إِسْمَاعِيل، وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ (عموداً عَن يَمِينه وعموداً عَن يسَاره) . قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَهُوَ الصَّحِيح، وَفِي رِوَايَة: (جعل عموداً عَن يَمِينه وعمودين عَن يسَاره) ، عكس مَا سبق. وَقد ذكر الدَّارَقُطْنِيّ الِاخْتِلَاف على مَالك فِيهِ، فَوَافَقَ الْجُمْهُور عبد ابْن يُوسُف فِي قَوْله: (عموداً عَن يَمِينه) ؛ وَوَافَقَ إِسْمَاعِيل فِي قَوْله: (عمودين عَن يَمِينه) ؛ ابْن الْقَاسِم والقعنبي وَأَبُو مُصعب وَمُحَمّد بن الْحسن وَأَبُو حذافة، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِي وَابْن مهْدي فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُم، وَأجَاب قوم عَنهُ بِاحْتِمَال تعدد الْوَاقِعَة، وروى عُثْمَان بن عمر عَن مَالك: (جعل عمودين عَن يَمِينه وعمودين عَن يسَاره) ، فعلى هَذَا تكون الأعمدة سَبْعَة، ويردها قَوْله: (وَكَأن الْبَيْت يَوْمئِذٍ على سِتَّة أعمدة) ، بعد قَوْله: (وَثَلَاثَة أعمدة وَرَاءه) وَعَن هَذَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يُتَابع عُثْمَان بن عمر على ذَلِك، وَأجَاب الْكرْمَانِي بجوابين آخَرين: الأول: هُوَ أَن الأعمدة الثَّلَاثَة الْمُقدمَة مَا كَانَت على سمت وَاحِد، بل عمودان مسامتان وَالثَّالِث على غير سمتها؛ وَلَفظ المقدمين فِي الحَدِيث السَّابِق يشْعر بِهِ، فتعرض للعمودين المسامتين وَسكت عَن ثَالِثهَا. وَالثَّانِي: أَن تكون الثَّلَاثَة على سمت وَاحِد، وَقَامَ رَسُول الله عِنْد الوسطاني.
قَوْله: (وَقَالَ لنا إِسْمَاعِيل) وَهُوَ أبي أويس بن أُخْت مَالك بن أنس، وَهَذَا مَوْصُول بِوَاسِطَة قَوْله لنا، وَهِي رِوَايَة كَرِيمَة، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر والأصيلي: وَقَالَ إِسْمَاعِيل، بِدُونِ لفظ: قَالَ لنا، أحط دَرَجَة من: حدّثنا. قَوْله: (حَدثنِي مَالك) ، يَعْنِي: بِهَذَا الحَدِيث.
٧٩ - (بابٌ)
أَي: هَذَا بَاب، فَإِذا لم يقدر شَيْئا لَا يكون معرباً، لِأَن الْإِعْرَاب يكون بِالْعقدِ والتركيب، كَذَا وَقع لفظ: بَاب، بِلَا تَرْجَمَة فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَلَيْسَ لفظ بَاب فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، وعَلى قَول الْأَكْثَرين: هُوَ كالفصل من الْبَاب الَّذِي قبله، وَإِنَّمَا فَصله لِأَن فِيهِ زِيَادَة، وَهِي مِقْدَار مَا كَانَ بَينه وَبَين الْجِدَار من الْمسَافَة.
٦٠٥٥٥١ - ح دّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ قَالَ حدّثنا أبُو ضَمْرَةَ قَالَ حدّثنا مُوسَى بنُ عُقْبَةَ عنْ نافِعٍ أنَّ عَبْدَ ااِ كانَ إذَا دَخَلَ الكَعْبَةَ مَشَى قِبَلَ وَجْهِهِ حِينَ يَدْخلُ وجَعَلَ البَابَ قِبَلَ ظَهْرِهِ فَمَشَى حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجِدَارِ الذِي قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيباً منْ ثَلَاثَةِ أذْرُعٍ صَلَّى يَتَوَخَّى المَكَانَ الَّذِي أخْبرهُ بِلالٌ أنَّ النبيَّ صَلَّى فيهِ قَالَ وَلَيْسَ علَى أحَدِنا بَأْسٌ أنْ صلى فِي أيِّ نَوَاحِي البَيْتِ شاءَ. .
مُطَابقَة هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة بطرِيق الإستلزام، وَهُوَ أَن الْموضع الْمَذْكُور من كَونه مُقَابلا للباب قَرِيبا من الْجِدَار يسْتَلْزم كَون صلَاته بَين الساريتين.
ذكر رِجَاله ومهم خَمْسَة: الأول: إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر أَبُو إِسْحَاق الْحزَامِي الْمَدِينِيّ. الثَّانِي: أَبُو ضَمرَة، بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمِيم وبالراء: اسْمه أنس بن عِيَاض، مر فِي بَاب التبرز فِي الْبيُوت. الثَّالِث: مُوسَى بن عقبَة بن أبي عَيَّاش الْمَدِينِيّ، مَاتَ سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَمِائَة. الرَّابِع: نَافِع مولى ابْن عمر. الْخَامِس: عبد ابْن عمر.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده.
ذكر بِمَعْنَاهُ) : قَوْله: (قبل وَجهه) ، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: أَي مُقَابل وَجهه، وَكَذَلِكَ الْكَلَام فِي: (قبل وَجهه) الَّذِي بعده. قَوْله: (قَرِيبا) كَذَا وَقع بِالنّصب، ويروى بِالرَّفْع وَهُوَ الأَصْل لِأَنَّهُ اسْم: يكون، وَوجه النصب أَن يكون اسْمه محذوفاً وَالتَّقْدِير: يكون الْقدر أَو الْمَكَان قَرِيبا من ثَلَاثَة أَذْرع، وَلَفظه: (بِثَلَاثَة) بالتأنيث فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر من: ثَلَاث أَذْرع، بِلَا تَاء. فَإِن قلت: الذِّرَاع مُذَكّر فَمَا وَجهه ترك التَّأْنِيث. قلت: أجَاب بَعضهم أَن الذِّرَاع يذكر وَيُؤَنث، وَلَيْسَ كَذَلِك على الْإِطْلَاق بل الذِّرَاع الَّذِي يذرع بِهِ يذكر، وذراع الْيَد يذكر وَيُؤَنث، وَهَهُنَا شبه بِذِرَاع الْيَد. قَوْله: (صلى) ، جملَة استئنافية. قَوْله: (يتوخى) أَي: يتحَرَّى، يُقَال: توخيت مرضاتك. أَي: تحريت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute