للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى أَنه لَا يحرم قطع الشوك لِأَنَّهُ مؤذٍ، فَأشبه الفواسق الْخمس، وخصوا الحَدِيث بِالْقِيَاسِ. قَالَ النَّوَوِيّ: وَالصَّحِيح مَا اخْتَارَهُ المتولى.

وَفِيه: تَصْرِيح بِتَحْرِيم إزعاج صيد مَكَّة وَنبهَ بالتنفير على الاتلاف وَنَحْوه لِأَنَّهُ إِذا حرم التنفير فالاتلاف أولى.

وَفِيه: أَن وَاجِد لقطَة الْحرم لَيْسَ لَهُ غير التَّعْرِيف أبدا، وَلَا يملكهَا بِحَال وَلَا يستنفقها، وَلَا يتَصَدَّق بهَا حَتَّى يظفر بصاحبها، بِخِلَاف لقطَة سَائِر الْبِقَاع، وَهُوَ أظهر قولي الشَّافِعِي، وَبِه قَالَ أَحْمد، وَعِنْدنَا: لقطَة الْحل وَالْحرم سَوَاء لعُمُوم قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أعرف عفاصها ووكاءها ثمَّ عرفهَا سنة) . من غير فصل، وروى الطَّحَاوِيّ عَن معَاذَة العدوية: أَن امْرَأَة قد سَأَلت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، فَقَالَت: إِنِّي قد أصبت ضَالَّة فِي الْحرم، فَإِنِّي قد عرفتها فَلم أجد أحدا يعرفهَا. فَقَالَت لَهَا عَائِشَة: استنفقي بهَا.

وَفِيه: جَوَاز اسْتِعْمَال الْإِذْخر فِي الْقُبُور، والصاغة وَأهل مَكَّة يستعملون من الْإِذْخر ذريرة ويطيبون بهَا أكفان الْمَوْتَى، وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إلَاّ الْإِذْخر) يجوز أَن يكون أُوحِي إِلَيْهِ تِلْكَ السَّاعَة، أَو من اجْتِهَاده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

وَقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِقُبُورِنِا وَبُيُوتِنَا

ذكر البُخَارِيّ هَذَا التَّعْلِيق مَوْصُولا فِي بَاب كتال الْعلم، قَالَ: حَدثنَا أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، قَالَ: حَدثنَا شَيبَان عَن يحيى عَن أبي سَلمَة (عَن أبي هُرَيْرَة: أَن خُزَاعَة قتلوا رجلا من بني لَيْث. .) الحَدِيث، وَفِيه: (إلَاّ الْإِذْخر يَا رَسُول الله، فَإنَّا نجعله فِي بُيُوتنَا وَقُبُورنَا، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إلَاّ الْإِذْخر) .

وقالَ أبَانُ بنُ صالِحٍ عنِ الحسَنِ بنِ مُسْلِمٍ عنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ سَمِعْتُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِثْلَهُ

هَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن مَاجَه: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، قَالَ: حَدثنَا يُونُس بن بكير، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنَا أبان بن صَالح عَن الْحسن بن مُسلم بن بناق (عَن صَفِيَّة بنت شيبَة، قَالَت: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يخْطب عَام الْفَتْح، فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِن الله حرم مَكَّة يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض فَهِيَ حرَام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، لَا يعضد شَجَرهَا وَلَا ينفر صيدها وَلَا يَأْخُذ لقطتهَا إلَاّ منشد، فَقَالَ الْعَبَّاس: إلَاّ الْإِذْخر فَإِنَّهُ للبيوت والقبور. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إلَاّ الْإِذْخر) .

وَقَالَ مُجاهِدٌ عنْ طَاووسٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا لِقَيْنِهِمْ وبُيُوتِهِمْ

هَذَا التَّعْلِيق قِطْعَة من حَدِيث ابْن عَبَّاس الْمَذْكُور من أول الْبَاب، رَوَاهُ عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، وَسَيَأْتِي مَوْصُولا فِي كتاب الْحَج. وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس هَذَا الحَدِيث بِوُجُوه، وَأخرجه مُسلم أَيْضا من طَرِيق مُجَاهِد عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْفَتْح، فتح مَكَّة: (لَا هِجْرَة وَلَكِن جِهَاد وَنِيَّة. .) الحَدِيث، وَفِيه: (فَقَالَ الْعَبَّاس: يَا رَسُول الله إلَاّ الْإِذْخر، فَإِنَّهُم لِقَيْنِهِم ولبيوتهم، فَقَالَ: إلَاّ الْإِذْخر) الْقَيْن، بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره نون: الْحداد، وَالله أعلم.

٧٧ - (بابٌ هَلْ يخْرج المَيِّتُ مِنَ القَبْرِ واللَّحْدِ لِعِلَّةٍ)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: هَل يخرج الْمَيِّت من قَبره ولحده بعد دَفنه لعِلَّة؟ أَي: لأجل سَبَب من الْأَسْبَاب؟ وَإِنَّمَا ذكر التَّرْجَمَة بالاستفهام وَلم يذكر جَوَابه اكْتِفَاء بِمَا فِي أَحَادِيث الْبَاب الثَّلَاثَة: عَن جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لِأَن فِي الحَدِيث الأول إِخْرَاج الْمَيِّت من قَبره لعِلَّة، وَهِي إقماص النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد الله بن أبي بِقَمِيصِهِ الَّذِي على جسده، وَفِي الحَدِيث الثَّانِي وَالثَّالِث: إِخْرَاجه أَيْضا لعِلَّة، وَهِي تطييب قلب جَابر، فَفِي الأول لمصْلحَة الْمَيِّت، وَفِي الثَّانِي وَالثَّالِث لمصْلحَة الْحَيّ، وَيتَفَرَّع على هذَيْن الْوَجْهَيْنِ جَوَاز إِخْرَاج الْمَيِّت من قَبره إِذا كَانَت الأَرْض مَغْصُوبَة أَو أظهرت مُسْتَحقَّة أَو توزعت بِالشُّفْعَة، وَكَذَلِكَ نقل الْمَيِّت من مَوضِع إِلَى مَوضِع، فَذكر فِي الْجَوَامِع، وَإِن نقل ميلًا أَو ميلين فَلَا بَأْس بِهِ، وَقيل: مَا دون السّفر، وَقيل: لَا يكره السّفر أَيْضا. وَعَن عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه أَمر بقبور كَانَت عِنْد الْمَسْجِد إِن تحول إِلَى البقيع، وَقَالَ: توسعوا فِي مَسْجِدكُمْ، وَقيل: لَا بَأْس فِي مثله، وَقَالَ الْمَازرِيّ: ظَاهر مَذْهَبنَا جَوَاز نقل الْمَيِّت من بلد إِلَى بلد، وَقد مَاتَ سعد بن أبي وَقاص، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بالعقيق، وَدفن بِالْمَدِينَةِ. وَكَذَلِكَ سعيد بن زيد، وَفِي (الْحَاوِي) : قَالَ الشَّافِعِي: لَا أحب نَقله إلَاّ أَن يكون بِقرب مَكَّة أَو الْمَدِينَة أَو

<<  <  ج: ص:  >  >>