من أَصْحَاب الشَّجَرَة وَعَن الْكَلْبِيّ هُوَ أهبان بن الْأَكْوَع واسْمه سِنَان بن عياذ بن ربيعَة وَقَالَ الذَّهَبِيّ أهبان بن أَوْس الْأَسْلَمِيّ يكلم الذِّئْب أَبُو عقبَة كُوفِي وَقيل أَن مُكَلم الذِّئْب أهبان بن عياذ الْخُزَاعِيّ وَقَالَ ابْن بطال وَهَذَا الحَدِيث حجَّة على من جعل عِلّة الْمَنْع من أكل الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير أَنَّهَا خلقت للزِّينَة وَالرُّكُوب لقَوْله عز وَجل {لتركبوها وزينة} وَقد خلقت الْبَقر للحراثة كَمَا أنطقها الله عز وَجل وَلم يمْنَع ذَلِك من أكل لحومها لَا فِي بني إِسْرَائِيل وَلَا فِي الْإِسْلَام قلت الْبَقر خلقت للْأَكْل بِالنَّصِّ كَمَا خلقت هَذِه الثَّلَاثَة للرُّكُوب بِالنَّصِّ وَالْبَقر لم تخلق للرُّكُوب فَلذَلِك قَالَت لراكبها لم أخلق لهَذَا وَقَوْلها خلقت للحراثة لَيْسَ بحصر فِيهَا وَلما كَانَت فِيهَا منفعتان الْأكل والحراثة ذكرت مَنْفَعَة الحراثة لكَونهَا أبعد فِي الذِّهْن من مَنْفَعَة الْأكل وَلِأَن الْأكل كَانَ مقررا عِنْد الرَّاكِب بِخِلَاف الحراثة بل رُبمَا كَانَ يظنّ أَنَّهَا غير متصورة عِنْده فنبهته عَلَيْهَا دون الْأكل
(بَاب إِذا قَالَ اكْفِنِي مُؤنَة النّخل أَو غَيره وتشركني فِي الثَّمر)
أَي هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا قَالَ صَاحب النخيل لغيره اكْفِنِي مُؤنَة النّخل والمؤنة هِيَ الْعَمَل فِيهِ من السَّقْي وَالْقِيَام عَلَيْهِ بِمَا يتَعَلَّق بِهِ وتشركني فِي الثَّمر أَي الثَّمر الَّذِي يحصل من النّخل وَهَذِه صُورَة الْمُسَاقَاة وَهِي جَائِزَة قَوْله " أَو غَيره " أَي أَو غير النّخل مثل الْكَرم يكون لَهُ وَيَقُول لغيره اكْفِنِي مُؤنَة هَذَا الْكَرم وتشركني فِي الْعِنَب الَّذِي يحصل مِنْهُ وَهَذَا أَيْضا جَائِز وَجَوَاب إِذا مَحْذُوف تَقْدِيره مَاذَا قَالَ اكْفِنِي إِلَى آخِره جَازَ هَذَا القَوْل قَوْله " النّخل " رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره النخيل وَهُوَ جمع نخل كالعبيد جمع عبد وَهُوَ جمع نَادِر قَوْله " وتشركني " قَالَ الْكرْمَانِي بِالرَّفْع وَالنّصب وَلم يبين وجههما وَجه الرّفْع على تَقْدِيره حذف الْمُبْتَدَأ أَي وَأَنت تشركني وَالْوَاو فِيهِ للْحَال وَوجه النصب على تَقْدِير كلمة أَن بعد الْوَاو أَي اكْفِنِي مُؤنَة النّخل وَأَن تشركني فِي الثَّمر أَي وعَلى أَن تشركني وَقد ذكر الْكُوفِيُّونَ أَن أَن بِالْفَتْح وَسُكُون النُّون يَأْتِي بِمَعْنى الشَّرْط كَانَ بِكَسْر الْهمزَة
٦ - (حَدثنَا الحكم بن نَافِع قَالَ أخبرنَا شُعَيْب قَالَ حَدثنَا أَبُو الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَت الْأَنْصَار للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اقْسمْ بَيْننَا وَبَين إِخْوَاننَا النخيل قَالَ لَا فَقَالُوا تكفوننا الْمُؤْنَة ونشرككم فِي الثَّمَرَة قَالُوا سمعنَا وأطعنا) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " تكفوننا الْمُؤْنَة ونشرككم فِي الثَّمَرَة ". وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة وَالْحكم بِفتْحَتَيْنِ هُوَ أَبُو الْيَمَان الْحِمصِي وَشُعَيْب ابْن أبي حَمْزَة الْحِمصِي وَأَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان والأعرج هُوَ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الشُّرُوط وَأخرجه النَّسَائِيّ مثله فِيهِ قَوْله " قَالَت الْأَنْصَار " يَعْنِي حِين قدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة قَالُوا يَا رَسُول الله اقْسمْ بَيْننَا وَبَين إِخْوَاننَا يَعْنِي الْمُهَاجِرين النخيل وَإِنَّمَا قَالُوا ذَلِك لِأَن الْأَنْصَار لما بَايعُوا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة الْعقبَة شَرط عَلَيْهِم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مواساة من هَاجر إِلَيْهِم فَلَمَّا قدم الْمُهَاجِرُونَ قَالَت الْأَنْصَار أقسم يَا رَسُول الله بَيْننَا وَبينهمْ وَيعْمل كل وَاحِد سَهْمه فَلم يفعل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَلِك وَهُوَ معنى قَوْله " قَالَ لَا " أَي قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا أفعل ذَلِك يَعْنِي الْقِسْمَة لِأَنَّهُ كره أَن يخرج شَيْء من عقار الْأَنْصَار عَنْهُم وَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَيْضا أَن الْمُهَاجِرين لَا علم لَهُم بِعَمَل النّخل فَقَالَت الْأَنْصَار حِينَئِذٍ تكفوننا الْمُؤْنَة وَقد فسرناها ونشرككم فِي الثَّمَرَة وَهُوَ معنى قَوْله فَقَالُوا أَي الْأَنْصَار للمهاجرين تكفوننا الْمُؤْنَة ونشرككم فِي الثَّمَرَة قَالُوا أَي الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار كلهم قَالُوا سمعنَا وأطعنا يَعْنِي امتثلنا أَمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا أَشَارَ إِلَيْهِ وَهَذِه صُورَة الْمُسَاقَاة ثمَّ ظَاهر الحَدِيث يَقْتَضِي عَمَلهم على النّصْف مِمَّا يخرج الثَّمَرَة لِأَن الشّركَة إِذا أبهمت وَلم يكن فِيهَا حد مَعْلُوم كَانَت نِصْفَيْنِ وَقَالَ الْمُهلب فِيهِ حجَّة على جَوَاز الْمُسَاقَاة ورد عَلَيْهِ ابْن التِّين بِأَن الْمُهَاجِرين كَانُوا ملكوا من الْأَنْصَار نَصِيبا من الأَرْض وَالْمَال بِاشْتِرَاط النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute