للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة الأول: قُتَيْبَة، على صُورَة تَصْغِير قتبة، بِكَسْر الْقَاف وَاحِدَة الأقتاب، وَهِي الأمعاء. قَالَ الصَّنْعَانِيّ: وَبهَا سمي الرجل قُتَيْبَة. وَقَالَ ابْن عدي: إسمه يحيى وقتيبة لقب غلب عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْن مَنْدَه: إسمه عَليّ بن سعيد بن جميل البغلاني مَنْسُوب إِلَى بغلان، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة، قَرْيَة من قرى بَلخ. وَقيل: إِن جده كَانَ مولى للحجاج بن يُوسُف، فَهُوَ ثقفي، مَوْلَاهُم، وكنيته أَبُو رَجَاء. روى عَن مَالك وَغَيره عَن أَئِمَّة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: روى عَنهُ أَحْمد وَأَصْحَاب الْكتب السِّتَّة. قلت: روى عَنهُ يحيى بن معِين وَعلي بن الْمَدِينِيّ وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ، وروى النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه عَن رجل عَنهُ، وَقَالَ مُحَمَّد بن بكير البرْسَانِي: كَانَ ثبتا صَاحب حَدِيث وَسنة. وَقَالَ الْأَثْرَم: أثنى عَلَيْهِ أَحْمد. وَقَالَ يحيى وَالنَّسَائِيّ: ثِقَة وَكَانَ كثير المَال كَمَا كَانَ كثير الحَدِيث توفّي سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَقَالَ عَليّ بن مُحَمَّد السمسمار: سمعته يَقُول: ولدت ببلخ يَوْم الْجُمُعَة، حِين تَعَالَى النَّهَار، لست مضين من رَجَب سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة، وَقَالَ الْحَاكِم فِي (تَارِيخ نيسابور) : مَاتَ فِي ثَانِي رَمَضَان. الثَّانِي: اللَّيْث بن سعد. الثَّالِث: يزِيد بن أبي حبيب الْمصْرِيّ. الرَّابِع: أَبُو الْخَيْر مرْثَد بِفَتْح الْمِيم وبالثاء الْمُثَلَّثَة. الْخَامِس: عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، وَكلهمْ قد تقدمُوا.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والعنعنة. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم مصريون مَا خلا قُتَيْبَة. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم أَئِمَّة أجلاّء.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: قد ذكرنَا فِيمَا مضى أَنه أخرجه فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وَأخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ أَيْضا، وَأخرجه فِيمَا مضى عَن: عَمْرو بن خَالِد عَن لَيْث عَن يزِيد عَن أبي الْخَيْر عَن عبد الله بن عَمْرو، وَهَهُنَا: عَن قُتَيْبَة عَن لَيْث إِلَخ بِعَين هَؤُلَاءِ، وَنبهَ بذلك على الْمُغَايرَة بَين شيخيه اللَّذين حَدَّثَاهُ عَن اللَّيْث، وَهِي تشعر بتكثير الطّرق. وَقد علم أَنه لَا يُعِيد الحَدِيث الْوَاحِد فِي موضِعين على صُورَة وَاحِدَة، على أَنه بوب بِهِ هُنَاكَ على أَن: الْإِطْعَام من الْإِسْلَام، وَهَهُنَا على أَن: السَّلَام من الْإِسْلَام، وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: كَانَ يَكْفِيهِ أَن يَقُول ثمَّة أَو هَهُنَا بَاب الاطعام وَالسَّلَام من الْإِسْلَام، بِأَن يدخلهما فِي سلك وَاحِد، وَيتم الْمَطْلُوب. قلت: لَعَلَّ عَمْرو بن خَالِد ذكره فِي معرض بَيَان أَن الْإِطْعَام مِنْهُ، وقتيبة فِي بَيَان أَن الْإِسْلَام مِنْهُ، فَلذَلِك ميزهما، مضيفا إِلَى كل راوٍ قَصده فِي رِوَايَته. وَقَالَ بَعضهم: هَذَا لَيْسَ بطائل، لِأَنَّهُ يبْقى السُّؤَال بِحَالهِ إِذْ لَا يمْتَنع مَعَه أَن يجمعهما المُصَنّف، وَلَو كَانَ سمعهما مفترقين. قلت: هَذَا الَّذِي قَالَه لَيْسَ بطائل، وَهُوَ جَوَاب حسن، ويندفع السُّؤَال بِهِ، وَلَو كَانَ المُصَنّف جَمعهمَا لَكَانَ تغييرا لما أفرده كل وَاحِد من شيخيه، وَلم يرد تَغْيِير ذَلِك، فَلذَلِك ميزهما بالبابين. فَافْهَم وَبَاقِي الْكَلَام ذَكرْنَاهُ، فِيمَا مضى، مُسْتَوفى.

٢١ - (بابُ كُفْرَانِ العَشِيرِ وَكُفْرٍ دُونَ كُفْرٍ)

الْكَلَام فِيهِ على وَجْهَيْن: الأول: وَجه الْمُنَاسبَة بَين هَذَا الْبَاب وَبَين الْأَبْوَاب الَّتِي قبله هُوَ: أَن الْمَذْكُور فِي الْأَبْوَاب الْمَاضِيَة هُوَ أُمُور الْإِيمَان، وَالْكفْر ضِدّه، والمناسبة بَينهمَا من جِهَة التضاد، لِأَن الْجَامِع بَين الشَّيْئَيْنِ على أَنْوَاع: عَقْلِي: بِأَن يكون بَينهمَا اتِّحَاد فِي التَّصَوُّر أَو تماثل أَو تضايف، كَمَا بَين الْأَقَل وَالْأَكْثَر، والعلو والسفل. و: وهمي: بِأَن يكون بَين تصور الشَّيْئَيْنِ شبه تماثل، كلوني بَيَاض وصفرة، أَو تضَاد كالسواد وَالْبَيَاض، وَالْإِيمَان وَالْكفْر، وَشبه تضَاد: كالسماء وَالْأَرْض، و: خيالي: بِأَن يكون بَينهمَا تقارن فِي الخيال، وأسبابه مُخْتَلفَة كَمَا عرف فِي مَوْضِعه، وَلم أر شارحا ذكر وَجه الْمُنَاسبَة هَهُنَا كَمَا يَنْبَغِي، وَقَالَ بعض الشَّارِحين: أرْدف البُخَارِيّ هَذَا الْبَاب بِالَّذِي قبله لينبه على أَن الْمعاصِي تنقص الْإِيمَان وَلَا تخرج إِلَى الْكفْر الْمُوجب للخلود فِي النَّار، لأَنهم ظنُّوا أَنه الْكفْر بِاللَّه، فأجابهم أَنه، عَلَيْهِ السَّلَام، أَرَادَ كفرهن حق أَزوَاجهنَّ، وَذَلِكَ لَا محَالة نقص من إيمانهن، لِأَنَّهُ يزِيد بشكرهن العشير وبأفعال الْبر، فَظهر بِهَذَا أَن الْأَعْمَال من الْإِيمَان، وَأَنه قَول وَعمل. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي الحَدِيث، أَرَادَ بِهِ حَدِيث الْبَاب أَنْوَاع من الْعلم: مِنْهَا مَا ترْجم لَهُ، وَهُوَ أَن الْكفْر قد يُطلق على غير الْكفْر بِاللَّه تَعَالَى؛ وَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ فِي شَرحه: مُرَاد المُصَنّف أَن يبين أَن الطَّاعَات كَمَا تسمى إِيمَانًا كَذَلِك الْمعاصِي تسمى كفرا، لَكِن حَيْثُ يُطلق عَلَيْهَا الْكفْر لَا يُرَاد بِهِ الْكفْر الْمخْرج عَن الْملَّة، وَهَذَا كَمَا ترى لَيْسَ فِي كَلَام وَاحِد مِنْهُم مَا يَلِيق بِوَجْه

<<  <  ج: ص:  >  >>