قَوْله:(كذب) أَي: أَخطَأ. قَوْله:(عهد) عهد وميثاق، والعهد يَجِيء لمعان كَثِيرَة بِمَعْنى: الْيَمين والأمان والذمة وَالْحِفْظ ورعاية الْحُرْمَة وَالْوَصِيَّة، وَيسْتَعْمل كل معنى فِي مَحل يَقْتَضِي ذَلِك الْمَعْنى، قيل: كَيفَ جَازَ بعث الْجَيْش إِلَى المعاهدين؟ وَأجِيب: بِأَن قَوْله: (بَينهم وَبَين رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد) جملَة ظرفية حَالية، وَتَقْدِير الْكَلَام: بعث إِلَى نَاس من الْمُشْركين غير المعاهدين، وَالْحَال أَن بَين نَاس مِنْهُم هم مُقَابل الْمَبْعُوث عَلَيْهِم وَبَين رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عهد، فغلب المعاهدون وغدروا فَقتلُوا الْقُرَّاء المبعوثين لإمدادهم على عدوهم، وَذكر مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب أَسمَاء الطَّائِفَتَيْنِ، وَأَن أَصْحَاب الْعَهْد هم بَنو عَامر ورأسهم أَبُو برَاء عَامر بن مَالك بن جَعْفَر، وَقد مر ذكره عَن قريب، وَأَن الطَّائِفَة الْأُخْرَى من بني سليم وهم رعل وذكوان وَعصيَّة. قَوْله:(قبلهم) ، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، أَي: قبل الْمَبْعُوث عَلَيْهِم كَمَا ذكرنَا أَي: من جهتهم. وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويروى: قبلهم ضد بعدهمْ، وَلم يذكر غَيره هَذَا إلَاّ ابْن التِّين. قَوْله:(فَظهر) ، أَي: غلب.
٣٠ - (بابُ غَزْوَةِ الخَنْدَقِ وهْيَ الأحْزَابُ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان غَزْوَة الخَنْدَق، وَفِي بعض النّسخ: بَاب غَزْوَة الخَنْدَق، وَالْخَنْدَق مُعرب: كِنْدَة، أَي: جورة محفورة، وَكَانَ سَبَب حفر الخَنْدَق مَا قَالَه ابْن سعد، رَحمَه الله: لما أجلى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بني النَّضِير سَارُوا إِلَى خَيْبَر فَخرج نفر من أَشْرَافهم إِلَى مَكَّة شرفها الله تَعَالَى فألبوا قُريْشًا ودعوهم إِلَى الْخُرُوج على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعاهدوهم على قِتَاله، ثمَّ أَتَوا غطفان وسليماً فوافقوهم على مثل ذَلِك، فتجمعت قُرَيْش بِمن تَبِعَهُمْ فَكَانُوا أَرْبَعَة آلَاف يقودهم أَبُو سُفْيَان، وَوَافَقَهُمْ بَنو سليم بمر الظهْرَان فِي سَبْعمِائة يقودهم سُفْيَان بن عبد شمس، وَمَعَهُمْ بَنو أَسد يقودهم طَلْحَة بن خويلد، وَخرجت فَزَارَة يَقُودهَا عُيَيْنَة على ألف بعير،