للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنَّا، إِذا خضع، وكل من ذل وخضع واستكان فقد عَنَّا يعنو، وَهُوَ عانٍ، وَالْمَرْأَة عانية، وَجَمعهَا: عوان، وَكَأَنَّهُ ظن أَن التَّاء فِي عنت أَصْلِيَّة، فَلذَلِك ذكره هُنَا عقيب. قَوْله: (لأعنتكم) ، وَلَيْسَ كَذَلِك، لِأَن التَّاء فِي: لأعنتكم، أَصْلِيَّة، وَقيل: لَعَلَّه ذكره اسْتِطْرَادًا، وَلَا يَخْلُو عَن تعسف.

٧٦٧٢ - وَقَالَ لَنا سُلَيْمَانُ حدَّثنا حَمَّادٌ عنْ أيُّوبَ عنْ نافِعٍ قَالَ مَا رَدَّ ابنُ عُمَرَ عَلِيِّ على أحَدٍ وصِيَّةً.

سُلَيْمَان هُوَ ابْن حَرْب أَبُو أَيُّوب الواشجي قَاضِي مَكَّة، وَهُوَ من شُيُوخ البُخَارِيّ، قَالَ الْكرْمَانِي: وَإِنَّمَا قَالَ بِلَفْظ: قَالَ، لِأَنَّهُ لم يذكرهُ على سَبِيل النَّقْل والتحميل، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ مَوْصُول، وَجَرت عَادَته الْإِتْيَان بِهَذِهِ الصِّيغَة فِي الْمَوْقُوفَات غَالِبا، وَفِي المتابعات نَادرا، وَلم يصب من قَالَ: إِنَّه لَا يَأْتِي بهَا إلَاّ فِي المذاكرة، وَأبْعد من قَالَ: إِنَّهَا للإجازة. انْتهى. قلت: كَيفَ يَقُول: هُوَ مَوْصُول وَلَيْسَ فِيهِ لفظ من الْأَلْفَاظ الَّتِي تدل على الِاتِّصَال؟ نَحْو: التحديث والإخبار وَالسَّمَاع والعنعنة؟ وَالَّذِي قَالَه الْكرْمَانِي هُوَ الْأَظْهر. قَوْله: (مَا ردَّ ابْن عمر على أحد وَصِيَّة) يَعْنِي: أَنه كَانَ يقبل وَصِيَّة من يُوصي إِلَيْهِ، وَقَالَ ابْن التِّين: كَأَنَّهُ كَانَ يَبْتَغِي الْأجر بذلك، لحَدِيث: (أَنا وكافل الْيَتِيم كهاتين) الحَدِيث.

وكانَ ابنُ سِيرينَ أحَبَّ الأشْياءِ إلَيْهِ فِي مالِ الْيَتِيمِ أنْ يَجْتَمِعَ إلَيْهِ نُصَحَاؤُهُ وأوْلِيَاؤُهُ فَيَنْظُرُوا الَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَهُ

ابْن سِيرِين هُوَ مُحَمَّد. قَوْله: (أحب الْأَشْيَاء) ، بِالرَّفْع على أَنه مُبْتَدأ وَخَبره هُوَ قَوْله: (أَن يجْتَمع) ، و: كَانَ، بِمَعْنى: وجد، قَوْله: (أَن يجْتَمع إِلَيْهِ) ، ويروى أَن يخرج إِلَيْهِ. قَوْله: (نصحاؤه) ، بِضَم النُّون: جمع نصيح بِمَعْنى نَاصح. قَوْله: (فينظروا، ويروى: فَيَنْظُرُونَ، على الأَصْل.

وكانَ طَاوُوسٌ إذَا سُئِلَ عنْ شَيْءٍ مِنْ أمْرِ اليَتَامَى قَرَأ {وَالله يَعْلَمُ المُفْسِدَ مِنَ المُصْلِحِ} (الْبَقَرَة: ٠٢٢) .

طَاوُوس بن كيسَان الْيَمَانِيّ، وَهَذَا وَصله سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي (تَفْسِيره) عَن هِشَام بن حُجَيْر، بحاء مُهْملَة ثمَّ جِيم مصغر، عَن طَاوُوس أَنه كَانَ، إِذا سُئِلَ عَن مَال الْيَتِيم يقْرَأ: {ويسألونك عَن الْيَتَامَى قل إصْلَاح لم خير، وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح} (الْبَقَرَة: ٠٢٢) .

وَقَالَ عَطاءٌ فِي يَتَامَى الصَّغِيرُ والْكَبِيرُ يُنْفِقُ الوَلِيُّ علَى كُلِّ إنْسَانٍ بِقَدْرِهِ مِنْ حِصَّتِهِ

عَطاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح، وَهَذَا وَصله ابْن أبي شيبَة من رِوَايَة عبد الْملك بن سُلَيْمَان، عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن الرجل يَلِي أَمْوَال أَيْتَام وَفِيهِمْ الصَّغِير وَالْكَبِير، وَمَا لَهُم جَمِيع لم يقسم. قَالَ: ينْفق على كل إِنْسَان مِنْهُم من مَاله على قدره، وَهَذَا يُفَسر مَا ذكره من قَول عَطاء. قَوْله: (فِي يتامى) ، وَفِي بعض النّسخ: فِي الْيَتَامَى، قَوْله: (الصَّغِير وَالْكَبِير) أَي: الوضيع والشريف مِنْهُم. قَوْله: (بِقَدرِهِ) ، أَي: بِقدر الْإِنْسَان، أَي: اللَّائِق حَاله، ويروى: بِقدر حِصَّته.

٥٢ - (بابُ اسْتِخْدَامِ الْيَتِيمِ فِي السَّفَرِ والحَضَرِ إذَا كانَ صَلَاحاً لَهُ ونَظَرِ الأمِّ أوْ زَوْجِهَا لِلْيَتِيمِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم اسْتِخْدَام الْيَتِيم. قَوْله: (إِذا كَانَ صلاحاً لَهُ) أَي: إِذا كَانَ خيرا ونفعاً للْيَتِيم فِي السّفر، قيل: هَذَا قيد للسَّفر، لِأَن السّفر مشقة وَقطعَة من الْعَذَاب، وَرُبمَا يتَضَرَّر الْيَتِيم فِيهِ، وَالظَّاهِر أَن هَذَا قيد للحضر وَالسّفر جَمِيعًا، لِأَن الْيَتِيم مَحل الرَّحْمَة، وَفِي خدمَة النَّاس مَا لَا يصلح للكبير فضلا عَن الْيَتِيم. قَوْله: (وَنظر الْأُم) بِالْجَرِّ عطفا على قَوْله: (اسْتِخْدَام الْيَتِيم) وَقَالَ ابْن التِّين: أَكثر أَصْحَاب مَالك على أَن الْأُم وَغَيرهَا لَهُم التَّصَرُّف فِي مصَالح من هم فِي كفالتهم، ويعقدون لَهُ وَعَلِيهِ وَإِن لم يَكُونُوا أوصياء، وَيكون حكمهم حكم الأوصياء، وَقيل: حَتَّى يكون بَينه وَبَين الطِّفْل قرَابَة، وَقَالَ ابْن الْقَاسِم: لَا يفعل ذَلِك إلَاّ إِن يكون وَصِيّا، وَوَافَقَهُمْ ابْن الْقَاسِم فِي اللَّقِيط. قَوْله: (أَو زَوجهَا) أَي: أَو نظر زوج الْأُم، يَعْنِي: لَهُ النّظر فِي ربيبه إِذا كَانَ عِنْده.

<<  <  ج: ص:  >  >>