يضْرب لمن يتشبه بِمن هُوَ فَوْقه. قَوْله: (فِي طوله) ، بِكَسْر الطَّاء الْمُهْملَة وَفتح الْوَاو، وَهُوَ: الْحَبل الَّذِي تشد بِهِ الدَّابَّة. ويمسك طرفه وَيُرْسل فِي المرعى. قَوْله: (فَيكْتب لَهُ حَسَنَات) أَي: يكْتب لَهُ الاستنان حَسَنَات، وحسنات مَنْصُوب على أَنه مفعول ثَان، وَهَذَا الْقدر ذكره أَبُو حُصَيْن عَن أبي صَالح، مَوْقُوفا، وَسَيَأْتِي فِي: بَاب الْخَيل ثَلَاثَة من طَرِيق زيد بن أسلم مَرْفُوعا.
٢ - (بابٌ أفْضَلُ النَّاسِ مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ بنَفْسِهِ ومالِهِ فِي سَبِيلِ الله)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ أفضل النَّاس إِلَى آخِره قَوْله: (مُجَاهِد) صفة لقَوْله مُؤمن وَفِي رِوَايَة الْكشميهني يُجَاهد بِلَفْظ الْمُضَارع.
وقَوْلُهُ تعَالى {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أدُلُّكُمْ علَى تِجَارَةٍ تنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أليمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّه وَرَسُوله وتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ الله بأمْوَالِكُمْ وأنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرُ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ويُدْخِلكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ومَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ} (الصَّفّ: ٠١) .
وَقَوله، بِالرَّفْع عطف على قَوْله: أفضل النَّاس، لِأَنَّهُ مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وخيره قَوْله: مُؤمن، هَاتَانِ آيتان من سُورَة الصَّفّ فيهمَا إرشاد للْمُؤْمِنين إِلَى طَرِيق الْمَغْفِرَة. قَالُوا: النداء بقوله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا} (الصَّفّ: ٠١) . للمخلصين، وَقيل: عَام. قَوْله: {هَل أدلكم} (الصَّفّ: ٠١) . اسْتِفْهَام فِي اللَّفْظ إِيجَاب فِي الْمَعْنى. قَوْله: {تنجيكم} (الصَّفّ: ٠١) . أَي: تخلصكم وتبعدكم {من عَذَاب إليم} (الصَّفّ: ٠١) . قَرَأَ ابْن عَامر بِالتَّشْدِيدِ من: التنجية، وَالْبَاقُونَ بِالتَّخْفِيفِ من الإنجاء. قَوْله: {تؤمنون} (الصَّفّ: ٠١) . اسْتِئْنَاف كَأَنَّهُمْ قَالُوا: كَيفَ نعمل؟ فَبين مَا هِيَ؟ فَقَالَ: تؤمنون، وَهُوَ خبر فِي معنى الْأَمر، وَلِهَذَا أُجِيب بقوله: {يغْفر لكم} (الصَّفّ: ٠١) . قَوْله: {وتجاهدون} (الصَّفّ: ٠١) . عطف على: تؤمنون، وَإِنَّمَا جِيءَ على لفظ الْخَبَر للإيذان بِوُجُوب الِامْتِثَال، كَأَنَّهَا وجدت وحصلت. قَوْله: {ذَلِكُم} (الصَّفّ: ٠١) . أَي: مَا ذكر من الْإِيمَان وَالْجهَاد {خير لكم} من أَمْوَالكُم وَأَنْفُسكُمْ {إِن كُنْتُم تعلمُونَ} (الصَّفّ: ٠١) . أَنه خير لكم. قَوْله: {يغْفر لكم} قيل: إِنَّه جَوَاب لقَوْله: {هَل أدلكم} (الصَّفّ: ٠١) . وَوَجهه أَن مُتَعَلق الدّلَالَة هُوَ التِّجَارَة، وَهِي مفسرة بِالْإِيمَان وَالْجهَاد، فَكَأَنَّهُ قيل: هَل تَتَّجِرُونَ بِالْإِيمَان وَالْجهَاد يغْفر لكم؟ وَعَن ابْن عَبَّاس: أَنهم قَالُوا: لَو نعلم أحب الْأَعْمَال إِلَى الله تَعَالَى لعملناها، فَنزلت هَذِه الْآيَة، فَمَكَثُوا مَا شَاءَ الله يَقُولُونَ: ليتنا نعلم مَا هِيَ؟ فدلهم الله بقوله: تؤمنون، وَهَذَا يدل على أَن: تؤمنون، كَلَام مُسْتَأْنف. قَوْله: {ويدخلكم} (الصَّفّ: ٠١) . عطف على {يغْفر لكم} (الصَّفّ: ٠١) .
٦٨٧٢ - حدَّثنا أَبُو اليَمَانِ قَالَ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ حدَّثني عَطاءُ بنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ أنَّ أبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حدَّثَهُ قَالَ قِيلَ يَا رسولَ الله أيُّ النَّاسِ أفْضلُ فقالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُؤمِنٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ الله بِنَفْسِهِ ومالِهِ قالُوا ثُمَّ مَنْ قالَ مُؤْمِنٌ فِي شعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَتَّقِي الله ويدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ.
(الحَدِيث ٦٨٧٢ طرفه فِي: ٤٩٤٦) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (مُؤمن مُجَاهِد فِي سَبِيل الله بِنَفسِهِ وَمَاله) .
وَرِجَاله قد تكَرر ذكرهم وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع الْحِمصِي، وَشُعَيْب هُوَ ابْن أبي حَمْزَة الْحِمصِي.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الرقَاق. وَأخرجه مُسلم فِي الْجِهَاد عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن وَعَن مَنْصُور بن أبي مُزَاحم وَعَن عبد بن حميد. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أبي عمار الْحُسَيْن بن حُرَيْث، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن كثير بن عبيد. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْفِتَن عَن هِشَام بن عمار.
قَوْله: (مُؤمن مُجَاهِد) أَي: أفضل النَّاس مُؤمن مُجَاهِد، قَالُوا: هَذَا عَام مَخْصُوص تَقْدِيره: هَذَا من أفضل النَّاس، وإلَاّ فَالْعُلَمَاء أفضل، وَكَذَا الصديقون، كَمَا جَاءَت بِهِ الْأَحَادِيث، وَيدل على ذَلِك أَن فِي بعض طرق النَّسَائِيّ كَحَدِيث أبي سعيد: أَن من خير النَّاس رجلا عمل فِي سَبِيل الله على ظهر فرسه. قَوْله: (فِي شعب) ، بِكَسْر الشين المعجم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة، وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة هُوَ مَا انفرج بَين الجبلين، وَهُوَ خَارج على سَبِيل الْمِثَال لَا للقيد بِنَفس الشّعب، وَإِنَّمَا