للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٠٤١١ - حدَّثنا عُبَيْدُ الله بنُ مُوسى اقال أخبرنَا حَنْظَلَةُ عنِ القاسمِ بنِ مُحَمَّدٍ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا الوِتْرُ وَرَكْعَتا الفَجْرِ

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقد قُلْنَا عَن قريب: إِن البُخَارِيّ، رَحمَه الله، روى حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، عَن عبيد الله بن مُوسَى فِيمَا قيل عَن إِسْحَاق عَن عبيد الله هَذَا، وَهنا روى عَنهُ بِلَا وَاسِطَة، وَهُوَ يروي عَن حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان الجُمَحِي الْقرشِي من أهل مَكَّة، وَاسم أبي سُفْيَان: الْأسود بن عبد الرَّحْمَن، مَاتَ سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَة، وَقد مر فِي أول كتاب الْإِيمَان.

وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير عَن أَبِيه، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن ابْن أبي عدي،. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد ابْن سَلمَة الْمرَادِي عَن عبد الله بن وهب، ثَلَاثَتهمْ عَن حَنْظَلَة بِهِ.

قَوْله: (ثَلَاث عشرَة) مَبْنِيّ على الْفَتْح، وَأَجَازَ الْفراء سُكُون الشين من عشرَة. قَوْله: (مِنْهَا) أيَّ من ثَلَاث عشرَة.

١١ - (بابُ قِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاللَّيلِ وَنَوْمِهِ وَمَا نُسْخَ مِنْ قِيامِ اللَّيْلِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان قيام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: صلَاته بِاللَّيْلِ. قَوْله: (من نَومه) وَفِي بعض النّسخ: (ونومه) ، بواو الْعَطف. قَوْله: (وَمَا نسخ) أَي: بَاب أَيْضا فِي بَيَان مَا نسخ من قيام اللَّيْل.

وقَوْلِهِ تَعَالى: {يَا أيُّهَا المُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إلَاّ قَلِيلاً نِصْفُهُ أوُ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أوْ زِدْ عَليهِ ورَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً إنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً إنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أشَدُّ وِطاءً وَأقْوَمُ قِيلاً إنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحا طَوِيلاً (ع المزمل: ١ ٧) . وقَوْلُهُ: {عَلِمَ أنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرآنِ عَلِمَ أنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ الله وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الله فاقْرَؤا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وأقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأقْرِضُوا الله قَرْضا حَسَنا وَمَا تُقَدِّمُوا لأِنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ الله هُوَ خَيْرا وَأعْظَمَ أجْرا وَاسْتَغْفِرُوا الله إنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ} (المزمل: ٠٢) .

وَقَوله: بِالْجَرِّ عطف على قَوْله: (وَمَا نسخ من قيام اللَّيْل) وَهُوَ إِلَى آخِره دَاخل فِي التَّرْجَمَة. قَوْله عز وَجل: {يَا أَيهَا المزمل} يَعْنِي: الملتف فِي ثِيَابه، وَأَصله المتزمل، وَهُوَ الَّذِي يتزمل فِي الثِّيَاب، وكل من التف فِي ثَوْبه فقد تزمل، قلبت التَّاء زايا وأدغمت الزَّاي فِي الزَّاي، وروى ابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: {يَا أَيهَا المزمل} أَي: يَا مُحَمَّد قد زملت الْقُرْآن، وقرىء المتزمل على الأَصْل، والمزمل، بتَخْفِيف الزَّاي وَفتح الْمِيم وَكسرهَا، على أَنه اسْم فَاعل، أَو اسْم مفعول من زمله، وَهُوَ الَّذِي زمله غَيره أَو زمل نَفسه، وَكَانَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نَائِما بِاللَّيْلِ متزملاً فِي قطيفة،، فنبه وَنُودِيَ بهَا. وَعَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، أَنَّهَا سُئِلت: مَا كَانَ تزميله؟ قَالَت: كَانَ مِرْطًا طوله أَربع عشرَة ذِرَاعا وَنصفه عَليّ وَأَنا نَائِمَة، وَنصفه عَلَيْهِ، وَهُوَ يُصَلِّي، فَسُئِلت: مَا كَانَ؟ فَقَالَت: وَالله مَا كَانَ خَزًّا وَلَا قَزًّا وَلَا مرعزا وَلَا إبْريسَمًا وَلَا صُوفًا، وَكَانَ سداه شعرًا وَلحمَته وَبرا، قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ، ثمَّ قَالَ: وَقيل: دخل على خَدِيجَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَقد جِئْت فرقا أول مَا أَتَاهُ جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، وبوادره ترْعد، فَقَالَ: زَمِّلُونِي، وحسبت أَنه عرض لَهُ، فَبَيْنَمَا هوكذلك إِذْ ناداه جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، يَا أَيهَا المزمل. وَعَن عِكْرِمَة: أَن الْمَعْنى: يَا أَيهَا الَّذِي زمل أمرا عَظِيما، أَي: حمله، والزمل: الْحمل، وازدمله: احتمله. انْتهى. وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) أَشَارَ إِلَى أَن القَوْل الأول نِدَاء بِمَا يهجن إِلَيْهِ الْحَالة الَّتِي كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَلَيْهَا من التزميل فِي قطيفة، واستعداده للاشتغال فِي النّوم، كَمَا يفعل من لَا يهمه أَمر وَلَا يعنيه شَأْن، فَأمر أَن يخْتَار على الهجود والتهجد، وعَلى التزمل التشمر، والتخفف لِلْعِبَادَةِ والمجاهدة فِي الله عز وَجل، فَلَا جرم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قد تشمر لذَلِك مَعَ أَصْحَابه حق التشمر، وَأَقْبلُوا على إحْيَاء لياليهم، ورفضوا لَهُ الرقاد والدعاة وَجَاهدُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>