عَنهُ فِي هَذَا الْبَاب، لِأَنَّهُ لَا يلْزم من كَون الْبَراء مَا رَآهُ ترك أَن لَا يكون ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَيْضا كَذَلِك مَا ترك، وَجَوَاب آخر: لَا نسلم أَن هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ من السّنَن الرَّوَاتِب، وَإِنَّمَا هِيَ سنة الزَّوَال الْوَارِدَة فِي حَدِيث أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
٢١ - (بابُ مَنْ تَطَوَّعَ فِي السَّفَرِ فِي غَيْرِ دُبُرِ الصَّلَوَاتِ وقَبْلهَا)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم تطوع فِي السّفر فِي غير عقيب الصَّلَوَات وَالْفرق بَين هَذَا الْبَاب وَالْبَاب الَّذِي قبله أَن هَذَا أَعم من الَّذِي قبله، لِأَن ذَاك مُقَيّد بالدبر.
ورَكَعَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيِ الفَجْرِ فِي السَّفَرِ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتي الْفجْر صَلَاة فِي غير دبر صَلَاة، وَهَذَا فِي (صَحِيح مُسلم) : من حَدِيث أبي قَتَادَة فِي قصَّة النّوم عَن صَلَاة الصُّبْح، فَفِيهِ: (صلى رَكْعَتَيْنِ قبل الصُّبْح ثمَّ صلى الصُّبْح كَمَا كَانَ يُصَلِّي) ، وَعند أبي دَاوُد (فصلوا رَكْعَتي الْفجْر ثمَّ صلوا الْفجْر) .
٣٠١١ - حدَّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ قَالَ حدَّثنا شُعْبَةُ عنْ عَمْرٍ وعنِ ابنِ أبِي لَيْلَى. قَالَ مَا أنْبَأَ أحَدٌ أنَّهُ رَأى النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَّى الضُّحَى غَيْرُ أُمِّ هانِىءٍ ذَكَرَتْ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ أغتَسَلَ فِي بَيْتِهَا فَصَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ فَمَا رَأيْتُهُ صَلَّى صَلَاةً أخَفَّ مِنْهَا غَيْرَ أنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ والسُّجُودَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن صَلَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صَلَاة الضُّحَى كَانَت نَافِلَة فِي السّفر، وَأَنه صلاهَا على الأَرْض وَلم يكن فِي دبر صَلَاة من الصَّلَوَات فَافْهَم.
وَرِجَاله قد ذكرُوا، وَعَمْرو بن مرّة، بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء، قد مر فِي: بَاب تَسْوِيَة الصُّفُوف، وَعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قد مر فِي: بَاب حد إتْمَام الرُّكُوع، وَأم هانىء، بالنُّون ثمَّ الْهمزَة، قد مر ذكرهَا فِي: بَاب التستر فِي الْغسْل، وَاسْمهَا: فاخته. وَقيل: هِنْد بنت أبي طَالب، أُخْت عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن آدم، وَأخرجه فِي الْمَغَازِي عَن أبي الْوَلِيد، وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار، كِلَاهُمَا عَن غنْدر عَن شُعْبَة، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن حَفْص بن عمر بِهِ. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى بِهِ، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن يزِيد عَن بهز عَن شُعْبَة بِهِ وَعَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد التَّيْمِيّ عَن يحيى عَن سُفْيَان عَن زبيد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى نَحوه.
ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (مَا أخبرنَا أحد. .) إِلَى آخِره. قَالَ ابْن بطال: لَا حجَّة فِي قَول ابْن أبي ليلى هَذَا، وَيرد عَلَيْهِ مَا رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الضُّحَى وَأمر بصلاتها من طرق جمة. مِنْهَا: حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْآتِي فِي: بَاب صَلَاة الضُّحَى فِي الْحَضَر، قَالَ: (أَوْصَانِي خليلي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثَلَاث لَا أدعهن حَتَّى أَمُوت: صَوْم ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر، وَصَلَاة الضُّحَى، ونوم على وتر) . وَمِنْهَا: حَدِيث أبي ذَر عِنْد مُسلم قَالَ (أصاني رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثَلَاث فَذكر رَكْعَتي الضُّحَى) وَمِنْهَا حَدِيث أبي ذَر عَن مُسلم أَيْضا عَنهُ (عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: يصبح على كل سلامي من أحدكُم صَدَقَة، بِكُل تَسْبِيحَة صَدَقَة، وكل تَحْمِيدَة وكل تَهْلِيلَة صَدَقَة، وكل تَكْبِيرَة صَدَقَة، وَأمر بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَة، وَنهي عَن الْمُنكر صَدَقَة، ويجزىء من ذَلِك رَكْعَتَانِ يركعهما من الضُّحَى) . وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن عمر عِنْد البُخَارِيّ: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَا يُصَلِّي من الضُّحَى إلاّ يَوْمَيْنِ: يَوْم يقدم مَكَّة) وَسَيَأْتِي. وَمِنْهَا: حَدِيث ابْن أبي أوفى عِنْد الْحَاكِم: (أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلى الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ حِين بشر بِرَأْس أبي جهل، وبالفتح) . وَمِنْهَا: حَدِيث أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عِنْد التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ثُمَامَة بنم أنس بن مَالك عَنهُ. قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من صلى الضُّحَى ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة بنى الله لَهُ قصرا من ذهب فِي الْجنَّة) . وَأخرجه ابْن مَاجَه أَيْضا. وَمِنْهَا: