للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشَّيْخ من حَدِيث ابْن عَبَّاس يرفعهُ: (من سمع النداء فَقَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، أبلغه الدرجَة والوسيلة عنْدك، واجعلنا فِي شَفَاعَته يَوْم الْقِيَامَة، إلَاّ وَجَبت لَهُ الشَّفَاعَة) وَفِيه: إِثْبَات الشَّفَاعَة للْأمة صَالحا وطالحا لزِيَادَة الثَّوَاب أَو إِسْقَاط الْعقَاب، لِأَن لَفْظَة: من، عَامَّة، فَهُوَ حجَّة على الْمُعْتَزلَة حَيْثُ خصصوها بالمطيع لزِيَادَة درجاته فَقَط.

(بابُ الاستِهَامِ فِي الأذَانِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الاستهام أَي: الاقتراع فِي الْأَذَان. قَالَ الْخطابِيّ: وَإِنَّمَا قيل لَهُ الاستهام: لأَنهم كَانُوا يَكْتُبُونَ أَسْمَاءَهُم على سِهَام إِذا اخْتلفُوا فِي الشَّيْء، فَمن خرج سَهْمه غلب، والقرعة أصل من أصُول الشَّرِيعَة فِي حَال من اسْتَوَت دَعوَاهُم فِي الشَّيْء لترجيح أحدهم، وفيهَا تطبيب الْقُلُوب.

ويُذْكَرُ أنَّ أقْوَاما اخْتَلَفُوا فِي الآذَانِ فَأقْرَعَ بَيْنَهُمْ سَعْدٌ

ويروى: (أَن قوما) . قَوْله: (الْأَذَان) أَي: فِي منصب التأذين، يَعْنِي: اخْتلَافهمْ لم يكن فِي نفس الْأَذَان، وَإِنَّمَا كَانَ فِي التأذين، وَالْأَذَان يَأْتِي بِمَعْنى: التأذين، وَسعد هُوَ سعد بن أبي وَقاص، أحد الْعشْرَة المبشرة، وَكَانَ ذَلِك عِنْد فتح الْقَادِسِيَّة فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي سنة خمس عشرَة، وَكَانَ سعد يَوْمئِذٍ أَمِيرا على النَّاس. وَذكره البُخَارِيّ هَكَذَا مُعَلّقا، وَأخرجه سعيد ابْن مَنْصُور، وَالْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي عبيد، كِلَاهُمَا عَن هشيم عَن عبد الله بن شبْرمَة قَالَ: تشاح النَّاس فِي الْأَذَان بالقادسية فاختصموا إِلَى سعد بن أبي وَقاص، فأقرع بَينهم، وَهَذَا مُنْقَطع، وَقد وَصله سيف بن عمر فِي (الْفتُوح) والطبري من طَرِيقه: عَنهُ عَن عبد الله بن شبْرمَة عَن شَقِيق وَهُوَ أَبُو وَائِل قَالَ: افتتحنا الْقَادِسِيَّة صدر النَّهَار، فتراجعنا وَقد أُصِيب الْمُؤَذّن، فَذكره وَزَاد: فَخرجت الْقرعَة لرجل مِنْهُم، فَأذن. وَقَالَ الصغاني: الْقَادِسِيَّة قَرْيَة على طَرِيق الْحَاج على مرحلة من الْكُوفَة. وَقيل: مر إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بالقادسية فَوجدَ هُنَاكَ عجوزا، فغسلت رَأسه فَقَالَ: قدست من أَرض، فسميت: الْقَادِسِيَّة. وَقيل: سميت بهَا لنزول أهل قادس بهَا، وقادس قَرْيَة بمروالروذ.

٦١٥ - حدَّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أبِي بَكْرٍ عنْ أبي صَالِحٍ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَوْ يَعْلمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَاّ أنْ يَسْتَهِمُوا عليهِ لاستهموا ولَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إلَيْهِ ولَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا ولَوْ حَبْوا. .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (لَو يعلم النَّاس مَا فِي النداء) وَهُوَ الْأَذَان.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: عبد الله التنيسِي، وَمَالك ابْن أنس، وَسمي، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف؛ مولى أبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام الْقرشِي الْمدنِي، قَتله الحرورية بِقديد سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَة، وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد، وبصيغة الْإِخْبَار كَذَلِك فِي مَوضِع، وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن رُوَاته مدنيون مَا خلا شيخ البُخَارِيّ.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الشَّهَادَات عَن إِسْمَاعِيل. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن يحيى بن يحيى. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن مُوسَى عَن معن بن عِيسَى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عتبَة بن عبد الله وقتيبة فرقهما وَعَن الْحَارِث بن مِسْكين عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم، سبعتهم عَن مَالك بِهِ.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لَو يعلم النَّاس) قَالَ الطَّيِّبِيّ: وضع الْمُضَارع مَوضِع الْمَاضِي ليُفِيد اسْتِمْرَار الْعلم. قَوْله: (مَا فِي النداء) أَي: الْأَذَان، وَهِي رِوَايَة بشر بن عمر عَن مَالك عِنْد السراج. فَإِن قلت: مَا الْفرق بَين النداء وَالْأَذَان؟ قلت: لَفْظَة الْأَذَان والتأذين أخص من لفظ النداء لُغَة وَشرعا. وَالْفرق بَين الْأَذَان والتأذين أَن التأذين يتَنَاوَل جَمِيع مَا يصدر من الْمُؤَذّن من قَول وَفعل وهيئة وَنِيَّة، وَأما الْأَذَان فَهُوَ حَقِيقَة تعقل بِدُونِ ذَلِك. قَوْله: (والصف الأول) زَاد أَبُو الشَّيْخ فِي رِوَايَة لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>