لَمْ تُقْرِ رئْنِيها وإنّكَ أقْرَأتْنِي سُورَةَ الفُرْقانِ. فَقَالَ: يَا هِشَامُ اقْرَأها، فقرَأَها القِرَاءَةَ الَّتي، سَمِعْتُهُ، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هاكَذا أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ: اقْرَأُ يَا عُمَرُ، فَقرَأتُها الَّتِي أقْرَأنِيها، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هاكَذا أنزِلتْ: ثُمّ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّ القُرْآنَ أُنْزِلَ علَى سَبْعَةَ أحْرُفٍ فاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ..
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: سُورَة الْفرْقَان والْحَدِيث قد مر فِي بَاب أنزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سعيد بن عفير عَن اللَّيْث عَن عقيل عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة بن الزبير إِلَى آخِره. وَأخرجه هُنَا عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ إِلَى آخِره، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ وَلَا نعيده لقرب الْمسَافَة.
٢٤٠٥ - حدَّثنا بِشْرُ بنُ آدَمَ أخبرَنا عليُّ بنُ مُسْهرٍ أخبرَنا هِشَامٌ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: سَمِع النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قارِئا يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ فيالمَسْجِدِ، فَقَالَ: يَرْحَمُهُ الله! لقَدْ أذْكرَني كذَا وكَذا آيَة أسْقَطْتُها منْ سُورَةِ كَذا وكَذا..
هَذَا أَيْضا مضى عَن قريب فِي: بَاب نِسْيَان الْقُرْآن أخرجه هُنَاكَ من طرق، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
٨٢ - (بابُ التَّرْتِيلِ فِي القِرَاءَةِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الترتيل فِي قِرَاءَة الْقُرْآن، وَهُوَ تَبْيِين حروفها والتأني فِي أَدَائِهَا لتَكون أدعى إِلَى فهم مَعَانِيهَا. وَقيل: الترتيل تَبْيِين الْحُرُوف وإشباع الحركات.
وقَوْلِهِ تَعَالَى { (٧٣) ورتل الْقُرْآن ترتيلا} (المزمل: ٤)
وَقَوله تَعَالَى، بِالْجَرِّ عطف على الترتيل فِي الْقُرْآن، وَمعنى: رتل الْقُرْآن أقرأه قِرَاءَة بَينه، قَالَه الْحسن، وَعَن مُجَاهِد: بعضه على أثر بعض على تؤدة بَيِّنَة بَيَانا، وَعَن قَتَادَة: تثبت فِيهِ تثبيتا، وَقيل: فَصله تَفْصِيلًا وَلَا تعجل فِي قِرَاءَته، وَهُوَ من قَول الْعَرَب: ثغر رتل، إِذا كَانَ مفلجا.
وقَوْلِهِ { (١٧) وقرآنا فرقناه لتقرأه على النَّاس على مكث} (الْإِسْرَاء: ٦٠١)
وَقَوله، هَذَا عطف على قَوْله الأول. قَوْله: (وقرآنا فرقناه) ، يَعْنِي: نزلناه نجوما لَا جملَة وَاحِدَة بِخِلَاف الْكتب الْمُتَقَدّمَة، يدل عَلَيْهِ قَوْله: {لتقرأه على النَّاس على مكث} (الْإِسْرَاء: ٦٠١) .
وَمَا يُكْرَهُ أنْ يُهَذِّ كَهَذِّ الشِّعْرِ
هَذَا عطف على قَوْله بَاب الترتيل. وَقد ذكرنَا أَن التَّقْدِير: بَاب فِي بَيَان الترتيل. وَكَذَلِكَ التَّقْدِير هُنَا، أَي: فِي بَيَان مَا يكره أَن يهذر، كلمة: مَا، مَصْدَرِيَّة وَكَذَلِكَ كلمة: أَن، وَالتَّقْدِير: أَي وَفِي بَيَان كَرَاهَة الهذ كهذ الشّعْر، والهذ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة الْمُشَدّدَة: سرعَة الْقطع والمرور فِيهِ من غير تَأمل للمعنى، كَمَا ينشد الشّعْر وتعد أبياته وقوافيه، وَقَالَ النَّوَوِيّ: هُوَ الإفراط فِي العجلة فِي حفظه ورواياته لَا فيإنشاده وترنمه لِأَنَّهُ يزِيد فِي الإنشاد والترنم فِي الْعَادة.
فِيها يُفْرِقُ: يُفَصَّلُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فِيهَا يفرق كَا أَمر حَكِيم} (الدُّخان: ٤) وَفسّر: (يفرق) ، بقوله: (وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة) .
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فرَقْناهُ: فصَّلْناهُ
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {وقرآنا فرقناه} (الْإِسْرَاء: ٦٠١) أَن مَعْنَاهُ: فصلناه، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن الْمُبَارك: حَدثنَا زيد حَدثنَا ابْن ثَوْر عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَنهُ. وَأخرجه ابْن جرير من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ.
٣٤٠٥ - حدَّثنا أبُو النعْمانِ حَدثنَا مَهْدِيُّ بنُ مَيْمُونٍ حَدثنَا واصلٌ عنْ أبي وائِلٍ عنْ عبْدِ الله، قَالَ: غدَوْنا علَى عبْدِ الله، فقار رجلٌ: قرَأْتُ المُفَصَّلَ البَارِحَةَ، فَقَالَ: هَذّا كهَذِّ الشِّعْر؟ إنّا قَدْ سَمِعْنا القِرَاءَةَ وإنِّي