فِي التَّفْسِير، وَقد وصل هَذَا الْمُعَلق الْحَارِث بن أبي أُسَامَة وَأَبُو نعيم فِي (مستخرجه) من طَرِيقه عَن النَّضر بن مُحَمَّد اليمامي عَن عِكْرِمَة بن عمار بِهِ.
٦١٠٥ - حدَّثنا مُوساى بنُ إسْماعِيلَ حدّثنا وُهَيْبٌ حدّثنا أيُّوبُ عَنْ أبي قِلَابَةَ عَنْ ثابِتِ بن الضَّحَّاكِ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإسْلامِ كاذِباً فَهْوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ، وَلَعْنُ المؤمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مؤْمِناً بِكُفْر فَهْوَ كَقَتْلِهِ.
هَذَا أَيْضا فِي الْمُطَابقَة مثل الحَدِيث السَّابِق. وهيب مصغر وهب ابْن خَالِد، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَأَبُو قلَابَة بِكَسْر الْقَاف عبد الله بن زيد الْجرْمِي، وثابت بالثاء الْمُثَلَّثَة ابْن الضَّحَّاك بن خَليفَة بن ثَعْلَبَة الْأنْصَارِيّ، قَالَ أَبُو عمر: ولد سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة، يكنى أَبَا يزِيد سكن الشَّام وانتقل إِلَى الْبَصْرَة وَمَات بهَا سنة خمس وَأَرْبَعين، روى عَنهُ من أهل الْبَصْرَة أَبُو قلَابَة وَعبد الله بن مُغفل.
والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز عَن مُسَدّد، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة.
قَوْله: (من حلف بِملَّة غير الْإِسْلَام) قَالَ ابْن بطال: هُوَ مثل أَن يَقُول: إِن فعلت كَذَا فَأَنا يَهُودِيّ، فَهُوَ كَمَا قَالَ، أَي: كَاذِب لَا كَافِر، لِأَنَّهُ مَا تعمد بِالْكَذِبِ الَّذِي حلف عَلَيْهِ الْتِزَام الْملَّة الَّتِي حلف بهَا، بل كَانَ ذَلِك على سَبِيل الخديعة للمحلوف لَهُ فَهُوَ وَعِيد، وَقَالَ القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ: ظَاهره أَنه يخْتل بِهَذَا الْحلف إِسْلَامه وَيصير يَهُودِيّا، كَمَا قَالَ، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ التهديد وَالْمُبَالغَة فِي الْوَعيد، كَأَنَّهُ قَالَ: فَهُوَ مُسْتَحقّ لمثل عَذَاب مَا قَالَه. قَوْله: (عذب بِهِ) إِشَارَة إِلَى أَن عَذَابه من جنس عمله. قَوْله: (وَلعن الْمُؤمن كقتله) أَي: ف يالتحريم أَو فِي التأثم أَو فِي الإبعاد، فَإِن اللَّعْن تبعيد من رَحْمَة الله تَعَالَى، وَالْقَتْل تبعيد من الْحَيَاة. قَوْله: (وَمن رمى مُؤمنا بِكفْر) مثل قَوْله: (يَا كَافِر. قَوْله: (فَهُوَ)) أَي: الرَّمْي الَّذِي يدل عَلَيْهِ قَوْله: رمى كقتله وَجه المشابهة هُنَا أظهر لِأَن النِّسْبَة إِلَى الْكفْر الْمُوجب للْقَتْل كَالْقَتْلِ فِي أَن المتسبب للشَّيْء كفاعله، نسْأَل الله الْعِصْمَة.
٧٤ - (بابُ مَنْ لَمْ يَرَ إكْفارَ مَنْ قَالَ ذالِكَ مُتَأوِّلاً أوْ جاهِلاً)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من لم ير إكفار، بِكَسْر الْهمزَة من قَالَ ذَلِك إِشَارَة إِلَى قَوْله فِي التَّرْجَمَة السَّابِقَة: من كفر أَخَاهُ بِغَيْر تَأْوِيل يَعْنِي من قَالَ ذَلِك القَوْل حَال كَونه متأولاً بِأَن ظَنّه كَذَا، أَو قَالَه حَال كَونه جَاهِلا بِحكم مَا قَالَه، أَو بِحَال الْمَقُول فِيهِ.
وَقَالَ عُمَرُ لِحاطِب: إنَّهُ مُنافِقٌ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَمَا يُدْرِكَ؟ لَعَلَّ الله قَدْ اطَّلَعَ إِلَى أهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ
مطابقته هَذَا التَّعْلِيق للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَذَلِكَ أَن عمر رَضِي الله عَنهُ، إِنَّمَا قَالَ لحاطب: إِنَّه مُنَافِق، لِأَنَّهُ ظن أَنه صَار منافقاً بِسَبَب كِتَابه إِلَى الْمُشْركين، كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَهَذَا التَّعْلِيق طرف من حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ، فِي قصَّة حَاطِب قد تقدم مَوْصُولا فِي تَفْسِير سُورَة الممتحنة. قَوْله: إِنَّه مُنَافِق، رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: إِنَّه نَافق، بِصِيغَة الْفِعْل الْمَاضِي. قَوْله: (وَمَا يدْريك؟) أَي: شَيْء جعلك دارياً بِحَال حَاطِب؟
٦١٠٦ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عُبادةَ أخبرنَا يَزِيدُ أخبرنَا سَلِيمٌ حَدثنَا عَمْرُو بنُ دِينارٍ حَدثنَا جابِرُ ابنُ عَبْدِ الله أنَّ مُعاذَ بنَ جَبَلٍ رَضِي الله عَنهُ، كانَ يُصَلِّي مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثُمَّ يَأْتِي قَوْمَهُ فَيُصَلِّي بِهِمُ الصَّلَاةَ، فَقَرَأ بِهِمُ البَقَرَةَ، قَالَ: فَتَجَوَّزَ رَجُلٌ فَصَلَّى صَلَاةً خَفِيفَةً فَبَلَغَ ذالِكَ مُعاذاً، فَقَالَ: إنَّهُ مُنافِقٌ، فَبَلَغَ ذالِكَ الرَّجُلَ فأبَى النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: يَا رسولَ الله! إنَّا قَوْم نَعْمَلُ بأيْدِينا وَنَسْقِي بِنَوَاضِحِنا، وإنَّ مُعاذاً صَلَّى بِنا البارِحَةَ فَقَرَأ البَقَرَةَ فَتَجوزْتُ، فَزَعَمَ أنّي مُنافِقٌ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا مُعاذُ أفَتَّانٌ