الرَّابِع: إِسْمَاعِيل بن عبيد الله مُصَغرًا، مَاتَ سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَة. الْخَامِس: أم الدَّرْدَاء الصُّغْرَى، وَاسْمهَا: هجيمة، وَهِي تابعية، وَأم الدَّرْدَاء الْكُبْرَى اسْمهَا: خيرة، وَهِي صحابية، وكلتاهما زوجتا أبي الدَّرْدَاء، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: قد جعل ابْن مَنْدَه وَأَبُو نعيم كلتيهما وَاحِدَة، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَقَالَ أَبُو مسْهر أَيْضا: هما وَاحِدَة، وَهُوَ وهمٌ مِنْهُ، وَالصَّحِيح مَا ذَكرْنَاهُ. السَّادِس: أَبُو الدَّرْدَاء، واسْمه عُوَيْمِر بن مَالك الْأنْصَارِيّ الخزرجي.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، وبصيغة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي مَوضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم شَامِيُّونَ سوى شيخ البُخَارِيّ، وَقد دخل الشَّام. وَفِيه: رِوَايَة التابعية عَن الصَّحَابِيّ وَالزَّوْجَة عَن زَوجهَا، وَفِيه: عَن أم الدَّرْدَاء، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد من طَرِيق سعيد بن عبد الْعَزِيز عَن إِسْمَاعِيل بن عبيد الله: حَدَّثتنِي أم الدَّرْدَاء.
ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الصَّوْم عَن دَاوُد بن رشيد. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُؤَمل بن الْفضل الْحَرَّانِي.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق سعيد بن عبد الْعَزِيز:(خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي شهر رَمَضَان فِي حر شَدِيد. .) الحَدِيث، وَفِي هَذِه الزِّيَادَة فَائِدَتَانِ: أولاهما: أَن المُرَاد يتم بِهِ من الِاسْتِدْلَال، وَالْأُخْرَى: يرد بهَا على ابْن حزم فِي قَوْله: لَا حجَّة فِي حَدِيث أبي الدَّرْدَاء لاحْتِمَال أَن يكون ذَلِك الصَّوْم تَطَوّعا، لَا يظنّ أَن هَذِه السفرة سفرة الْفَتْح، لِأَن فِي هَذِه السفرة كَانَ عبد الله بن رَوَاحَة مَعَه، وَقد اسْتشْهد هُوَ بمؤتة قبل غَزْوَة الْفَتْح. قَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : وَيحْتَمل أَن تكون هَذِه السفرة سفرة بدر لِأَن التِّرْمِذِيّ روى عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، غزونا مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي رَمَضَان يَوْم بدر، وَالْفَتْح، قَالَ: وأفطرنا فيهمَا، وَالتِّرْمِذِيّ بوب بَابَيْنِ: أَحدهمَا: فِي كَرَاهِيَة الصَّوْم فِي السّفر، وَالْآخر: مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَة فِي الصَّوْم فِي السّفر. وَأخرج فِي الْبَاب الأول حَدِيث جَابر بن عبد الله:(أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، خرج إِلَى مَكَّة عَام الْفَتْح فصَام حَتَّى بلغ كرَاع الغميم، وَصَامَ النَّاس مَعَه، فَقيل لَهُ: إِن النَّاس قد شقّ عَلَيْهِم الصّيام، وَإِن النَّاس ينظرُونَ فِيمَا فعلت، فَدَعَا بقدح من مَاء بعد الْعَصْر، فَشرب وَالنَّاس ينظرُونَ إِلَيْهِ فَأفْطر بَعضهم وَصَامَ بَعضهم، فَبَلغهُ أَن نَاسا صَامُوا، فَقَالَ أُولَئِكَ العصاة) . وَأخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ أَيْضا. وَأخرج فِي الْبَاب الثَّانِي حَدِيث عَائِشَة عَن حَمْزَة بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ، وَقد مر فِيمَا مضى عَن قريب، وَقَالَ فِي الْبَاب الأول: وَقَوله: (حِين بلغ، بلغه أَن نَاسا صَامُوا: أُولَئِكَ العصاة) . فَوجه هَذَا إِذا لم يحْتَمل قلبه قبُول رخصَة الله تَعَالَى، فَأَما من رأى الْفطر مُبَاحا وَصَامَ وَقَوي على ذَلِك فَهُوَ أعجب إِلَيّ. وَقَالَ النَّوَوِيّ: هُوَ مَحْمُول على أَن من تضرر بِالصَّوْمِ، أَو أَنهم أمروا بِالْفطرِ أمرا جَازِمًا لمصْلحَة بَيَان جَوَازه، فخالفوا الْوَاجِب. قَالَ: وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ لَا يكون الصَّائِم الْيَوْم فِي السّفر عَاصِيا إِذا لم يتَضَرَّر بِهِ. فَإِن قلت: كَيفَ صَامَ بعض الصَّحَابَة؟ بل أفضلهم وَهُوَ أَبُو بكر وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، على مَا فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة الَّذِي رَوَاهُ النَّسَائِيّ من رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى عَن أبي سَلمَة عَنهُ، قَالَ:(أَتَى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِطَعَام بمر الظهْرَان، فَقَالَ لأبي بكر وَعمر: أدنيا فكلا، فَقَالَا: إِنَّا صائمان. قَالَ: أرحِلُوا لصاحبيكم، إعملوا لصاحبيكم) . انْتهى. بعد أمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُم بالإفطار. قلت: لَيْسَ فِي حَدِيث جَابر أَنه أَمرهم بالإفطار، وَكَذَلِكَ هُوَ عِنْد من خرج من الْأَئِمَّة السِّتَّة وَأَنَّهُمْ صَامُوا بعد إفطار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأما صَوْم أبي بكر وَعمر بمر الظهْرَان فَهُوَ بعد عسفان وكراع الغميم، فَلَيْسَ فِيهِ أَن هَذَا كَانَ فِي غَزْوَة الْفَتْح، هَذِه، وَإِن كَانَ الظَّاهِر أَنه فِيهَا، فَإِنَّهُمَا فهما أَن فطره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ ترخصا ورفقا بهم، وظنا أَن بهما قُوَّة على الصّيام، فَأَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَالله أعلم، حسم ذَلِك لِئَلَّا يَقْتَدِي بهما أحد، فَأَمرهمَا بالإفطار.
٦٣ - (بابُ قَولِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِمَنْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ واشْتَدَّ الحَرُّ لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ)