وَهُوَ السُّكُوت مَعَ الإصغاء. قَوْله: (أمروك) أَي: فَإِذا التمسوا مِنْك وَالْحَال أَنهم يشتهونه، أَي: الحَدِيث. قَوْله: (فَانْظُر السجع من الدُّعَاء فاجت نبه) أَي: اتركه. قَالَ ابْن التِّين: المُرَاد المستكره مِنْهُ، وَقَالَ الدَّاودِيّ: الاستكثار مِنْهُ. قَوْله: (لَا يَفْعَلُونَ إلاّ ذَلِك) فسره بقوله: يَعْنِي لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا ذَلِك الاجتناب، وَوَقع عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا عَن يحيى بن مُحَمَّد شيخ البُخَارِيّ بِسَنَدِهِ فِيهِ: لَا يَفْعَلُونَ ذَلِك، بِدُونِ لَفْظَة: إلَاّ، وَهُوَ وَاضح، وَكَذَا أخرجه الْبَزَّار فِي (مُسْنده) وَالطَّبَرَانِيّ عَن الْبَزَّار.
وَفِيه من الْفِقْه: أَنه يكره الإفراط فِي الْأَعْمَال الصَّالِحَة خوف الْملَل عَنْهَا. والانقطاع، وَكَذَلِكَ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يفعل، كَانَ يَتَخَوَّلُ أَصْحَابه بِالْمَوْعِظَةِ كَرَاهِيَة السَّآمَة عَلَيْهِم، وَقَالَ: تكلفوا من الْعَمَل مَا تطيقون فَإِن الله لَا يمل حَتَّى تملوا. وَفِيه: أَنه لَا يَنْبَغِي أَن لَا يحدث بِشَيْء من كَانَ فِي حَدِيث حَتَّى يفرغ مِنْهُ. وَفِيه: أَنه لَا يَنْبَغِي نشر الْحِكْمَة وَالْعلم وَلَا التحديث بهما من لَا يحرص على سماعهما وتعلمهما، لِأَن فِي ذَلِك إذلال الْعلم، وَقد رفع الله قدره.
٢١ - (بابُ لِيَعْزمِ المَسألَةَ فإنَّهُ لَا مُكْرِهَ لَهُ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ ليعزم الشَّخْص، من عزمت على كَذَا عزماً وعزيمة إِذا أردْت فعله وجزمت بِهِ قَوْله. الْمَسْأَلَة، أَي: السُّؤَال أَي الدُّعَاء. قَوْله: فَإِنَّهُ أَي: فَإِن الشان لَا مكره، بِكَسْر الرَّاء من الْإِكْرَاه: لَهُ، أَي: لله عز وَجل.
٦٣٣٨ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا إسْماعِيلُ أخبرنَا عَبْدُ العَزِيزِ عنْ أنَسٍ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إذَا دَعَا أحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمِ المَسألَةَ ولَا يَقُولَنَّ: أللَّهُمَّ إنْ شِئْتَ فأعْطِني فإِنه لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ. (انْظُر الحَدِيث ٦٣٣٨ طرفه فِي: ٧٤٦٤) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن علية وَعبد الْعَزِيز هُوَ ابْن صُهَيْب.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الدَّعْوَات عَن أبي بكر وَزُهَيْر بن حَرْب. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.
قَوْله: (فليعزم الْمَسْأَلَة) أَي: فليقطع بالسؤال وَلَا يعلق بِالْمَشِيئَةِ إِذْ فِي التَّعْلِيق صُورَة الِاسْتِغْنَاء عَن الْمَطْلُوب مِنْهُ وَالْمَطْلُوب. قَوْله: (لَا مستكره) بِالسِّين، وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: لَا مكره لَهُ. قَالَ بَعضهم: وهما بِمَعْنى قلت: لَيْسَ كَذَلِك بل السِّين تدل على شدَّة الْفِعْل.
٦٣٣٩ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مالِكٍ عنْ أبي الزِّنادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: لَا يَقُولَنَّ أحَدُكُمُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمِ المَسألةَ فإِنَّهُ لَا مُكْرِه لَهُ. (انْظُر الحَدِيث ٣٣٣٩ طرفه فِي: ٧٤٧٧) .
أَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.
والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا عَن عبد الله بن مسلمة فِي الصَّلَاة. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الدَّعْوَات عَن إِسْحَاق بن مُوسَى الْأنْصَارِيّ.
قَوْله: (ليعزم الْمَسْأَلَة) أَي: الدُّعَاء، قَالَ الدَّاودِيّ: مَعْنَاهُ ليجتهد ويلح وَلَا يقل: إِن شِئْت، كالمستثنى، وَلَكِن دُعَاء البائس الْفَقِير.
٢٢ - (بابُ يُسْتَجابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَعْجَلْ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ يُسْتَجَاب للْعَبد دعاؤه مَا لم يعجل.
٦٣٤٠ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ أبي عُبَيْد مَوْلى ابنِ أزْهَرَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ: أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، فَيَقولَ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو عبيد اسْمه سعد بن عبيد، وَمولى ابْن أَزْهَر اسْمه عبد الرَّحْمَن.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الدَّعْوَات عَن يحيى بن يحيى وَغَيره. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الصَّلَاة عَن القعْنبِي. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الدَّعْوَات عَن إِسْحَاق ابْن مُوسَى الْأنْصَارِيّ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَليّ بن مُحَمَّد.
قَوْله: (يُسْتَجَاب) أَي: يُجَاب لأحدكم دعاؤه. وَقَالَ الْكرْمَانِي