(فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ) ، أَي: فِي الْمَسْجِد الَّذِي بناه بِفنَاء دَاره. قَوْله: (فيتقصف) ، أَي: يزدحم حيضا حَتَّى يكسر بَعضهم بَعْضًا بالوقوع عَلَيْهِ، وأصل القصف الْكسر وَمِنْه ريح قاصفة، أَي: شَدِيدَة تكسر الشّجر. قَوْله: (بكَّاء) ، مُبَالغَة باكي من الْبكاء. قَوْله: (فأفزع ذَلِك) ، من الْفَزع وَهُوَ الْخَوْف، وَذَلِكَ فِي مَحل الرّفْع، فَاعله: وَهُوَ إِشَارَة إِلَى مَا فعله أَبُو بكر من قِرَاءَة الْقُرْآن جَهرا وبكائه. وَقَوله: (أَشْرَاف قُرَيْش) ، كَلَام إضافي مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول أفزع. قَوْله: (وَإِن جَاوز ذَلِك) ، أَي: مَا شرطنا عَلَيْهِ. قَوْله: (وَإِن أَبى إلَاّ أَن يعلن ذَلِك) ، أَي: وَإِن امْتنع إلَاّ أَن يجْهر بِمَا ذكر من الصَّلَاة وَقِرَاءَة الْقُرْآن. قَوْله: (ذمنك) ، أَي: عَهْدك، قَوْله: (أَن نخفرك) ، بِضَم النُّون وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة وبالفاء: من الإخفار، بِكَسْر الْهمزَة، وَهُوَ نقض الْعَهْد، يُقَال: خفرته إِذا أجرته وحميته، وأخفرته إِذا نقضت عَهده وَلم تف بِهِ، والهمزة فِيهِ للسلب. قَوْله: (إِنِّي أخفرت) على بِنَاء الْمَجْهُول. قَوْله: (أرْضى بجوار الله) ، أَي: حماه. قَوْله: (قد أريت) ، على بِنَاء الْمَجْهُول. قَوْله: (سبخَة) ، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَهِي الأَرْض تعلوها الملوحة وَلَا تكَاد تنْبت شَيْئا إلَاّ بعض الشّجر. قَوْله: (بَين لابتين) ، اللابتان تَثْنِيَة لابة بِالتَّخْفِيفِ وَهِي أَرض فِيهَا حِجَارَة سود كَأَنَّهَا احترقت بالنَّار، وَكَذَلِكَ الْحرَّة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء. قَوْله: (مُهَاجرا) حَال، أَي: طَالب الْهِجْرَة من مَكَّة. قَوْله: (على رسلك) ، بِكَسْر الرَّاء: على هينتك من غير عجلة، يُقَال: إفعل كَذَا على رسلك، أَي اتئد، وَفِي (التَّوْضِيح) : الرُّسُل، بِفَتْح الرَّاء: السّير السهل، وَضَبطه فِي الأَصْل بِكَسْر الرَّاء، وَبَعض الرِّوَايَات بِفَتْحِهَا. قَوْله: (أَن يُؤذن) على بِنَاء الْمَجْهُول من الْإِذْن. قَوْله: (بِأبي) ، أَي: مفدى بِأبي. قَوْله: (أَنْت) مُبْتَدأ وَخَبره: بِأبي، أَو: أَنْت، تَأْكِيد لفاعل ترجو، و: بِأبي، قسم. قَوْله: (ورق السمر) ، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَضم الْمِيم، قَالَ الْكرْمَانِي: شجر الطلح، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: هُوَ ضرب من شجر الطلح، الْوَاحِد سَمُرَة. وَفِي (الْمغرب) : السمر من شجر العضاه، وَهُوَ كل شجر يعظم وَله شوك وَهُوَ على ضَرْبَيْنِ: خَالص وَغير خَالص، فالخالص: الغرف والطلح وَالسّلم والسدر والسيال والسمر والينبوت والقتاد الْأَعْظَم والكهنبل والغرب والعوسج، وَمَا لَيْسَ بخالص: فالشوحط والنبع والشريان والسراء والنشم والعجرم والتالب، وَوَاحِد العضاه عضاهة وعضهة وعضة، بِحَذْف الْهَاء الْأَصْلِيَّة، كَمَا فِي الشّفة.
ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: الْجَوَاز، وَكَانَ مَعْرُوفا بَين الْعَرَب، وَكَانَ وُجُوه الْعَرَب يجيرون من لَجأ إِلَيْهِم واستجار بهم، وَقد أَجَارَ أَبُو طَالب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَلَا يكون الْجوَار إلَاّ لمن ظلم. وَفِيه: أَنه إِذا خشِي الْمُؤمن على نَفسه من ظَالِم أَنه مُبَاح لَهُ وَجَائِز أَن يستجير بِمن يمنعهُ ويحميه من الظُّلم، وَإِن كَانَ يجيره كَافِرًا، إِن أَرَادَ الْأَخْذ بِالرُّخْصَةِ، وَإِن أَرَادَ الْأَخْذ بالشدة فَلهُ ذَلِك، كَمَا رد الصّديق الْجوَار وَرَضي بجوار الله وَرَسُوله، وَالصديق يَوْمئِذٍ كَانَ من الْمُسْتَضْعَفِينَ، فآثر الصَّبْر على مَا ناله من الْأَذَى محتسبا على الله تَعَالَى وإيفاء بِهِ فوفاه الله لَهُ مَا وثق بِهِ فِيهِ وَلم ينله مَكْرُوه حَتَّى أذن لَهُ فِي الْهِجْرَة فَخرج مَعَ حَبِيبه ونجاهما الله من كيد أعدائهما حَتَّى بلغ مُرَاده من الله من إِظْهَار النُّبُوَّة وإعلاء الدّين. وَفِيه: مَا كَانَ للصديق من الْفضل والصدق فِي نصْرَة رَسُوله وبذله نَفسه وَمَاله فِي ذَلِك مِمَّا لم يخف مَكَانَهُ وَلَا جهل مَوْضِعه. وَفِيه: أَن كل من ينْتَفع بإقامته لَا يخرج من بَلَده وَيمْنَع مِنْهُ إِن أَرَادَهُ، حَتَّى قَالَ مُحَمَّد بن سَلمَة: إِن الْفَقِيه لَيْسَ لَهُ أَن يَغْزُو لِأَن ثمَّة من يَنُوب عَنهُ فِيهِ وَلَيْسَ يُوجد من يقوم مقَامه فِي التَّعْلِيم، وَيمْنَع من الْخُرُوج أَن أَرَادَهُ وَاحْتج بقوله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة} الْآيَة.
٥ - (بابُ الدَّيْنِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الدّين، هَذَا هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وكريمة وَلَيْسَ فِي رِوَايَة أبي ذَر وَأبي الْوَقْت لَا بَاب وَلَا تَرْجَمَة، وَسقط الحَدِيث أَيْضا من رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَوَقع فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ وَابْن شبويه: بَاب، بِغَيْر تَرْجَمَة وَبِه جزم الْإِسْمَاعِيلِيّ وَذكر ابْن بطال هَذَا الحَدِيث الْمَذْكُور هُنَا فِي آخر: بَاب من تكفل عَن ميت بدين، وَهَذَا هُوَ اللَّائِق، لِأَن الحَدِيث لَا تعلق لَهُ بترجمة جوَار أبي بكر حَتَّى يكون مِنْهَا أَو يثبت: بَاب، بِلَا تَرْجَمَة لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يكون كالفصل مِنْهَا وَلَيْسَ كَذَلِك، وَأما التَّرْجَمَة: بِبَاب الدّين فمحلها أَن يكون فِي كتاب الْفَرْض. فَافْهَم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute