صَوت ذَوَات الْخُف، يُقَال: رغا يرغو رُغَاء، وأرغيته أَنا. قَوْله: (لَهَا خوار) ، جملَة وَقعت صفة لبقرة، و: الخوار، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة: صَوت الْبَقر، يُقَال: هر الثور يخور خواراً. وَقَالَ ابْن التِّين: هُوَ بِالْخَاءِ وَالْجِيم، وَفِي (الْمطَالع) : الْمَعْنى وَاحِد إلَاّ أَنه بِالْخَاءِ يسْتَعْمل فِي الظباء وَالشَّاة، وبالجيم للبقر وَالنَّاس. قَوْله: (تَيْعر) ، صفة لشاة يُقَال: يعرت العنز تَيْعر بِالْكَسْرِ، يعار بِالضَّمِّ، أَي: صاحت. قَالَ ابْن الْأَثِير: وَأكْثر مَا يُقَال لصوت الْمعز، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: تَيْعر بِالْكَسْرِ، وَقَالَ غَيره بِفَتْحِهَا أَيْضا. قَوْله: (عفرَة إبطَيْهِ) ، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْفَاء: وَهِي الْبيَاض الَّذِي فِيهِ شَيْء كلون الأَرْض، وشَاة عفراء يَعْلُو بياضها حمرَة. وَقيل: هِيَ بَيَاض لَيْسَ بناصع، وَيُقَال: هِيَ بِضَم الْمُهْملَة وَفتحهَا وَالْفَاء سَاكِنة وَبِفَتْحِهَا. قَوْله: (هَل بلغت؟) أَي: قد بلغت، أَو هُوَ اسْتِفْهَام تقريري، والتكرير للتَّأْكِيد ليسمع من لَا يسمع وليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب.
وَفِي الحَدِيث: أَن هَدَايَا الْعمَّال يجب أَن تجْعَل فِي بَيت المَال، وَأَنه لَيْسَ لَهُم مِنْهَا شَيْء إلَاّ أَن يستأذنوا الإِمَام فِي ذَلِك، كَمَا جَاءَ فِي قصَّة معَاذ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طيب لَهُ الْهَدِيَّة فأنفذها لَهُ أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَفِيه: كَرَاهِيَة قبُول هَدِيَّة طَالب الْعِنَايَة، وَيدخل فِي معنى ذَلِك كَرَاهَة هَدِيَّة الْمديَان والمقارض، وكل من هديته بِسَبَب عِلّة.
٨١ - (بابٌ إذَا وهَبَ أوْ وَعَدَ ثُمَّ ماتَ قَبْلَ أنْ تَصِلَ إلَيْهِ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا وهب الرجل هبة لآخر، أَو وعد لآخر، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أَو وعد عدَّة ثمَّ مَاتَ أَي: الَّذِي وهب أَو الَّذِي وعد. قَوْله: (قبل أَن تصل) أَي: الْهِبَة أَو الْعدة إِلَيْهِ أَي: إِلَى الْمَوْهُوب لَهُ أَو الْمَوْعُود لَهُ، وَيجوز أَن يكون الضَّمِير فِي: مَاتَ، رَاجعا إِلَى الَّذِي وهب لَهُ أَو وعد لَهُ، أَي: أَو مَاتَ الَّذِي وهب لَهُ أَو مَاتَ الَّذِي وعد لَهُ، قبل أَن يصل مَا وهب لَهُ إِلَيْهِ، أَو مَاتَ قبل أَن يصل مَا وعد لَهُ إِلَيْهِ. وَجَوَاب: إِذا، مَحْذُوف لم يظهره لأجل الْخلاف فِيهِ، بَيَان ذَلِك أَن التَّرْجَمَة مُشْتَمِلَة على شَيْئَيْنِ: أَحدهمَا: الْهِبَة. وَالْآخر: الْوَعْد.
أما الْهِبَة: فَالشَّرْط فِيهَا الْقَبْض عِنْد أَكثر الْفُقَهَاء وَالتَّابِعِينَ، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد، إلَاّ أَن أَحْمد يَقُول: إِن كَانَت الْهِبَة عينا تصح بِدُونِ الْقَبْض فِي الْأَصَح، وَفِي الْمكيل وَالْمَوْزُون لَا تصح بِدُونِ الْقَبْض، وَعند مَالك: يثبت الْملك فِيهَا قبل الْقَبْض اعْتِبَارا بِالْبيعِ، وَبِه قَالَ أَبُو ثَوْر وَالشَّافِعِيّ فِي الْقَدِيم، وَهُوَ قَول ابْن أبي ليلى. وَفِي كتاب (التَّفْرِيع) لأَصْحَاب مَالك: وَمن وهب شَيْئا من مَاله لزمَه دَفعه إِلَى الْمَوْهُوب لَهُ إِذا طَالبه بِهِ، فَإِن أَبى ذَلِك حكم بِهِ عَلَيْهِ إِذا أقرّ وَقَامَت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة، وَإِن أنكر حلف عَلَيْهَا وبرىء مِنْهَا، وَإِن نكل عَن الْيَمين حلف الْمَوْهُوب لَهُ فيأخذها مِنْهُ، وَإِن مَاتَ الْوَاهِب قبل دَفعهَا إِلَى الْمَوْهُوب لَهُ فَلَا شَيْء لَهُ إِذا كَانَ قد أمكنه أَخذهَا، ففرط فِيهَا، وَإِن مَاتَ الْمَوْهُوب لَهُ قبل قبضهَا، قَامَ ورثته مقَامه فِي مُطَالبَة الْوَاهِب بهبته، وَاسْتدلَّ أَصْحَابنَا وَأَصْحَاب الشَّافِعِي فِي اشْتِرَاط الْقَبْض بِحَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: أَن أَبَا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، نحلهَا جدَاد عشْرين وسْقا ... الحَدِيث ذَكرْنَاهُ عَن قريب. وَاسْتدلَّ صَاحب (الْهِدَايَة) فِي ذَلِك بقوله: وَلنَا. قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا تجوز الْهِبَة إلَاّ مَقْبُوضَة. قلت: هَذَا حَدِيث مُنكر لَا أصل لَهُ، بل هُوَ من قَول إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق فِي (مُصَنفه) ، وَقَالَ: أخبرنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم، قَالَ: لَا تجوز الْهِبَة حَتَّى تقبض، وَالصَّدَََقَة تجوز قبل أَن تقبض.
وَأما الْوَعْد: فَاخْتلف الْفُقَهَاء فِيهِ، فَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالْأَوْزَاعِيّ: لَا يلْزم من الْعدة. لِأَنَّهَا مَنَافِع لم تقبض، فلصاحبها الرُّجُوع فِيهَا. وَقَالَ مَالك: أما الْعدة، مثل أَن يسْأَل الرجل الرجل أَن يهب لَهُ هبة، فَيَقُول: نعم، ثمَّ يَبْدُو لَهُ أَن لَا يفعل، فَلَا أرى ذَلِك يلْزمه. قَالَ: وَلَو كَانَ فِي قَضَاء دين فَسَأَلَهُ أَن يقْضِي عَنهُ، فَقَالَ: نعم، وَثمّ رجال يشْهدُونَ عَلَيْهِ، فَمَا أحراه أَن يلْزمه إِذا شهد عَلَيْهِ اثْنَان. وَقَالَ سَحْنُون: الَّذِي يلْزمه فِي الْعدة فِي السّلف، وَالْعَارِية أَن يَقُول لرجل: إهدم دَارك وَأَنا أسلفك مَا تبنيها بِهِ، أَو أخرج إِلَى الْحَج وَأَنا أسلفك أَو أشتر سلْعَة كَذَا، أَو تزوج وَأَنا أسلفك، كل ذَلِك مِمَّا يدْخلهُ فِيهِ. ويتشبه بِهِ، فَهَذَا كُله يلْزمه، وَأما أَن يَقُول: أَنا أسلفك أَو أُعْطِيك فَلَيْسَ بِشَيْء، وَقَالَ أصبغ: يلْزمه فِي ذَلِك مَا وعد بِهِ.
وَقَالَ عبيدَةُ إنْ ماتَا وكانتْ فُصِلَتِ الهَدِيَّةُ والْمُهْداى لَهُ حَيٌّ فَهْيَ لِوَرَثَتِهِ وإنْ لَمْ تَكُنْ فُصِلَتْ فَهِيَ فَهْيَ لِوَرَثَةِ الَّذِي أهْداى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute