للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، هُوَ الْمَالِك لمنافع وَقفه، وَلَا كَذَلِك الْوَصِيّ على أَوْلَاده، فَإِنَّهُم إِنَّمَا يملكُونَ المَال بقسمة الله عز وَجل، وتمليكه، وَلَا حق لمَالِكه فِيهِ بعد مَوته، فَلذَلِك كَانَ الْمُخْتَار أَن وَصِيّ الْيَتِيم لَيْسَ لَهُ الْأكل من مَاله إلَاّ أَن يكون فَقِيرا فيأكل. وَاخْتلف فِي قَضَائِهِ إِذا أيسر. انْتهى. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَجه مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة من جِهَة أَن الْمَقْصُود جَوَاز أَخذ الْأجر من مَال الْيَتِيم، لقَوْل عمر: لَا جنَاح على من وليه أَن يَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ. انْتهى. قلت: هَذَا أوجه من غَيره، والْحَدِيث قد مضى عَن قريب فِي بَاب الشُّرُوط فِي الْوَقْف، وَهنا ذكره بأتم من ذَاك.

وَهَارُون هُوَ ابْن الْأَشْعَث، بالشين الْمُعْجَمَة وَالْعين الْمُهْملَة والثاء الْمُثَلَّثَة: أَبُو عمر الْهَمدَانِي، بِسُكُون الْمِيم، أَصله من الْكُوفَة ثمَّ سكن بُخَارى، وَلم يخرج عَنهُ البُخَارِيّ فِي هَذَا الْكتاب سوى هَذَا الْموضع، وَوَقع فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: حَدثنَا هَارُون، كَذَا بِغَيْر نِسْبَة، وَوَقع عِنْد أبي ذَر وَغَيره: حَدثنَا هَارُون ابْن الْأَشْعَث، وَزعم ابْن عدي أَنه: هَارُون بن يحيى الْمَكِّيّ الزبيرِي، وَلم يعرف من حَاله بِشَيْء، قيل: الْعُمْدَة على رِوَايَة أبي ذَر وَغَيره مَنْسُوبا، وَأَبُو سعيد هُوَ: عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الْحَافِظ، مَاتَ سنة سبع وَسبعين وَمِائَة، وصخر، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة: ابْن جوَيْرِية مصغر جَارِيَة، بِالْجِيم، وَهُوَ من الْأَعْلَام الْمُشْتَركَة الْبَصْرِيّ.

قَوْله: (ثمغ) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْمِيم وبالغين الْمُعْجَمَة، وَحكى الْمُنْذِرِيّ فتح الْمِيم. وَقَالَ أَبُو عبيد الْبكْرِيّ: هِيَ أَرض تِلْقَاء الْمَدِينَة كَانَت لعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (فصدقته ذَلِك) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فصدقته تِلْكَ، فَوجه التَّأْنِيث ظَاهر وَوجه التَّذْكِير بِاعْتِبَار الْمَذْكُور. قَوْله: (أَو يُوكل صديقه) ، بِضَم الْيَاء وَكسر الْكَاف، وَصديقه، مَنْصُوب بِهِ. قَوْله: (غير مُتَمَوّل بِهِ) ، حَال، وَالضَّمِير فِي: بِهِ، يرجع إِلَى المَال الَّذِي تصدق بِهِ عمر، ذكر المَال وَأَرَادَ بِهِ الأَرْض الَّتِي تسمى: (ثمغ) .

٥٦٧٢ - حدَّثنا عُبَيْدُ بنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حدَّثنا أبُو أُسَامَةَ عنْ هِشامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا ومنْ كانَ غَنِيَّاً فلْيَسْتَعْفِفْ ومنْ كانَ فَقِيراً فلْيَأْكُلْ بالمَعْرُوفِ قالتْ أُنْزِلت فِي والِي اليَتِيمَ أنْ يُصِيبَ مِنْ مالِهِ إذَا كانَ مُحْتَاجاً بِقَدْرِ مالِهِ بالمَعْرُوف..

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَعبيد مصغر عبد ابْن إِسْمَاعِيل، واسْمه فِي الأَصْل: عبد الله، يكنى أَبَا مُحَمَّد الْهَبَّاري الْقرشِي الْكُوفِي، وَهُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَقد مر غير مرّة يروي عَن هِشَام بن عُرْوَة وَهِشَام يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام عَن عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي آخر الْكتاب.

قَوْله: (فِي وَالِي الْيَتِيم) ، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: (فِي وَالِي مَال الْيَتِيم) إِلَى آخِره. قَوْله: (بِقدر مَاله) ، أَي: إِذا كَانَ وليا لِلْيَتَامَى يَأْخُذ من كل وَاحِد مِنْهُم بِالْقِسْطِ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويروى: مَاله، بِفَتْح اللَّام، أَي: بِقدر الَّذِي لَهُ من العمالة. قَوْله: (بِالْمَعْرُوفِ) ، بَيَان لَهُ.

٣٢ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يأكُلُونَ أمْوالَ اليَتَامَى ظُلْماً إنَّمَا يأكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارا وسَيَصْلَوْنَ سعَيراً} (النِّسَاء: ٠١) .)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حَال أَكلَة أَمْوَال الْيَتَامَى فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن الَّذِينَ يَأْكُلُون} (النِّسَاء: ٠١) . الْآيَة، وَهَذَا تهديد فِي أكل أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما، وَالْمعْنَى: الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى من حَيْثُ الظُّلم إِنَّمَا يَأْكُلُون فِي بطونهم نَارا تتأجج فِيهَا يَوْم الْقِيَامَة، وتملأ بهَا بطونها عيَانًا. قَالَ الدَّاودِيّ: وَهَذِه الْآيَة أَشد مَا فِي الْقُرْآن على الْمُؤمنِينَ، لِأَنَّهَا خَبرا لَا أَن يُرِيد: مستحلين بهَا، قَوْله: {وسيصلون سعيراً} (النِّسَاء: ٠١) . مَأْخُوذ من الصلا، وَالصَّلَا والاصطلاء بالنَّار، وَذَلِكَ التسخن بهَا، ثمَّ اسْتعْمل فِي كل من بَاشر شدَّة أَمر من الْأُمُور من حَرْب أَو قتال أَو غير ذَلِك، وَقِرَاءَة عَامَّة أهل الْمَدِينَة وَالْعراق: سيصلون، على بِنَاء الْمَعْلُوم. وَقَرَأَ بعض الْكُوفِيّين وَبَعض المكيين على بِنَاء الْمَجْهُول، يَعْنِي: يحرقون من قَوْلهم شَاة مصلية يَعْنِي: مشوية، والسعير: شدَّة حر جَهَنَّم، وَتَقْدِير الْكَلَام: وسيصلون نَارا مسعورة، أَي: موقدة مشعلة شَدِيدا حرهَا. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: حَدثنَا أبي حَدثنَا عَبدة أخبرنَا أَبُو عبد الصَّمد عبد الْعَزِيز ابْن عبد الصَّمد الْعمي، حَدثنَا أَبُو هَارُون الْعَبْدي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله! مَا رَأَيْت لَيْلَة أسرى بك؟ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>