للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالَتْ أُمِرْنا أنْ نُخْرِجَ الحُيَّضَ يَوْمَ العِيدَيْنِ وَذَوَاتِ الخُدُورِ فَيَشْهْدْنَ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ عَنْ مُصَلَاّهُنَّ قالَتِ امْرَأَةٌ يَا رسولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ قَالَ (لتُلْبِسْها صَاحِبَتُها مِنْ جِلْبَابِها) . (انْظُر الحَدِيث ٤٢٣) .

مطبابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (لتلبسها صاحبتها من جلبابها) لِأَنَّهُ أكد باللبس حَتَّى بالعارية لِلْخُرُوجِ إِلَى صَلَاة الْعِيدَيْنِ، فَإِذا كَانَ لِلْخُرُوجِ إِلَى الْعِيد هَكَذَا، فلأجل الْفَرْض يكون بِالطَّرِيقِ الأولى، وَقد مر هَذَا الحَدِيث فِي كتاب الطَّهَارَة فِي بَاب شُهُود الْحَائِض الْعِيدَيْنِ بأتم من هَذَا، وَتقدم الْكَلَام فِيهِ متسوفىً. وَيزِيد بن إِبْرَاهِيم هُوَ: التسترِي أَبُو سعيد الْبَصْرِيّ، مَاتَ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَة، وَمُحَمّد هُوَ ابْن سِيرِين، وَرِجَال الْإِسْنَاد كلهم بصريون. قَوْله: (أمرنَا) بِضَم الْهمزَة، وَلمُسلم من طَرِيق هِشَام عَن حَفْصَة: (عَن أم عَطِيَّة قَالَت: أمرنَا رَسُول ا) . قَوْله: (الْحيض) بِضَم الْحَاء وَتَشْديد الْيَاء، جمع حَائِض. قَوْله: (يَوْم الْعِيدَيْنِ) ، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والكشميهني: (يَوْم الْعِيد) بِالْإِفْرَادِ. قَوْله: (عَن مصلاهن) ، أَي: عَن مصلى النِّسَاء اللَّاتِي لسن بحيض، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي؛ (عَن مصلاهم) ، بالتذكير على التغليب، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني؛ (عَن الْمصلى) بِالْإِفْرَادِ، وَهُوَ، بِضَم الْمِيم وَفتح اللَّام: مَوضِع الصَّلَاة. قَوْله: (قَالَت امْرَأَة) هَذِه الْمَرْأَة هِيَ أم عَطِيَّة، وَكنت بِهِ عَن نَفسهَا، وَفِي رِوَايَة: (قلت: يَا رَسُول اإحدانا) . قَوْله: (إحدانا) مُبْتَدأ، أَي: بَعْضنَا، وَخَبره. قَوْله: (لَيْسَ لَهَا جِلْبَاب) ، وَهُوَ بِكَسْر الْجِيم: الملحفة. قَوْله: (لتلبسها) ، بِالْجَزْمِ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ رَجاءٍ حدّثنا عِمْرانُ حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ سِيرِينَ حَدَّثتنَا أُمُّ عَطِيَّةَ سَمِعْتُ النبيَّ بهَذَا.

هَذَا التَّعْلِيق وَصله الطَّبَرَانِيّ: حدّثنا عَليّ بن عبد الْعَزِيز عَن عبد ابْن رَجَاء، فَذكره. وَفَائِدَته: تَصْرِيح مُحَمَّد بن سِيرِين بتحديث أم عَطِيَّة لَهُ، وَبَطل بِهَذَا زعم بَعضهم من أَن مُحَمَّدًا إِنَّمَا سَمعه من أُخْته حَفْصَة عَن أم عَطِيَّة، لِأَنَّهُ تقدم قبل رِوَايَته لَهُ عَن حَفْصَة أُخْته عَنْهَا وَلِهَذَا قَالَ الدَّاودِيّ الصَّحِيح رِوَايَة ابْن سِيرِين عَن أم عَطِيَّة وَعبد ابْن رَجَاء بِالْمدِّ هُوَ الغداني، بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الدَّال الْمُهْملَة وَبعد الْألف نون: نِسْبَة إِلَى غُدَانَة، وَهُوَ أَشْرَس بن يَرْبُوع بن حَنْظَلَة بن مَالك بن زيد مَنَاة بن تَمِيم، هَكَذَا وَقع فِي أَكثر الرِّوَايَات: عبد ابْن رَجَاء، بِدُونِ النِّسْبَة، وَلَكِن المُرَاد مِنْهُ: الغداني، وَقد وهم من قَالَ: إِنَّه عبد ابْن رَجَاء الْمَكِّيّ وَعمْرَان الْمَذْكُور هُوَ الْقطَّان، وَا أعلم.

٣ - (بابُ عَقْدِ الإِزَارِ عَلَى القَفَا فِي الصَّلاةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان، عقد الْمُصَلِّي إزَاره على قَفاهُ، وَالْحَال أَنه دَاخل فِي الصَّلَاة، والقفا: مَقْصُور، مُؤخر الْعُنُق يذكر وَيُؤَنث، وَالْجمع قفي، مثل؛ عصي جمع عَصا. وَقد جَاءَ أقفية، على غير قِيَاس.

وَوجه الْمُنَاسبَة بَين هَذَا الْبَاب وَالْبَاب الَّذِي قبله وَبَين الْأَبْوَاب الْخَمْسَة عشر الَّتِي بعده ظَاهر، لِأَن الْكل فِي أَحْكَام الثِّيَاب، غير أَنه تخَلّل فِيهَا خَمْسَة أَبْوَاب ذكرهَا وَهِي غير مُتَعَلقَة بِأَحْكَام الثِّيَاب. وَهِي: بَاب مَا يذكر فِي الْفَخْذ. وَبَاب الصَّلَاة فِي الْمِنْبَر والسطوح والخشب. وَبَاب: الصَّلَاة على الْحَصِير. وَبَاب: الصَّلَاة على الْخمْرَة. وَبَاب: الصَّلَاة على الْفراش.

أما مُنَاسبَة بَاب الْفَخْذ بِالْبَابِ الَّذِي قبله، هُوَ أَن الْمَذْكُور فِيهِ هُوَ الصَّلَاة فِي ثوب ملتحفاً بِهِ لستر الْعَوْرَة، وَالْمَذْكُور فِي الَّذِي بعده حكم الْفَخْذ، وَهُوَ أَنه عَورَة، فَإِذا كَانَ عَورَة يجب ستره، والستر إِنَّمَا يكون بالثياب فتحققت الْمُنَاسبَة بَينهمَا من هَذَا الْوَجْه. وَأما مُنَاسبَة بَاب الصَّلَاة فِي الْمِنْبَر بِالْبَابِ الَّذِي قبله هِيَ: أَن الثَّوْب فِيهِ مستعل على الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ، فالمناسبة من حَيْثُ الاستعلاء متحققة، وَإِن كَانَ الاستعلاء فِي نَفسه مُخْتَلفا. وَأما: الْمُنَاسبَة بَين الْأَبْوَاب الثَّلَاثَة، وَهِي: بَاب الصَّلَاة على الْحَصِير، وَبَاب الصَّلَاة على الْخمْرَة والفراش، فظاهرة جدا.

وَبَقِي وَجه: تخَلّل بَاب إِذا أصَاب ثوب الْمُصَلِّي امْرَأَته إِذا سجد، وَوجه ذَلِك أَن السَّجْدَة فِيهِ كَانَت على الْخمْرَة، وَفِي الْبَاب الَّذِي قبله كَانَ على الْمِنْبَر

<<  <  ج: ص:  >  >>