إِلَى الْإِيمَان بِاللَّه. ثمَّ قواه الله تَعَالَى بِإِسْلَام من أسلم مِنْهُم فِي مَكَّة، وَيحْتَمل أَن يكون حِين خرج من بَيته وَحده حِين اجْتمع الْكفَّار على أَذَاهُ ثمَّ رافقه أَبُو بكر ثمَّ لما دخل الْمَدِينَة قواه الْأَنْصَار.
وَيُقَالُ دَائِرَةُ السَّوْءِ كَقَوْلِكَ رَجُلُ السَّوْءِ وَدَائِرَةُ السَّوْءِ العَذَابُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {عَلَيْهِم دَائِرَة السوء وَغَضب الله عَلَيْهِم} (الْفَتْح: ٦) الْآيَة. وفسرها بقوله: {دَائِرَة السوء الْعَذَاب} وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة وَقيل: دَائِرَة الدمار والهلاك وَقِرَاءَة الْجُمْهُور بِفَتْح السِّين، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرو وَابْن كثير بِالضَّمِّ.
تُعَزِّرُوهُ: يَنْصُرُوهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {لتؤمنوا بِاللَّه وَرَسُوله وتعزروه وتوقروه} (الْفَتْح: ٩) الْآيَة. وَفَسرهُ بقوله: (ينصروه) وَكَذَا روى عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن قَتَادَة نَحوه، وَقيل: مَعْنَاهُ يعينوه، وَعَن عِكْرِمَة، يُقَاتلُون مَعَه بِالسَّيْفِ، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: بِإِسْنَادِهِ عَن جَابر بن عبد الله. قَالَ: لما نزلت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ويعزروه، قَالَ لنا: مَاذَا كم؟ قُلْنَا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: لينصروه ويوقروه ويعظموه ويفخموه، هُنَا وقف تَامّ.
١ - (بابٌ: {إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحا مُبِينا} (الْفَتْح: ١)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا} عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الْفَتْح فتح مَكَّة وَعَن مُجَاهِد والعوفي فتح خَيْبَر، وَعَن بَعضهم: فتح الرّوم، وَقيل: فتح الْإِسْلَام، وَعَن جَابر: مَا كُنَّا نعد فتح مَكَّة إلَاّ يَوْم الْحُدَيْبِيَة، وَعَن بشر بن الْبَراء قَالَ: لما رَجعْنَا من غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة وَقد حيل بَيْننَا وَبَين نسكنا فَنحْن بَين الْحزن والكآبة. فَأنْزل الله عز وَجل: {إِنَّا فتحنا لَك} الْآيَة كلهَا.
٣٣٨٤ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عَنْ زَيْدِ بنِ أسْلَمَ عَنْ أبِيهِ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أسْفَارِهِ وَعُمَرُ بنُ الخَطابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلاً فَسَأَلَهُ عُمَرُ ابنُ الخَطَّابِ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجْبْهُ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجْبْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ سَالَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَابِ ثَكِلَتْ أُمُّ عُمَرَ نزَرْتَ رسولَ الله ثَلاثَ مَرَّاتٍ كلَّ ذالِكَ لَا يُجِيبُكَ قَالَ عُمَرُ فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أمامَ النَّاسِ وَخَشِيتُ أنْ يُنْزَلَ فِيَّ القُرْآنُ فَمَا نَشِبْتُ أنْ سَمِعْتُ صَارِخا يَصْرُخُ بِي فَقُلْتُ لَقَدْ خَشِيتُ أنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ فَجِئتُ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ صُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ ثُمَّ قَرَأَ: {إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحا مُبِينا} .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأسلم مولى عمر بن الْخطاب كَانَ من سبي الْيمن، وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: أَبُو زيد الحبشي البجاوي من بجاوة.
وَهَذَا الحَدِيث مضى فِي الْمَغَازِي فِي: بَاب غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، ولنتكلم هُنَا أَيْضا لبعد الْمسَافَة، فَنَقُول: هَذَا صورته صُورَة الْإِرْسَال لِأَن أسلم لم يدْرك زمَان هَذِه الْقِصَّة، لكنه مَحْمُول على أَنه سمع من عمر بِدَلِيل قَوْله فِي أثْنَاء الحَدِيث: (فحركت بَعِيري) وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: رَوَاهُ عَن مَالك عَن زيد عَن أَبِيه عَن عمر مُتَّصِلا بِمُحَمد بن خَالِد بن عَثْمَة وَأَبُو الْفرج عبد الرَّحْمَن بن غَزوَان وَإِسْحَاق الحنيني، وَيزِيد بن أبي حَكِيم وَمُحَمّد بن حَرْب الْمَكِّيّ، وَأما أَصْحَاب (الْمُوَطَّأ) فَرَوَوْه عَن مَالك مُرْسلا.
قَوْله: (فِي بعض أَسْفَاره) قَالَ الْقُرْطُبِيّ: وَهَذَا السّفر كَانَ لَيْلًا متصرفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْحُدَيْبِيَة لَا أعلم بَين أهل الْعلم فِي ذَلِك خلافًا قَوْله: (ثكلت أم عمر) فِي رِوَايَة الْكشميهني، ثكلتك أم عمر، من الثكل وَهُوَ فقدان الْمَرْأَة وَلَدهَا، وَامْرَأَة ثاكل وثكلى وَرجل ثاكل وثكلان، وَكَأن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ،