للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٠٢٣ - حدَّثنا مَكِّيُّ بنُ إبْرَاهِيمَ قَالَ حدَّثَنا ابنُ جُرَيْجٍ عنْ عطَاءٍ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ كانَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا رأى مَخِيلَةً فِي السَّماءِ أقْبَلَ وأدْبرَ ودَخَلَ وخَرَجَ وتَغَيَّرَ وجهُهُ فإذَا أمْطَرَتِ السَّماءُ سُرِّيَ عنْهُ فَعرَّفَتْهُ عائِشَةُ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أدْرِي لَعَلَّهُ كَما قَالَ قَوْمٌ {فلَمَّا رَأوْهُ عارِضَاً مُسْتَقْبِلَ أوْدِيَتِهِمْ} (الْأَحْقَاف: ٤٢) . الْآيَة. (الحَدِيث ٦٠٢٣ طرفه فِي: ٩٢٨٤) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه مُشْتَمل على ذكر الرّيح والمطر الَّذِي يَأْتِي بِهِ الرّيح. ومكي بن إِبْرَاهِيم بن بشر بن فرقد الْحَنْظَلِي الْبَلْخِي، وَلَفظ: مكي، على صُورَة النِّسْبَة، اسْمه وَلَيْسَ هُوَ مَنْسُوبا إِلَى مَكَّة، وَقد وهم الْكرْمَانِي، فَقَالَ: مكي، نِسْبَة إِلَى مَكَّة وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: كالمنسوب إِلَى مَكَّة: وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج وَعَطَاء هُوَ ابْن أبي رَبَاح.

والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود الْبَصْرِيّ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن يحيى بن أَيُّوب الْمروزِي.

قَوْله: (مخيلة) بِفَتْح الْمِيم وَكسر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَهِي: السحابة الَّتِي بخال فِيهَا الْمَطَر. قَوْله: (وَتغَير وَجهه) خوفًا أَن تصيب أمته عُقُوبَة ذَنْب الْعَامَّة كَمَا أصَاب الَّذين {قَالُوا: هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} (الْأَنْفَال: ٣٣) . الْآيَة. فَإِن قلت: كَيفَ يلتئم هَذَا مَعَ قَوْله: {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم} (الْأَنْفَال: ٣٣) . قلت: الْآيَة نزلت بعد هَذِه الْقِصَّة، وَهَذِه كَرَامَة لرَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرفع لدرجته حَيْثُ لَا يعذب أمته وَهُوَ فيهم، وَلَا يعذبهم أَيْضا وهم يَسْتَغْفِرُونَ بعد ذَهَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، واستنبطت الصُّوفِيَّة من ذَلِك: أَن الْإِيمَان الَّذِي فِي الْقُلُوب أَيْضا يمْنَع من تَعْذِيب أبدانهم كَمَا كَانَ وجوده فيهم مَانِعا مِنْهُ. قَوْله: (فَإِذا أمْطرت السَّمَاء) قد مر الْكَلَام فِي أمطر ومطر فِي: بَاب الاسْتِسْقَاء، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر بِدُونِ الْألف. قَوْله: (سري عَنهُ) ، على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: كشف عَنهُ مَا خالطه من الوجل، يُقَال: سررت الثَّوْب وسريته إِذا أخلقته، وسريت الجل عَن الْفرس إِذا نَزَعته عَنهُ، وَالتَّشْدِيد للْمُبَالَغَة. قَوْله: (فعرفته عَائِشَة) من التَّعْرِيف أَي: عرفت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وسلمما كَانَ عرض لَهُ. قَوْله: (عارضاً) وَهُوَ السَّحَاب الَّذِي يعْتَرض فِي أفق السَّمَاء.

٦ - (بابُ ذِكْرِ المَلَائِكَةِ صَلَواتُ الله علَيْهِمْ)

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر الْمَلَائِكَة، وَهُوَ جمع ملك، وَقَالَ ابْن سَيّده: هُوَ مخفف عَن ملأك كالشمائل جمع شمأل وإلحاق التَّاء لتأنيث الْجمع وَتركت الْهمزَة فِي الْمُفْرد للاستثقال. وَقَالَ الْقَزاز: هُوَ مَأْخُوذ من الألوكة وَهِي الرسَالَة، وَقيل: هُوَ مَأْخُوذ من الْملك بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون اللَّام: وَهُوَ الْأَخْذ بِقُوَّة، وَقيل: من الْملك، بِالْكَسْرِ لِأَن الله تَعَالَى قد جعل لكل ملك ملكا فَملك ملك الْمَوْت قبض الْأَرْوَاح، وَملك إسْرَافيل الصُّور، وَكَذَا سَائِرهمْ، وَيفْسد هَذَا قَوْلهم: مَلَائِكَة بِالْهَمْزَةِ وَلَا أصل لَهُ على هَذَا القَوْل فِي الْهمزَة، وَقد جَاءَ الْملك جمعا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالْملك على أرجائها} (الحاقة: ٧١) . وَالْمَلَائِكَة أجسام لَطِيفَة هوائية تقدر على التشكل بأشكال مُخْتَلفَة مَسْكَنهَا السَّمَوَات وَيُقَال جَوْهَر بسيط ذُو نطق وعقل مقدس عَن ظلمَة الشَّهْوَة وكدورة الْغَضَب {وَلَا يعصون الله مَا أَمرهم ويفعلون مَا يؤمرون} (التَّحْرِيم: ٦) . طعامهم التَّسْبِيح وشرابهم التَّقْدِيس وانسهم بِذكر الله تَعَالَى خلقُوا على صور مُخْتَلفَة واقدار مُتَفَاوِتَة لإِصْلَاح مصنوعاته وَإِسْكَان سمواته.

وقالَ أنسٌ: قَالَ عبدُ الله بنُ سَلَامٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن جِبْرِيلَ علَيْهِ السَّلَامُ عَدُوُّ اليَهُودِ مِنَ المَلَائِكَةِ

هَذَا التَّعْلِيق قِطْعَة من حَدِيث وَصله البُخَارِيّ فِي كتاب الْهِجْرَة عَن مُحَمَّد بن سَلام عَن مَرْوَان بن مُعَاوِيَة عَن حميد عَن أنس، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

وقالَ ابنُ عبَّاسٍ إنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ المَلَائِكَةُ

هَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ مَرْفُوعا عَن عَائِشَة بِلَفْظ: مَا فِي السَّمَاء الدُّنْيَا مَوضِع قدم إلَاّ عَلَيْهِ ملك ساجد أَو قَائِم، فَذَلِك قَوْله:

<<  <  ج: ص:  >  >>