَوْله: بَاب {وَاتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا} (النِّسَاء: ٥٦١) . فَأَيْنَ الْمُطَابقَة بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين التَّرْجَمَة؟ وَاعْتِرَاض الْإِسْمَاعِيلِيّ باقٍ، وَقَول الْقَائِل الْمَذْكُور: وخفي عَلَيْهِ. . إِلَى آخِره، غير موجه أصلا، بل هُوَ الَّذِي خَفِي عَلَيْهِ أَنه أثبت الْمُطَابقَة بِالْجَرِّ الثقيل، وَأبْعد مِنْهُ مَا قَالَه الْكرْمَانِي: وَالْمَقْصُود من الْمُطَابقَة أَن يكون فِيهِ شَيْء من أَلْفَاظ التَّرْجَمَة، وَلَو كَانَ شَيْئا يَسِيرا، وَهَذِه الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة كلهَا لَا تَخْلُو عَن ذكر إِبْرَاهِيم، كَمَا هُوَ مَذْكُور فِي التَّرْجَمَة، ويستأنس فِي الْمُطَابقَة من حَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه قَرَأَ هَذِه الْآيَة: {الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم} (الْأَنْعَام: ٢٨) . قَالَ: هَذِه فِي إِبْرَاهِيم وَأَصْحَابه وَلَيْسَت فِي هَذِه الْأمة.

وَهَذَا الحَدِيث مضى فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب ظلم دون ظلم، وَأخرجه هُنَاكَ من طَرِيقين: أَحدهمَا: عَن أبي الْوَلِيد عَن شُعْبَة. وَالْآخر: عَن بشر بن خَالِد عَن مُحَمَّد عَن شُعْبَة عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ عَن عَلْقَمَة بن الْأسود عَن عبد الله بن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.

٢١ - (بابٌ يَزِفّونَ النَّسَلَانُ فِي المَشْيِ)

أَي: هَذَا بَاب، وَلم يذكر لَهُ تَرْجَمَة، وَهُوَ كالفصل من بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَاتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا} (النِّسَاء: ٥٦١) . وَقَوله: يزفون النسلان فِي الْمَشْي، إِنَّمَا ذكر فِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ والكشميهني، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والباقين: بَاب، بِغَيْر تَرْجَمَة، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: لم يذكر: بَاب، وَفِي شرح الْكرْمَانِي: بَاب قَالَ الله تَعَالَى: {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يزفون} (الصافات: ٤٩) . وَقَالَ بَعضهم: وَالَّذِي يظْهر تَرْجِيح مَا وَقع عِنْد الْمُسْتَمْلِي، وَوهم من وَقع عِنْده: بَاب يزفون النسلان، فَإِنَّهُ كَلَام لَا معنى لَهُ. قلت: بل لَهُ معنى جيد، لِأَن قَوْله بَاب: كالفصل كَمَا ذكرنَا فَلَا يحْتَاج إِلَى التَّرْجَمَة، لِأَنَّهُ من الْبَاب السَّابِق، وَقَوله: (يزفون) أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يزفون} (الصافات: ٤٩) . لِأَنَّهُ من جملَة قصَّة إِبْرَاهِيم مَعَ قومه حِين كسر أصنامهم، قَالَ الله تَعَالَى: فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ أَي أَقبلُوا إِلَى إِبْرَاهِيم، يزفون أَي: يسرعون، ثمَّ أَشَارَ بقوله: النسلان فِي الْمَشْي إِلَى الْمَعْنى الْحَاصِل من قَوْله: يزفون، وَهُوَ من زف فِي مَشْيه إِذا أسْرع، وَكَذَلِكَ النسلان هُوَ الْإِسْرَاع فِي الْمَشْي، يُقَال: نسل ينسل من بَاب ضرب يضْرب نَسْلًا ونسلاناً. وَفِي حَدِيث لُقْمَان: وَإِذا سعى الْقَوْم نسل، أَي: إِذا عَدو الْغَارة أَو مَخَافَة أسْرع هُوَ، قَالَ ابْن الْأَثِير: النسلان دون السَّعْي. قلت: ومادته: نون وسين مُهْملَة وَلَام.

١٦٣٣ - حدَّثنا إسْحَاقُ بنُ إبْرَاهِيمَ بنِ نَصْرٍ حدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ عنْ أبِي حَيَّانَ عنْ أبِي زُرْعَةَ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ أتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْماً بِلَحْمٍ فَقَالَ إنَّ الله يَجْمَعُ يَوْمَ القِيَامَةِ الأَوَّلِينَ والآخَرِينَ فِي صَعِيدٍ واحِدٍ فيُسْمِعُهُمْ الدَّاعِي ويَنْفذُهُمْ البَصَرُ وتَدْنُوا الشَّمْسُ مِنْهُمْ فَذَكَرَ حدِيثَ الشَّفَاعَةِ فيَأتُونَ إبْرَاهِيمَ فيَقُولُونَ أنْتَ نَبِيُّ الله وخَلِيلُهُ مِنَ الأرْضِ اشْفَعْ لَنَا إلَى رَبِّكَ فيَقُولُ فَذَكَرَ كَذَبَاتِهِ نَفْسِي نَفْسِي اذْهَبُوا إِلَى مُوساى.

مطابقته لباب {وَاتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا} (النِّسَاء: ٥٦١) . فِي قَوْله: (أَنْت نَبِي الله وخليله فِي الأَرْض) وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَأَبُو حَيَّان، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف يحيى بن سعيد التَّيْمِيّ، تيم الربَاب، الْكُوفِي. وَأَبُو زرْعَة، بِضَم الزَّاي وَسُكُون الرَّاء: اسْمه هرم

<<  <  ج: ص:  >  >>