الْجَزُور " بِفَتْح الْجِيم وَهُوَ وَاحِد الْإِبِل يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى (فَإِن قلت) ذكر الْجَزُور قيد أم لَا قلت لَا لِأَن حكم غير الْجَزُور مثل حكمه وَإِنَّمَا هُوَ مِثَال وَقَالَ بَعضهم يحْتَمل أَن يكون قيدا قلت هَذَا احْتِمَال غير ناشيء عَن دَلِيل فَلَا يعْتَبر بِهِ وَإِنَّمَا مثل بِهِ لِكَثْرَة الْجَزُور عِنْدهم قَوْله " إِلَى أَن تنْتج النَّاقة " بِضَم أَوله وَفتح ثالثه أَي تَلد ولدا وَهُوَ على صِيغَة الْمَجْهُول والناقة مَرْفُوع بِإِسْنَاد تنْتج إِلَيْهَا قَالَ الْجَوْهَرِي نتجت النَّاقة على مَا لم يسم فَاعله تنْتج نتاجا وَقد نتجها أَهلهَا نجا إِذا توَلّوا نتاجها بِمَنْزِلَة الْقَابِلَة للْمَرْأَة فَهِيَ منتوجة ونتجت الْفرس إِذا حَان نتاجها وَقَالَ يَعْقُوب إِذا استبان حملهَا وَكَذَلِكَ النَّاقة فَهِيَ نتوج وَلَا يُقَال منتج وَأَتَتْ النَّاقة على منتجها أَي الْوَقْت الَّذِي تنْتج فِيهِ وَهُوَ مفعل بِكَسْر الْعين وَيُقَال للشاتين إِذا كَانَتَا سنا وَاحِدًا هما نتيجة وغنم فلَان نتاج أَي فِي سنّ وَاحِدَة وَحكى الْأَخْفَش نتج وأنتج بِمَعْنى وَجَاء فِي الحَدِيث فأنتج هَذَانِ وَولد هَذَا وَقد أنكرهُ بَعضهم يَعْنِي أَن الصَّوَاب كَونه ثلاثيا قلت هَذَا فِي حَدِيث الْأَقْرَع والأبرص قَوْله " ثمَّ تنْتج الَّتِي فِي بَطنهَا " أَي ثمَّ تعيش المولودة حَتَّى تكبر ثمَّ تَلد قيل هَذَا زَائِد على رِوَايَة عبد الله بن عمر فَإِنَّهُ اقْتصر على قَوْله ثمَّ تحمل الَّتِي فِي بَطنهَا وَرِوَايَة جوَيْرِية أخصر مِنْهَا وَلَفظه أَن تنْتج النَّاقة مَا فِي بَطنهَا وبظاهر هَذِه الرِّوَايَة قَالَ سعيد بن الْمسيب فِيمَا رَوَاهُ عَنهُ مَالك وَقَالَ بِهِ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَجَمَاعَة وَهُوَ أَن يَبِيع بِثمن إِلَى أَن تَلد النَّاقة وَقَالَ آخَرُونَ أَن يَبِيع بِثمن إِلَى أَن تحمل الدَّابَّة وتلد وَتحمل وَلَدهَا وَلم يشترطوا وضع حمل الْوَلَد وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَأَبُو عبيد وَأحمد واسحق وَابْن حبيب الْمَالِكِي وَأكْثر أهل اللُّغَة هُوَ بيع ولد نتاج الدَّابَّة وَالْمَنْع فِي هَذَا أَنه بيع مَعْدُوم ومجهول وَغير مَقْدُور على تَسْلِيمه. ثمَّ اعْلَم أَن قَوْله " وَكَانَ بيعا " إِلَى آخِره هَكَذَا وَقع فِي الْمُوَطَّأ تَفْسِيرا مُتَّصِلا بِالْحَدِيثِ وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ هُوَ مدرج يَعْنِي أَن التَّفْسِير من كَلَام نَافِع وَقَالَ الْخَطِيب تَفْسِير حَبل الحبلة لَيْسَ من كَلَام عبد الله بن عمر إِنَّمَا هُوَ من كَلَام نَافِع أدرج فِي الحَدِيث ثمَّ رَوَاهُ من طَرِيق أبي سَلمَة