وَمَعْنَاهُ: يدْخلُونَ صفا وَاحِدًا، فَيدْخل الْجَمِيع دفْعَة وَاحِدَة، وَإِن لم يحمل على هَذَا الْمَعْنى يلْزم الدّور، وَإِنَّمَا وَصفهم بالأولية والآخرية بِاعْتِبَار الصّفة الَّتِي جازوا فِيهَا على الصِّرَاط. وَفِيه: إِشَارَة إِلَى سَعَة الْبَاب الَّذِي يدْخلُونَ مِنْهُ الْجنَّة. وَقَالَ عِيَاض: يحْتَمل أَن يكون معنى قَوْله: متماسكين، أَنهم على صفة الْوَقار فَلَا يسابق بَعضهم بَعْضًا بل يكون دُخُولهمْ جَمِيعًا. وَقَالَ النَّوَوِيّ: مَعْنَاهُ أَنهم يدْخلُونَ معترضين صفا وَاحِدًا بَعضهم بِجنب بعض. قَوْله: (ووجوههم على ضوء الْقَمَر) الْوَاو فِيهِ للْحَال.
٤٤٥٦ - حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدّثنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ حدّثنا أبي عنْ صالِحٍ حدّثنا نافِعٌ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (إذَا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ وأهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُومُ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ: يَا أهْلَ النَّارِ لَا مَوْتَ، وَيَا أهْلَ الجَنةِ لَا مَوْتَ خُلُودٌ) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن فِيهِ ذكر دُخُول الْمُؤمنِينَ الْجنَّة.
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم يروي عَن أَبِيه إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان الْغِفَارِيّ بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْفَاء وبالراء.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي صفة النَّار عَن زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره.
قَوْله: (يَا أهل النَّار) أَصله: يَا أهل النَّار، حذفت الْهمزَة تَخْفِيفًا، وَكَذَا قَوْله: (يَا أهل الْجنَّة) قَوْله: (لَا موت) مبْنى على الْفَتْح. قَوْله: (خُلُود) إِمَّا مصدر وَإِمَّا جمع خَالِد، وَالتَّقْدِير: الشَّأْن أَو هَذَا الْحَال خُلُود، أوأنتم خَالدُونَ.
٥٤٥٦ - حدّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ حدّثنا أبُو الزِّنادِ عَن الأعْرَجِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (يُقالُ لأِهْلِ الجَنَّةِ: يَا أهْلَ الجَنّةِ خُلُودٌ لَا مَوْتَ، ولأِهْلِ النَّار: يَا أهْلَ النّارِ خُلُودٌ لَا مَوْتَ) .
مُطَابقَة هَذَا للتَّرْجَمَة مثل مَا ذكرنَا فِي الحَدِيث السَّابِق. وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَأَبُو الزِّنَاد عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.
قَوْله: (يَا أهل الْجنَّة) لم يثبت فِي رِوَايَة غير الْكشميهني. قَوْله: (لَا موت) زَاد الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي رِوَايَته: لَا موت فِيهِ.
١٥ - (بابُ صِفَةِ الجَنَّةِ والنّارِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان صفة الْجنَّة وَصفَة النَّار، وَقد وَقع فِي بَدْء الْخلق: بَاب مَا جَاءَ فِي صفة الْجنَّة، وَبَاب صفة النَّار.
وَقَالَ أبُو سَعِيدٍ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أوَّلُ طَعامٍ يأكُلُهُ أهْلُ الجَنّةِ زِيادَةُ كَبِد حُوتِ) .
أَبُو سعيد هُوَ سعد بن مَالك الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، هَذَا الحَدِيث قد مضى مطولا عَن قريب فِي: بَاب يقبض الله الأَرْض. قَوْله: (كبد حوت) فِي رِوَايَة أبي ذَر: كبد الْحُوت.
عَدْنٌ خُلْدٌ، عَدَنْتُ بأرْضٍ أقَمْتُ، ومِنْهُ المَعدِنُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير عدن فِي قَوْله تَعَالَى: {جنَّات عدن} (التَّوْبَة: ٢٧،) وَفسّر العدن بقوله: خلد، بِضَم الْخَاء وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْخلد دوَام الْبَقَاء، تَقول: خلد الرجل يخلد خلوداً، وأخلده الله إخلاداً، وخلده تخليداً. قَوْله: (عدنت بِأَرْض) : اقمت بِهِ أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن معنى العدن الْإِقَامَة، يُقَال: عدن بِالْبَلَدِ أَقَامَ بِهِ. قَوْله: وَمِنْه الْمَعْدن، أَي: وَمن هَذَا الْبَاب: الْمَعْدن الَّذِي يسْتَخْرج مِنْهُ جَوَاهِر الأَرْض كالذهب وَالْفِضَّة والنحاس وَالْحَدِيد وَغير ذَلِك.
فِي مَعْدِنِ صِدْقٍ: فِي مَنْبِتِ صِدْقِ