للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْهِ وَسلم، مثل الْبَخِيل والمتصدق كَمثل رجلَيْنِ عَلَيْهِمَا جبتان من حَدِيد) الحَدِيث، ثمَّ قَالَ البُخَارِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، تَابعه ابْن طَاوُوس عَن أَبِيه.

وَقَالَ حَنْظَلَة عَن طَاوُوس جنتان

أَي قَالَ حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان فِي رِوَايَته عَن طَاوُوس جنتان بالنُّون وَهَذَا تَعْلِيق ذكره البُخَارِيّ رَحمَه الله تَعَالَى أَيْضا فِي كتاب اللبَاس مُعَلّقا حَيْثُ قَالَ وَقَالَ حَنْظَلَة سَمِعت طَاوُوس سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة وَوَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق إِسْحَاق الْأَزْرَقِيّ عَن حنطلة.

وَقَالَ اللَّيْثُ حدَّثني جَعْفَرٌ عنِ ابنِ هُرْمُزَ قَالَ سَمِعْتُ أبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَنَّتَانِ

أَي: قَالَ اللَّيْث بن سعد عَن جَعْفَر بن ربيعَة عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز عَن الْأَعْرَج، ذكر أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي وَخلف: أَن البُخَارِيّ علقه أَيْضا فِي الصَّلَاة.

٩٢ - (بابُ صَدَقَةِ الكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان صَدَقَة الْكسْب وَالتِّجَارَة، وَالْحَاصِل أَنه أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى أَن الصَّدَقَة إِنَّمَا يعْتد بهَا إِذا كَانَت من كسب حَلَال أَو تِجَارَة من الْحَلَال، وَلم يذكر فِيهَا حَدِيثا إكتفاء بِمَا ذَكرْنَاهُ من الْآيَة الْكَرِيمَة، فَإِنَّهَا تَأمر بِالصَّدَقَةِ من الْجلَال وتنهى عَن الصَّدَقَة من الْحَرَام على مَا يذكرهُ.

لِقَوْلِهِ تَعالى {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسِبْتُمْ} إلَى قَولهِ: {أنَّ الله غَنِيٌّ حَمِيدُ} (الْبَقَرَة: ٧٦٢) .

بَين مَا أَرَادَهُ من هَذِه التَّرْجَمَة بِهَذِهِ الْآيَة على طَرِيق التَّعْلِيل بقوله لقَوْله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم وَمِمَّا أخرجنَا لكم من الأَرْض وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون ولستم بآخذيه إلَاّ أَن تغمضوا فِيهِ وأعلموا أَن الله غَنِي حميد} (الْبَقَرَة: ٧٦٢) . إِن الله يَأْمر عباده الْمُؤمنِينَ بِالْإِنْفَاقِ، وَالْمرَاد بِهِ الصَّدَقَة هَهُنَا، قَالَ ابْن عَبَّاس: من طَيّبَات من رزقهم من الْأَمْوَال الَّتِي اكتسبوها. وَقَالَ مُجَاهِد: يَعْنِي التِّجَارَة بتيسيره إِيَّاهَا لَهُم. وَقَالَ عَليّ وَالسُّديّ: من طَيّبَات مَا كسبتم يَعْنِي: الذَّهَب وَالْفِضَّة وَمن الثِّمَار وَالزَّرْع الَّتِي أنبتها الله تَعَالَى من الأَرْض. قَالَ ابْن عَبَّاس: أَمرهم بِالْإِنْفَاقِ من أطيب المَال وأجوده وأنفسه، ونهاهم عَن التَّصَدُّق برذالة المَال ورديئه وَهُوَ خبيثه، فَإِن الله طيب لَا يقبل إلَاّ الطّيب. وَلِهَذَا قَالَ: {وَلَا تيمموا الْخَبيث} (الْبَقَرَة: ٧٦٢) . أَي: لَا تقصدوا {الْخَبيث مِنْهُ تنفقون ولستم بآخذيه} (الْبَقَرَة: ٧٦٢) . أَي: لَو أعطيتموه مَا أخذتموه إلَاّ أَن تتعلموا فِيهِ، وَالله أغْنى عَنهُ مِنْكُم، فَلَا تجْعَلُوا لله مَا تَكْرَهُونَ. وَقيل: مَعْنَاهُ: لَا تعدلوا عَن المَال الْحَلَال وتقصدوا إِلَى الْحَرَام فتجعلوا نفقتكم مِنْهُ، وروى الإِمَام أَحْمد من حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود، قَالَ: (قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله قسم بَيْنكُم أخلاقكم كَمَا قسم بَيْنكُم أرزاقكم، وَإِن الله يُعْطي الدُّنْيَا من يحب وَمن لَا يحب، وَلَا يُعْطي الدّين إلَاّ من أحب، فَمن أعطَاهُ الدّين فقد أحبه، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا يسلم عبد حَتَّى يسلم قلبه وَلسَانه، وَلَا يُؤمن حَتَّى يَأْمَن مَا جَاره بوائقه. قَالُوا: وَمَا بوائقه؟ قَالَ: غشمته وظلمته، وَلَا يكْسب عبد مَالا من حرَام فينفق مِنْهُ فيبارك لَهُ فِيهِ، وَلَا يتَصَدَّق بِهِ فَيقبل مِنْهُ، وَلَا يتْركهُ خلف ظَهره إلَاّ إِذا كَانَ راده إِلَى النَّار إِن الله لَا يمحو السيء بالسيء، وَلَكِن يمحو السيء بالْحسنِ، إِن الْخَبيث لَا يمحو الْخَبيث) . وَقَالَ ابْن جرير: حَدثنِي الْحسن بن عَمْرو الْعَنْبَري حَدثنِي أبي عَن أَسْبَاط عَن السّديّ عَن عدي بن ثَابت عَن الْبَراء بن عَازِب فِي قَول الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا أَنْفقُوا من طَيّبَات مَا كسبتم ... } (الْبَقَرَة: ٧٦٢) . الْآيَة، قَالَ: نزلت فِي الْأَنْصَار، كَانَت الْأَنْصَار إِذا كَانَ أَيَّام جذاذ النّخل أخرجت من حيطانها أقناء الْبُسْر فعلقوه على حَبل بَين الأسطوانتين فِي مَسْجِد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فيأكل فُقَرَاء الْمُهَاجِرين مِنْهُ، فيعمد الرجل إِلَى الحشف فيدخله مَعَ أقناء الْبُسْر، يظنّ أَن ذَلِك جَائِز، فَأنْزل الله فِيمَن فعل ذَلِك {وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تنفقون} (الْبَقَرَة: ٧٦٢) . رَوَاهُ ابْن مَاجَه أَيْضا، وَابْن مرْدَوَيْه وَالْحَاكِم فِي (مُسْتَدْركه) وَقَالَ: صَحِيح على شَرط مُسلم وَلم يخرجَاهُ. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: حَدثنَا أبي حَدثنَا يحيى بن الْمُغيرَة حَدثنَا جرير عَن عَطاء بن السَّائِب عَن عبد الله بن مُغفل فِي هَذِه الْآيَة: {وَلَا تيمموا

<<  <  ج: ص:  >  >>