التَّبُوذَكِي حَدثنَا جوَيْرِية عَن نَافِع عَن عبد الله أَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يبتاعون الْجَزُور إِلَى حَبل الحبلة وَأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن ذَلِك وَقد أخرجه مُسلم من رِوَايَة اللَّيْث وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ من رِوَايَة أَيُّوب كِلَاهُمَا عَن نَافِع بِدُونِ التَّفْسِير وَأخرجه أَحْمد وَالنَّسَائِيّ وَابْن ماجة من طَرِيق سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر بِدُونِ التَّفْسِير أَيْضا وَالله أعلم
٢٦ - (بابُ بَيْعِ المُلامَسَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم بيع الْمُلَامسَة، وَهِي مفاعلة من اللَّمْس، وَقد علم أَن بَاب المفاعلة لمشاركة اثْنَيْنِ فِي أصل الْفِعْل. وَفِي (الْمغرب) : الْمُلَامسَة واللماس أَن يَقُول لصَاحبه: إِذا لمست ثَوْبك ولمست ثوبي فقد وَجب البيع. وَعَن أبي حنيفَة: هِيَ أَن يَقُول: أبيعك هَذَا الْمَتَاع بِكَذَا، فَإِذا لمستك وَجب البيع، أَو يَقُول المُشْتَرِي كَذَلِك، وَيُقَال: الْمُلَامسَة أَن يلمس ثوبا مطويا ثمَّ يَشْتَرِيهِ على أَن لَا خِيَار لَهُ إِذا رَآهُ، أَو يَقُول: إِذا لمسته فقد بعتكه أَو يَبِيعهُ شَيْئا على أَنه مَتى لمسه فقد لزم البيع، وَعَن الزُّهْرِيّ: الْمُلَامسَة لمس الرجل ثوب الآخر بِيَدِهِ بِاللَّيْلِ، أَو النَّهَار، وَلَا يقلبه إلَاّ بذلك، وروى النَّسَائِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: الْمُلَامسَة أَن يَقُول الرجل للرجل: أبيعك ثوبي بثوبك، وَلَا ينظر وَاحِد مِنْهُمَا ثوب الآخر، وَلَكِن بلمسه لمسا. وَيُقَال: اخْتلف الْعلمَاء فِي تَفْسِير الْمُلَامسَة على ثَلَاث صور هِيَ أوجه للشَّافِعِيَّة. أَصَحهَا: أَن يَأْتِي بِثَوْب مطوي أَو فِي ظلمَة فيلمسه المستام، فَيَقُول لَهُ صَاحب الثَّوْب، بعتكه بِكَذَا بِشَرْط أَن يقوم لمسك مقَام نظرك، وَلَا خِيَار لَك إِذا رَأَيْته. الثَّانِي: أَن يجعلا نفس اللَّمْس بيعا بِغَيْر صِيغَة زَائِدَة. الثَّالِث: أَن يجعلا للمس شرطا فِي قطع خِيَار الْمجْلس، وَغَيره وَالْبيع على التأويلات كلهَا بَاطِل.
وَقَالَ أنسٌ نَهَى عنهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَي: نهى عَن بيع الْمُلَامسَة، وَبِهَذَا اتَّضَح حكم التَّرْجَمَة لِأَنَّهَا على إِطْلَاقهَا تحْتَمل الْمَنْع، وتحتمل الْجَوَاز، وَهُوَ تَعْلِيق وَصله البُخَارِيّ فِي: بَاب بيع المخاصرة، عَن أنس: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن المحاقلة والمخاصرة وَالْمُلَامَسَة والمنابذة والمزابنة. والمخاصرة: بيع الثِّمَار خصرا لم يبد صَلَاحهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute