وَالْفَتْح: صلح الْحُدَيْبِيَة، وَقيل: فتح مَكَّة وَهِي أَلفَانِ وَأَرْبَعمِائَة وَثَمَانِية وَثَلَاثُونَ حرفا، وَخَمْسمِائة وَسِتُّونَ كلمة، وتسع وَعِشْرُونَ آيَة.
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
لم تثبت الْبَسْمَلَة إلَاّ فِي رِوَايَة أبي ذَر.
قَالَ مُجاهِدٌ بُورا هَالِكِينَ
أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا} وَفَسرهُ بقوله: (هالكين) أَي: فاسدين لَا تصلحون لشَيْء، وَهُوَ من: بَارك الْهَالِك من هلك بِنَاء وَمعنى، وَلذَلِك وصف بِهِ الْوَاحِد وَالْجمع والمذكر والمؤنث، وَيجوز أَن يكون جمع: بائر كعائذ وعوذ. قَالَ النَّسَفِيّ: وَالْمعْنَى: وكنتم قوما فاسدين فِي أَنفسكُم وقلوبكم ونياتكم لَا خير فِيكُم وهالكين عِنْد الله مستحقين لسخطه وعقابه.
وَقَالَ مُجاهِدٌ: {سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ} السَّحْنَةُ
فسر مُجَاهِد سِيمَاهُمْ بالسحنة وَقَالَ ابْن الْأَثِير: السحنة بشرة الْوَجْه وهيأته وحاله، وَهِي مَفْتُوحَة السِّين وَقد تكسر، وَيُقَال: السحناء أَيْضا بِالْمدِّ، وَقَيده الْأصيلِيّ وَابْن السكن بِفَتْحِهَا، وَقَالَ عِيَاض: هُوَ الصَّوَاب عِنْد أهل اللُّغَة، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ القَاضِي عَن نصر بن عَليّ عَن بشر بن عمر عَن شُعْبَة عَن الحكم عَن مُجَاهِد، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني والقابسي: سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم: السَّجْدَة، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: المسحة.
وَقَالَ مَنْصُورٌ عَنْ مُجاهِدٍ التَّوَاضُعُ
أَي: قَالَ مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن مُجَاهِد فِي تَفْسِير: سِيمَاهُمْ التَّوَاضُع، وروى ابْن أبي حَاتِم: نَا الْمُنْذر بن شَاذان، نَا يعلى حَدثنَا سُفْيَان نَا حميد بن قيس عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم) قَالَ: الْخُشُوع والتواضع، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم أَيْضا حَدثنَا أبي نَا عَليّ بن مُحَمَّد الطنافسي نَا حُسَيْن الْجعْفِيّ عَن مَنْصُور عَن مُجَاهِد فِي هَذِه الْآيَة. قَالَ: هُوَ الْخُشُوع، وَقَالَ عبد بن حميد: حَدثنَا عَمْرو بن سعد وَعبد الْملك بن عَمْرو وَقبيصَة عَن سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن مُجَاهِد {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوههم من أثر السُّجُود} قَالَ: الْخُشُوع وحَدثني مُعَاوِيَة بن عَمْرو عَن زَائِدَة عَن مَنْصُور عَن مُجَاهِد: هُوَ الْخُشُوع. قلت: ينظر النَّاظر فِي الَّذِي علقه البُخَارِيّ.
شَطْأَهُ: فِرَاخَهُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {كزرع أخرج شطأه} وَفَسرهُ بقوله: (فِرَاخه) وَهَكَذَا فسره الْأَخْفَش، يُقَال: اشطأ الزَّرْع إِذا أفرخ، وَعَن أنس: شطأه نَبَاته وَعَن السّديّ، هُوَ أَن يخرج مَعَه الطَّاقَة الْأُخْرَى، وَعَن الْكسَائي: طرفه.
فَاسْتَغْلَظَ غلظَ
غلظ، بِضَم اللَّام ويروى تغلظ أَي: قوي وتلاحق نَبَاته.
سُوقِهِ السَّاقُ حَامِلَةُ الشَّجَرَةِ
أَشَارَ بقوله: (سوقه) إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَاسْتَوَى على سوقه} أَي قَامَ على أُصُوله، والسوق بِالضَّمِّ جمع سَاق وَفَسرهُ بقوله: (السَّاق حامله الشَّجَرَة) وَهِي جذعه، وَهَكَذَا فسره الْجَوْهَرِي.
شَطْأَهُ شَطْءُ السُّنْبُلِ تُنْبِتُ الحَبَّةُ عَشْرا وَثَمَانِيا وَسَبْعا فَيَقْوَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَذَاكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فَآزَرَهُ قَوَّاهُ وَلَوْ كَانَتْ وَاحِدَةً لَمْ تَقُمْ عَلَى سَاقٍ وَهُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ الله لِلنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذْ خَرَجَ وَحْدَهُ ثُمَّ قَوَّاهُ بِأصْحَابِهِ كَمَا قَوَّى الحَبَّةَ بِمَا يَنْبُتُ مِنْها.
قَوْله: (شطأه شطء السنبل) ، إِلَى آخِره، لَيْسَ بمذكور فِي بعض النّسخ وَلَا الشُّرَّاح تعرضوا لشرحه. قَوْله: {تنْبت} ، من الإنبات. قَوْله: (وثمانيا وَسبعا) ويروى: أَو ثمانيا أَو سبعا وَكلمَة: أَو للتنويع أَي: تنْبت الْحبَّة الْوَاحِدَة عشرَة سنابل، وَتارَة ثَمَان سنابل، وَتارَة سبع سنابل. قَالَ الله تَعَالَى: {كَمثل حَبَّة أنبتت سبع سنابل} (الْبَقَرَة: ١٦٢) قَوْله: (وَهُوَ مثل ضربه الله) إِلَى آخِره وَفِي التَّفْسِير وَهُوَ مثل ضربه الله تَعَالَى لأَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعْنِي: أَنهم يكونُونَ قَلِيلا ثمَّ يزدادون ويكثرون ويقوون، وَعَن قَتَادَة: مثل أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْإِنْجِيل مَكْتُوب أَنه سيخرج قوم يَنْبُتُونَ نَبَات الزَّرْع يأمرون بِالْمَعْرُوفِ وَينْهَوْنَ عَن الْمُنكر. قَوْله: (إِذْ خرج) أَي: حِين خرج وَحده يحْتَمل أَن يكون المُرَاد حِين خرج على كفار مَكَّة وَحده يَدعُوهُم