(وَقد اشتقنا) بواو الْعَطف بِغَيْر شكّ. قَوْله: (إِلَى أهليكم) ، ويروى: (إِلَى أهاليكم) . قَوْله: (أَو لَا أحفظها) شكّ من الرَّاوِي.
٦٣٢ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ أخبرنَا يَحْيى عنْ عُبَيْدِ الله بنِ عُمَرَ قَالَ حدَّثني نافِعٌ قَالَ أذَّنَ ابنُ عُمَرَ فِي لَيْلَةٍ بارِدَةٍ بِضَجْنَانَ ثُمَّ قَالَ صَلوا فِي رِحَالِكُمْ فَأخْبَرَنا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يَأمُرُ مُؤَذِّنا يُؤَذِّنُ ثُمَّ يَقُولُ على إثْرِهِ ألَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ فِي اللَّيْلَةِ البَارِدَةِ أوِ المَطِيرَةِ فِي السَّفَرِ (الحَدِيث ٦٣٢ طرفه فِي: ٦٦٦) .
مطابقته للتَّرْجَمَة الَّتِي هِيَ: (وَقَول الْمُؤَذّن الصَّلَاة فِي الرّحال) إِلَى آخِره، ظَاهِرَة، لِأَن ابْن عمر هَذَا هُوَ الَّذِي أذن، ثمَّ قَالَ: صلوا فِي رحالكُمْ. قَوْله: (حَدثنَا يحيى) هُوَ الْقطَّان. قَوْله: (بضجنان) ، بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْجِيم وَبعدهَا نون وَبعد الْألف نون أُخْرَى: وَهُوَ جبل على بريد من مَكَّة، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: بَينه وَبَين مَكَّة خَمْسَة وَعِشْرُونَ ميلًا، وَبَينه وَبَين مر تِسْعَة أَمْيَال. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: ويدلك أَن بَين ضجنَان وقديد لَيْلَة، قَول معبد الْخُزَاعِيّ:
(قد نفرت من رفقتي مُحَمَّد ... تهوي على دين أَبِيهَا الأتلد)
(قد جعلت مَاء قديد موعدي ... وَمَاء ضجنَان لنا ضحى الْغَد.)
وَهُوَ على وزن: فعلان، غير منصرف. قَوْله: (وَأخْبرنَا) عطف على قَوْله: أذن، قَوْله: (ثمَّ يَقُول) عطف على قَوْله: (يُؤذن) . قَوْله: (على إثره) ، بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفتحهَا: مَا بَقِي من رسم الشَّيْء. قَوْله: (فِي اللَّيْلَة الْبَارِدَة) ، ظرف لقَوْله: (كَانَ يَأْمر) وَقَوله: (ثمَّ يَقُول) يشْعر بِأَن القَوْل بِهِ كَانَ بعد الْأَذَان. فَإِن قلت: قد تقدم فِي بَاب الْكَلَام فِي الْأَذَان أَنه كَانَ فِي أثْنَاء الْأَذَان؟ قلت: يجوز كِلَاهُمَا، وَهُوَ نَص الشَّافِعِي أَيْضا فِي (الْأُم) . وَلَكِن الأولى أَن يُقَال: بعد الْأَذَان. وَقَوله: (أَلَا) كلمة تَنْبِيه وتحضيض، وَقد مر تَفْسِير (الْمَطِيرَة) وَكلمَة: أَو، فِيهِ للتنويع لَا للشَّكّ. وَفِي (صَحِيح أبي عوَانَة) : لَيْلَة بَارِدَة أَو ذَات مطر أَو ذَات ريح. وَهَذَا يدل على أَن كل وَاحِد من هَذِه الثَّلَاثَة عذر فِي التَّأَخُّر عَن الْجَمَاعَة. وَنقل ابْن بطال فِيهِ الْإِجْمَاع، لَكِن الْمَعْرُوف عِنْد الشَّافِعِيَّة أَن الرّيح عذر فِي اللَّيْل فَقَط. وَظَاهر الحَدِيث اخْتِصَاص الثَّلَاثَة بِاللَّيْلِ، وَلَكِن جَاءَ فِي (السّنَن) من طَرِيق ابْن إِسْحَاق عَن نَافِع فِي هَذَا الحَدِيث: (فِي اللَّيْلَة الْمَطِيرَة والغداة القرة) .
٦٣٣ - حدَّثنا إسْحَاقُ قَالَ أخبرنَا جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ قَالَ حدَّثنا أبْو العُمَيْسِ عنْ عوْن ابنِ أبي جُحَيْفَةَ عَنْ أبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالأبْطَحِ فَجَاءَهُ بِلَالٌ فآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ ثُمَّ خَرَجَ بِلالٌ بِالْعَنَزَةِ حَتَّى رَكَزَهَا بَيْنَ يَدَيْ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالأبْطَحِ وأقَامَ الصَّلَاةَ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، لِأَن فِيهِ الْأَذَان وَالْإِقَامَة وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ أَصْحَابه فِي السّفر. والْحَدِيث قد مر فِي: بَاب ستْرَة الإِمَام ستْرَة لمن خَلفه، وَقد ذكرنَا هُنَاكَ أَنه أخرجه فِي مَوَاضِع من كتاب الطَّهَارَة وَكتاب الصَّلَاة. قَوْله: (إِسْحَاق) وَقع فِي رِوَايَة أبي الْوَقْت أَنه إِسْحَاق بن مَنْصُور، وَبِذَلِك جزم خلف فِي الْأَطْهَار، وَتردد الكلاباذي: هَل هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم أَو ابْن مَنْصُور؟ وَرجح الجياني أَنه ابْن مَنْصُور، وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِأَن مُسلما أخرج هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور. قلت: فِيهِ نظر لَا يخفى، وَأَبُو العميس، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره سين مُهْملَة، وَأَبُو جُحَيْفَة، بِضَم الْجِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْفَاء، واسْمه: وهب بن عبد الله السوَائِي. قَوْله: (بِالْأَبْطح) وَهُوَ مَوضِع مَعْرُوف خَارج مَكَّة، (والعنزة) ، بِفَتْح النُّون أطول من الْعَصَا، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ وَفِي غَيره مُسْتَوفى.
١٩ - (بابٌ هَل يُتْبِعُ المُؤَذِّنُ فاهُ هَهنا وهَهُنا وهَلْ يَلْتَفِتُ فِي الأَذَانِ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ: هَل يتبع الْمُؤَذّن ... إِلَى آخِره. قَوْله: (يتبع) ، بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَإِسْكَان التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق