للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذَلِك عَن حَمَّاد وَابْن شبْرمَة وَبَعض التَّابِعين. وَذَهَبت طَائِفَة ثَالِثَة إِلَى بطلانهما، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع وَشرط. وَهُوَ قَول عمر وَولده وَابْن مَسْعُود والكوفيين وَالشَّافِعِيّ، وَقد يجوز عِنْد مَالك البيع وَالشّرط، مثل أَن يشْتَرط البَائِع مَا لم يدْخل فِي صَفْقَة البيع، مثل: أَن يَشْتَرِي زرعا وَيشْتَرط على البَائِع حصده، أَو دَارا وَيشْتَرط سكناهَا مُدَّة يسيرَة، أَو يشْتَرط ركُوب الدَّابَّة يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ، وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ لَا يجيزان هَذَا البيع كُله، وَمِمَّا أجَازه مَالك فِيهِ البيع وَالشّرط: شِرَاء العَبْد بِشَرْط عتقه إتباعا للسّنة فِي بَرِيرَة، وَبِه قَالَ اللَّيْث وَالشَّافِعِيّ فِي رِوَايَة الرّبيع، وَأَجَازَ ابْن أبي ليلى هَذَا البيع وأبطل الشَّرْط، وَبِه قَالَ أَبُو ثَوْر، وأبطل أَبُو حنيفَة البيع وَالشّرط وَأخذ بِعُمُوم نَهْيه عَن بيع وَشرط، وَمِمَّا أجَازه مَالك فِيهِ البيع وَإِبْطَال الشَّرْط: كَشِرَاء العَبْد على أَن يكون الْوَلَاء للْبَائِع، وَهَذَا البيع أَجمعت الْأمة على جَوَازه وَإِبْطَال الشَّرْط فِيهِ لمُخَالفَته السّنة، وَكَذَلِكَ من بَاعَ سلْعَة وَشرط أَن لَا ينْقد المُشْتَرِي الثّمن إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام وَنَحْوهَا فَالْبيع جَائِز وَالشّرط بَاطِل عِنْد مَالك، وَأَجَازَ ابْن الْمَاجشون البيع وَالشّرط، وَمِمَّنْ أجَاز هَذَا البيع الثَّوْريّ وَمُحَمّد بن الْحسن وَأحمد وَإِسْحَاق، وَلم يفرقُوا بَين ثَلَاثَة أَيَّام وَأكْثر مِنْهَا، وَأَجَازَ أَبُو حنيفَة البيع وَالشّرط إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام، وَإِن قَالَ إِلَى أَرْبَعَة أَيَّام بَطل البيع، لِأَن اشْتِرَاط الْخِيَار بِأَكْثَرَ من ثَلَاثَة أَيَّام لَا يجوز عِنْده، وَبِه قَالَ أَبُو ثَوْر.

وَمِمَّا يبطل فِيهِ عِنْد مَالك البيع وَالشّرط: مثل أَن يَبِيعهُ جَارِيَة على أَن لَا يَبِيعهَا وَلَا يَهَبهَا على أَن يتخذها أم ولد، فَالْبيع عِنْده فَاسد، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، وأجازت طَائِفَة هَذَا البيع وأبطلت الشَّرْط، وَهَذَا قَول الشّعبِيّ وَالنَّخَعِيّ وَالْحسن وَابْن أبي ليلى وَأبي ثَوْر، وَقَالَ حَمَّاد الْكُوفِي: البيع جَائِز وَالشّرط لَازم. وَمِمَّا يبطل فِيهِ البيع وَالشّرط عِنْد مَالك وَالشَّافِعِيّ والكوفيين: نَحْو بيع الْأمة والناقة واستثناء مَا فِي بَطنهَا، وَهُوَ عِنْدهم من بُيُوع الْغرَر، وَقد أجَاز هَذَا البيع وَالشّرط النَّخعِيّ وَالْحسن وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر، وَاحْتَجُّوا بِأَن ابْن عمر أعتق جَارِيَة وَاسْتثنى مَا فِي بَطنهَا.

وَمِمَّا حُكيَ عَن عبد الْوَارِث بن سعيد قَالَ: قدمت مَكَّة فَوجدت بهَا أَبَا حنيفَة وَابْن أبي ليلى وَابْن شبْرمَة، فَسَأَلت أَبَا حنيفَة، فَقلت: مَا تَقول فِي رجل بَاعَ بيعا وَشرط شرطا؟ فَقَالَ: البيع بَاطِل وَالشّرط بَاطِل، ثمَّ أتيت ابْن أبي ليلى فَسَأَلته، فَقَالَ: البيع جَائِز وَالشّرط بَاطِل، ثمَّ أتيت ابْن شبْرمَة، فَقَالَ: البيع جَائِز وَالشّرط جَائِز. فَقلت: سُبْحَانَ الله ثَلَاثَة من فُقَهَاء الْعرَاق اخْتلفُوا على مَسْأَلَة وَاحِدَة. فَأتيت أَبَا حنيفَة فَأَخْبَرته، فَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا قَالَا، حَدثنِي عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده (أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: نهى عَن بيع وَشرط) ، البيع بَاطِل وَالشّرط بَاطِل. ثمَّ أتيت ابْن أبي ليلى فَأَخْبَرته فَقَالَ: (مَا أَدْرِي مَا قَالَا، حَدثنِي هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، قَالَت: (أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن أَشْتَرِي بَرِيرَة فأعتقيها، البيع جَائِز وَالشّرط بَاطِل) . ثمَّ أتيت ابْن شبْرمَة فَأَخْبَرته، فَقَالَ: (مَا أَدْرِي مَا قَالَا، حَدثنِي مسعر بن كدام عَن محَارب بن دثار عَن جَابر بن عبد الله (قَالَ: بِعْت من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَاقَة، فَاشْترط لي حملانها إِلَى الْمَدِينَة، البيع جَائِز وَالشّرط جَائِز) .

٩٦١٢ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ نافِعٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أنَّ عائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ أرَادَتْ أنْ تَشْتَرِيَ جارِيَةً فتُعْتِقَهَا فَقَالَ أهْلُهَا نَبِيعُكِهَا علَى أنَّ وَلَاءَهَا لَنَا فذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ لَا يَمْنَعُكِ ذَلِكَ فإنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أعْتَقَ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي فِي قَوْله: (نبيعكها على أَن ولاءها لنا) ، وَهَذَا الشَّرْط بَاطِل، والترجمة فِيهِ، وَهَذَا الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفَرَائِض عَن إِسْمَاعِيل وقتيبة فرقهما، وَأخرجه مُسلم فِي الْعتْق عَن يحيى بن يحيى. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْفَرَائِض وَالنَّسَائِيّ فِي الْبيُوع جَمِيعًا عَن قُتَيْبَة بِهِ. وَالْكَلَام فِيهِ قد مر فِي الحَدِيث الَّذِي قبله، وَفِي الْبَاب الَّذِي فِيهِ التَّرْجَمَة: البيع وَالشِّرَاء مَعَ النِّسَاء.

٤٧ - (بَاب بَيْعِ التَّمْرِ بالتَّمْرِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم بيع التَّمْر بِالتَّمْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>