للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالَ أبُو عَبْدِ اللَّهِ: الْبُلْعُومُ مَجْرَى الطَّعَامِ

هَذَا ثَبت فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي، وَأَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه. و: (البلعوم) بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة مجْرى الطَّعَام فِي الْحلق، وَهُوَ المريء كَمَا فسره القَاضِي الْجَوْهَرِي، وَكَذَا البلعم. وَقَالَ الْفُقَهَاء: الْحُلْقُوم مجْرى النَّفس، والمريء مجْرى الطَّعَام وَالشرَاب، وَهُوَ تَحت الْحُلْقُوم، والبلعوم تَحت الْحُلْقُوم. وَقَالَ ابْن بطال: البلعوم الْحُلْقُوم، وَهُوَ مجْرى النَّفس إِلَى الرئة، والمريء مجْرى الطَّعَام وَالشرَاب إِلَى الْمعدة مُتَّصِل بالحلقوم، وَالْمَقْصُود: كنى بذلك عَن الْقَتْل. وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: (لقطع هَذَا) ، يَعْنِي رَأسه.

٤٣ - (بابُ الإِنْصَاتِ لِلْعُلَمَاءِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْإِنْصَات لأجل الْعلمَاء، وَاللَّام، فِيهِ للتَّعْلِيل، و: الْإِنْصَات، بِكَسْر الْهمزَة: السُّكُوت وَالِاسْتِمَاع للْحَدِيث. يُقَال: نصت نصتا وأنصت إنصاتا إِذا سكت واستمع للْحَدِيث. يُقَال: أنصتوه وأنصتوا لَهُ. وانتصت سكت.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن الْعلم إِنَّمَا يحفظ من الْعلمَاء، وَلَا بُد فِيهِ من الْإِنْصَات لكَلَام الْعَالم حَتَّى لَا يشذ عَنهُ شَيْء، فبهذه الْحَيْثِيَّة تنَاسبا فِي الاقتران.

١٢١ - حدّثنا حَجَّاجٌ قَالَ: حدّثنا شُعْبَةُ قالَ: أَخْبرنِي عليُّ بنُ مُدْرِكٍ عَنْ أبي زُرْعَةَ عَنْ جَرِيرٍ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَ لَهُ فِي حَجَّةٍ الوَدَاعِ: (اسْتَنْصِتِ النَّاسَ) ، فقالَ: (لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ) ..

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (استنصت النَّاس) .

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: حجاج بن منهال الْأنمَاطِي. وَقد تقدم. الثَّانِي: شُعْبَة بن الْحجَّاج، وَقد تقدم غير مرّة. الثَّالِث: عَليّ بن مدرك، بِضَم الْمِيم وَكسر الرَّاء: أَبُو مدرك النَّخعِيّ الْكُوفِي الصَّالح الصدوق الثِّقَة، مَاتَ سنة عشْرين وَمِائَة، روى لَهُ الْجَمَاعَة. الرَّابِع: أَبُو زرْعَة، اسْمه هرم، بِفَتْح الْهَاء وَكسر الرَّاء، ابْن عَمْرو بن جرير بن عبد الله البَجلِيّ، كَانَ سيدا مُطَاعًا بديع الْجمال كَبِير الْقدر، طَوِيل الْقَامَة يصل إِلَى سَنَام الْبَعِير، وَكَانَ نَعله ذِرَاعا مر فِي: بَاب الدّين النصحية.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والإخبار بِصِيغَة الْمُفْرد وَالْجمع والعنعنة. وَمِنْهَا: أَن رُوَاته مَا بَين كُوفِي وواسطي وبصري. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة ابْن الابْن عَن جده.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ هُنَا عَن الْحجَّاج، وَفِي الْمَغَازِي عَن حَفْص بن عَمْرو، وَفِي الْفِتَن عَن سُلَيْمَان، كلهم عَن شُعْبَة عَن عَليّ بن مدرك بِهِ، وَفِي الدِّيات عَن بنْدَار عَن غنْدر عَن شُعْبَة، وَعَن عبيد الله بن معَاذ عَن أَبِيه عَن شُعْبَة بِهِ. وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن أبي بكر بن أبي شيبَة عَن غنْدر عَن شُعْبَة، وَعَن ابْن الْمثنى وَابْن بشار عَن غنْدر بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْعلم عَن مُحَمَّد بن عُثْمَان بن أبي صَفْوَان عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن شُعْبَة بِهِ، وَفِي الْمُحَاربَة عَن بنْدَار عَن غنْدر وَابْن مهْدي بِهِ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْفِتَن عَن بنْدَار عَنْهُمَا بِهِ، وَهَذَا قِطْعَة من حَدِيث أبي بكرَة الطَّوِيل، ذكره البُخَارِيّ فِي الْخطْبَة أَيَّام منى، وَمُسلم فِي الْجِنَايَات وَقد تقدم قِطْعَة من حَدِيث أبي بكرَة فِي كتاب الْعلم فِي موضِعين أَحدهمَا فِي: بَاب رب مبلغ أوعى من سامع.

بَيَان الْإِعْرَاب وَالْمعْنَى: قَوْله: (قَالَ) ، جملَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا اسْم. إِن. قَوْله: (فِي حجَّة الْوَدَاع) ، مُتَعَلق: بقال، الْمَشْهُور فِي الْحَاء وَالْوَاو الْفَتْح. قَوْله: (استنصت النَّاس) جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَهُوَ: أَنْت فِي اسنتصت، وَالْمَفْعُول وَهُوَ: النَّاس، وَهُوَ مقول القَوْل، واستنصت، أَمر من الاستنصات: استفعال من الْإِنْصَات، وَمثله قَلِيل، إِذْ الْغَالِب أَن الاستفعال يبْنى من الثلاثي وَمَعْنَاهُ طلب السُّكُوت، وَهُوَ مُتَعَدٍّ، والإنصات جَاءَ لَازِما ومتعديا، يَعْنِي اسْتعْمل أنصتوه وأنصتوا لَهُ لَا أَنه جَاءَ بِمَعْنى الإسكات. وَسميت بِحجَّة الْوَدَاع لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودع النَّاس فِيهَا. فَإِن قلت: قد وَقع فِي غَالب النّسخ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: أَي لجرير، وَكَيف يكون هَذَا وَقد جزم ابْن عبد الْبر بِأَن جَرِيرًا أسلم قبل موت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا؟ قلت: قد قيل: إِن لَفْظَة: لَهُ، هَهُنَا زِيَادَة لأجل هَذَا الْمَعْنى، وَلَكِن وَقع فِي رِوَايَة البُخَارِيّ: لهَذَا الحَدِيث فِي: بَاب حجَّة الْوَدَاع، أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لجرير، وَهَذَا يدل على أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>