قَالَ: تبَاع إِذا وضعت وَلَا يُبَاع الْوَلَد ويكلف رهن آخر. وَقَالَ أَبُو ثَوْر: هِيَ خَارِجَة من الرَّهْن وَلَا يُكَلف لَا هُوَ وَلَا هِيَ شَيْئا، سَوَاء كَانَ مُوسِرًا أَو مُعسرا. وَعَن قَتَادَة: أَنَّهَا تبَاع ويكلف سَيِّدهَا أَن يفتكَّ وَلَده مِنْهَا. وَعَن ابْن سِيرِين: أَنَّهَا استسعيت، وَكَذَلِكَ العَبْد الْمَرْهُون إِذا أعتق. وَقَالَ مَالك: إِن كَانَ مُوسِرًا كلف أَن يَأْتِي بِقِيمَتِهَا فَتكون الْقيمَة رهنا وَتخرج هِيَ من الرَّهْن، وَإِن كَانَ مُعسرا، فَإِن كَانَت تخرج إِلَيْهِ وتأتيه فَهِيَ خَارِجَة من الرَّهْن وَلَا يتبع بغرامة وَلَا يُكَلف هُوَ رهنا مَكَانهَا، لَكِن يتبع بِالدّينِ الَّذِي عَلَيْهِ، وَإِن كَانَ تسور عَلَيْهَا بِيعَتْ هِيَ وَأعْطِي هُوَ وَلَده مِنْهَا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: إِن حملت وَأقر بحملها، فَإِن كَانَ مُوسِرًا خرجت من الرَّهْن وكلف قَضَاء الدّين إِن كَانَ حَالا، أَو كلف رهنا بِقِيمَتِهَا إِن كَانَ إِلَى أجل، وَإِن كَانَ مُعسرا كلفت أَن تستسعى فِي الدّين الْحَال بَالغا مَا بلغ، وَلَا ترجع بِهِ على سَيِّدهَا، وَلَا يُكَلف وَلَدهَا سِعَايَة، وَإِن كَانَ الدّين إِلَى أجل كلفت أَن تستسعى فِي قيمتهَا فَقَط، فَجعلت رهنا مَكَانهَا، فَإِذا حل أجل الدّين كلفت من قبل أَن تستسعي فِي بَاقِي الدّين إِن كَانَت أَكثر من قيمتهَا، وَإِن كَانَ السَّيِّد استلحق وَلَدهَا بعد وَضعهَا لَهُ وَهُوَ مُعسر، قسم الدّين على قيمتهَا يَوْم ارتهنها، وعَلى قيمَة وَلَدهَا يَوْم اسْتَلْحقهُ، فَمَا أصَاب للْأُم سعت فِيهِ بَالغا مَا بلغ للْمُرْتَهن، وَلم ترجع بِهِ على سَيِّدهَا، وَمَا أصَاب الْوَلَد سعي فِي الْأَقَل من الدّين أَو من قِيمَته وَلَا رُجُوع بِهِ على أَبِيه، وَيَأْخُذ الْمُرْتَهن كل ذَلِك. وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : هَذَا الحَدِيث حجَّة على أبي حنيفَة قلت: سُبْحَانَ الله! هَذَا تحكم، وَكَيف يكون حجَّة عَلَيْهِ وَقد ذكرنَا وَجهه؟ على أَن الشّعبِيّ، هُوَ الرَّاوِي عَن أبي هُرَيْرَة فِي هَذَا الحَدِيث، قد روى عَنهُ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا، فَهَذَا قَالَ: حَدثنَا أَبُو نعيم، قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن صَالح عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ، قَالَ: لَا ينْتَفع فِي الرَّهْن بِشَيْء، فَهَذَا الشّعبِيّ يَقُول هَذَا، وَقد روى عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الحَدِيث الْمَذْكُور أفيجوز عَلَيْهِ أَن يكون أَبُو هُرَيْرَة يحدثه عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بذلك ثمَّ يَقُول هُوَ بِخِلَافِهِ؟ وَلَيْسَ ذَلِك إلَاّ وَقد ثَبت نسخ هَذَا الحَدِيث عِنْده. وَالله أعلم.
٢١٥٢ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ مُقاتِلٍ قَالَ أخْبَرَنا عبدُ الله بنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أخْبرنا زَكَرِيَّاءُ عَن الشَّعْبِيِّ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرَّهنُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كانَ مَرْهُونَاً ولَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كانَ مَرْهُوناً وعلَى الَّذِي يَرْكَبُ ويَشْرَبُ النَّفَقَةُ.
(انْظُر الحَدِيث ١١٥٢) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه مُحَمَّد بن مقَاتل الرَّازِيّ عَن عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي عَن زَكَرِيَّاء بن أبي زَائِدَة عَن عَامر الشّعبِيّ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.