عَن مُحَمَّد بن عبد الله عَن سعيد بن أبي مَرْيَم عَنهُ بِهِ، وَقَالَ فِي عقبه: وَعَن يحيى بن بكير عَنهُ بِهِ، وَلم يقل: حَدثنَا يحيى بن بكير، وَهُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير نسبه إِلَى جده، وَهُوَ أَيْضا من شُيُوخ البُخَارِيّ، روى عَنهُ هُنَا بِوَاسِطَة وَكَذَا روى هُنَا عَن سعيد بن أبي مَرْيَم وَهُوَ شَيْخه بِوَاسِطَة. قلت: على قَول الْمُزنِيّ: هَذَا مُعَلّق، وَوَصله مُسلم عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق الصَّنْعَانِيّ عَنهُ. قَوْله: (الْعَظِيم أَي: جثة أَو جاهاً عِنْد النَّاس، وَالله تَعَالَى أعلم) .
{بِسم الله الرحمان الرَّحِيم}
لم تثبت الْبَسْمَلَة إلَاّ لأبي ذَر.
٩١ - (سورَة كَهيعص)
أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة كهيعس، قَالَ الثَّعْلَبِيّ: مَكِّيَّة، وَقَالَ مقَاتل: مَكِّيَّة كلهَا إِلَّا سجدتها فَإِنَّهَا مَدَنِيَّة، وَعَن الْقُرْطُبِيّ عَنهُ: نزلت بعد المهاجرة إِلَى أَرض الْحَبَشَة، وَهِي ثَمَان وَتسْعُونَ آيَة، وتسع مائَة وإثنان وَسِتُّونَ كلمة، وَثَلَاثَة آلَاف وَثَمَانمِائَة حرف وحرفان.
وَاخْتلفُوا فِي مَعْنَاهَا: فَعَن ابْن عَبَّاس إسم من أَسمَاء الله تَعَالَى، وَقيل: إسم الله الْأَعْظَم، وَعَن قَتَادَة هُوَ إسم من أَسمَاء الْقُرْآن، وَقيل: إسم السُّورَة، وَعَن ابْن عَبَّاس أَيْضا: هُوَ قسم أقسم الله تَعَالَى بِهِ، وَعَن الْكَلْبِيّ: هُوَ ثَنَاء أثنى الله بِهِ على نَفسه، وَعَن ابْن عَبَّاس أَيْضا: الْكَاف من كريم، وَالْهَاء من هاد، وَالْيَاء من رَحِيم، وَالْعين من عليم وعظيم، وَالصَّاد من صَادِق، رَوَاهُ الْحَاكِم من طَرِيق عَطاء بن السَّائِب عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس.
قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ أسْمِعْ بِهِمْ وأبْصِرْ الله يَقُولُهُ وهُمُ اليومَ لَا يَسْمَعُونَ وَلَا يُبْصِرُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ يَعْنِي قَوْلَهُ أسْمِعْ بِهِمْ وأبْصِرْ الكُفَّارُ يَوْمَئِذٍ أسْمَعُ شَيْءٍ وأبْصَرُهُ.
أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس: فِي قَوْله تَعَالَى: {أسمع بهم وَأبْصر يَوْم يأتوننا لَكِن الظَّالِمُونَ الْيَوْم فِي ضلال مُبين} (مَرْيَم: ٨٣) . قَوْله: أسمع بهم وَأبْصر لَفظه لفظ الْأَمر وَمَعْنَاهُ الْخَبَر، أَي: مَا اسمعهم وأبصرهم يَوْم الْقِيَامَة حِين لَا يَنْفَعهُمْ ذَلِك، وَقيل: سمع بِحَدِيثِهِمْ وَأبْصر كَيفَ يسمع بهم يَوْم يأتوننا، يَعْنِي: يَوْم الْقِيَامَة. قَوْله: (الله يَقُوله) ، جملَة إسمية. قَوْله: (وهم) أَي: الْكفَّار الْيَوْم لَا يسمعُونَ وَلَا يبصرون، وَالْيَوْم نصب على الظّرْف. قَوْله: (الْكفَّار يومئذٍ أسمع شَيْء وأبصره لكِنهمْ الْيَوْم) ، يَعْنِي فِي الدُّنْيَا فِي ضلال مُبين لَا يسمعُونَ وَلَا يبصرون، ثمَّ تَعْلِيق ابْن عَبَّاس هَذَا وَصله ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس. قَوْله:
لأرْجُمَنَّكَ لأشْتَمِنَّكَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يَا إِبْرَاهِيم لَئِن لم تَنْتَهِ لأرجمتك واهجرني مَلِيًّا} (مَرْيَم: ٦٤) وَفسّر قَوْله: (لأرجمنك) بقوله: (لأشتمنك) وَكَذَا فسره مقَاتل وَالضَّحَّاك والكلبي، وَعَن ابْن عَبَّاس: مَعْنَاهُ لأضربنك، وَقيل: لأظهرن أَمرك. قَوْله: (مَلِيًّا) أَي: دهراً، قَالَه سعيد بن جُبَير، وَعَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة: حينا، وَعَن قَتَادَة وَالْحسن وَعَطَاء: (سالما) .
ورِئْياً مَنْظَراً
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثاً ورئياً} (مَرْيَم: ٤٧) وَفسّر: (ورئياً) بقوله: (منْظرًا) ، وَصله الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَليّ ابْن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس بِهِ، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: وقرىء بالزاي، وَهُوَ الْهَيْئَة.
وَقَالَ أبُو وائِلٍ علِمَتْ مَرْيَمُ أنَّ التَّقِيَّ ذُو نُهْيَةٍ حَتَّى قالَتْ: {إنِّي أعُوذُ بالرَّحْمانِ مِنْكَ إنْ كُنْتَ تَقيًّا} (مَرْيَم: ٨١) وَقَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ تَؤُزُّهُمْ أزًّا تُزْعِجُهُمْ إِلَى المَعاصِي إزْعاجاً.
أَي: قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي قَوْله، عز وَجل: {ألم تَرَ أَنا أرسلنَا الشَّيَاطِين على الْكَافرين تؤزهم أزًّا} (مَرْيَم: ٣٨) أَي: تزعجهم إِلَى الْمعاصِي إزعاجاً وَكَذَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا، وَعَن الضَّحَّاك: تَأْمُرهُمْ بِالْمَعَاصِي أمرا. وَعَن سعيد بن جُبَير: تغريهم إغراء، وَعَن مُجَاهِد: تشليهم أشلاءً. وَعَن الْأَخْفَش: توهجهم، وَعَن المؤرج: تحركهم فِي الأَصْل: الصَّوْت.
وَقَالَ مُجاهِدٌ: لُدًّا عُوَجاً
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {لتبشر بِهِ الْمُتَّقِينَ وتنذر بِهِ قوما لدا} (مَرْيَم: ٧٩) وَفسّر: (لدا) بقوله: (عوجا) بِضَم الْعين جمع أَعْوَج، واللد، جمع