وَالْجَوَاز الْمُطلق، وَالْجَوَاز فِيمَا طَرِيقه الصَّوْت دون الْبَصَر، وَالْفرق بَين مَا علمه قبل وَبَين مَا عمله بعد، وَالْجَوَاز الْيَسِير، وَالْجَوَاز فِي الْأَنْسَاب خَاصَّة.
٢١ - (بابُ شَهَادَةِ النِّسَاءِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان جَوَاز شَهَادَة النِّسَاء.
وقَوْلِ الله تعالَى {فإنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وامْرَأتَانِ} (الْبَقَرَة: ٢٨٢) .
ذكر هَذِه الْقطعَة من الْآيَة لِأَنَّهَا تدل على جَوَاز شَهَادَة النِّسَاء مَعَ الرِّجَال، وَقَالَ ابْن بطال: أجمع أَكثر الْعلمَاء على أَن شَهَادَتهنَّ لَا تجوز فِي الْحُدُود وَالْقصاص. وَهُوَ قَول ابْن الْمسيب وَالنَّخَعِيّ وَالْحسن وَالزهْرِيّ وَرَبِيعَة وَمَالك وَاللَّيْث والكوفيين وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأبي ثَوْر. وَاخْتلفُوا فِي النِّكَاح وَالطَّلَاق وَالْعِتْق وَالنّسب وَالْوَلَاء، فَذهب ربيعَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر إِلَى: أَنه لَا تجوز فِي شَيْء من ذَلِك كُله مَعَ الرِّجَال، وَأَجَازَ شَهَادَتهنَّ فِي ذَلِك كُله مَعَ الرِّجَال الْكُوفِيُّونَ، وَاتَّفَقُوا أَنه: تجوز شَهَادَتهنَّ منفردات فِي الْحيض والولادة والاستهلال وعيوب النِّسَاء، وَمَا لَا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال من عوراتهن للضَّرُورَة. وَاخْتلفُوا فِي الرَّضَاع، فَمنهمْ من أجَاز شهاداتهن منفردات، وَمِنْهُم من أجازها مَعَ الرِّجَال، وَقَالَ أَصْحَابنَا: يثبت الرَّضَاع بِمَا ثَبت بِهِ المَال، وَهُوَ شَهَادَة رجلَيْنِ أَو رجل وَامْرَأَتَيْنِ، وَلَا تقبل شَهَادَة النِّسَاء المنفردات، وَعند الشَّافِعِي: يثبت بِشَهَادَة أَربع نسْوَة وَعند مَالك: بامرأتين. وَعند أَحْمد: بمرضعة فَقَط. وَفِي (الْكَافِي) : أَنه لَا فرق بَين أَن يشْهد قبل النِّكَاح أَو بعده. انْتهى. وَاخْتلفُوا فِي عدد من يجب قبُول شَهَادَته من النِّسَاء على مَا لَا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال. فَقَالَت طَائِفَة: لَا تقبل أقل من أَربع، وَهَذَا قَول أهل الْبَيْت وَالنَّخَعِيّ وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَهُوَ رَأْي الشَّافِعِي وَأبي ثَوْر. وَقَالَت طَائِفَة: تجوز شَهَادَة امْرَأتَيْنِ على مَا لَا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال، وَبِه قَالَ مَالك وَابْن شبْرمَة وَابْن أبي ليلى، وَعَن مَالك: إِذا كَانَت مَعَ الْقَابِلَة امْرَأَة أُخْرَى فشهادتها جَائِزَة، وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ أَنه أجَاز شَهَادَة الْمَرْأَة الْوَاحِدَة فِيمَا لَا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال، وَعَن مَالك: أرى أَن تجوز شَهَادَة الْمَرْأَتَيْنِ فِي الدّين مَعَ يَمِين صَاحبه، وَعَن الشَّافِعِي: يسْتَحْلف الْمُدعى عَلَيْهِ وَلَا يحلف الْمُدَّعِي مَعَ شَهَادَة الْمَرْأَتَيْنِ. وَقَالَت طَائِفَة لَا تجوز شَهَادَة النِّسَاء إلَاّ فِي موضِعين فِي: المَال، وَحَيْثُ لَا يرى الرِّجَال من عورات النِّسَاء.
٨٥٦٢ - حدَّثنا ابنُ أبيَ مَرْيَمَ قَالَ أخبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ قَالَ أخْبَرَنِي زَيْدٌ عنْ عِياضِ بنِ عبْدِ الله عنْ أبِي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِي الله تَعَالَى عنهِ عنِ النبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ قَالَ ألَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأْةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَابْن أبي مَرْيَم هُوَ سعيد بن مُحَمَّد بن أبي مَرْيَم الجُمَحِي الْمصْرِيّ، وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن أبي كثير وَزيد هُوَ ابْن أسلم، وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ اسْمه: سعد بن مَالك، والْحَدِيث مضى بأتم مِنْهُ فِي كتاب الْحيض فِي: بَاب ترك الْحَائِض الصَّوْم، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
٣١ - (بابُ شَهَادَةِ الإمَاءِ والعَبيدِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم شَهَادَة الْإِمَاء وَهُوَ جمع: أمة، وَالْعَبِيد جمع: عبد، وَحكمه أَن شَهَادَتهم لَا تقبل مُطلقًا عِنْد الْجُمْهُور، وَعند أَحْمد وَإِسْحَاق وَأبي ثَوْر: تقبل فِي الشَّيْء الْيَسِير، وَهُوَ قَول شُرَيْح وَالنَّخَعِيّ وَالْحسن.
وقالَ أنَسٌ شهادَةُ العَبْدِ جائِزَةٌ إذَا كانَ عَدْلاً
هَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن أبي شيبَة عَن حَفْص بن غياث عَن الْمُخْتَار بن فلفل، قَالَ: سَأَلت أنسا عَن شَهَادَة العبيد؟ فَقَالَ: جَائِزَة وَفِي الإشراف: وَمَا علمت أحدا رد شَهَادَة العَبْد.